{
{ التوجيهات التربوية لسنة التغيير }
إن القرآن يوجه النظر إلى سنن الله في المجتمع الإنساني ؛ إذ ليس القانون الاجتماعي إلا الترابط المطرد بطريقة ما بين ظاهرتين أو ظواهر اجتماعية، أن لله سننا في الأمم والجماعات ويدعو إلى السير إليها والتفكر فيها 000والقرآن يلفت النظر إلى هذه السنن في المجتمع ، وأنها صارمة ودقيقة كسننه في الطبيعة وان الأمم لها أجال كالأفراد تبعا لأسباب قدرها في صحتها وإمراضها ) (المبارك، 36)
قال تعالى:{كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} (القصص:58)
(( إن التغير الذي تسعى التربية أو الجهد التربوي إلى تحقيقه سواء في سلوك الفرد ، أو في حياته الشخصية ، أو في حياة المجتمع أو في البيئة التي يعيش فيها الفرد ، أو في العملية التربوية نفسها ، أو في عمل التعليم كنشاط أساسي وكمهنة من المهن الأساسية في المجتمع )) .(الشيباني ،282 )
كما إن الدلالة على فعل الخير وتعلمه من أهم المبادئ التربوية التي تسعى التربية الأمنية إلى تحقيقه ، حيث إن مثل هذا السلوك يوجد لدى الفرد قدرة على التمييز بين فعل الخير والشر ، ويوجد عنده القدرة على اكتساب المهارة الصالحة ، ونبذ الأدنى والأقبح ، والناشئ المسلم لديه الاستعداد التام على سلوك منهج الفطرة السليمة قال عليه الصلاة والسلام ( كل مولود يولد على الفطرة ) (لبخاري ، الحديث رقم 1292).
وعلى التربية أن تهتم بإيقاظ ضمائر الناشئة وتهذيبها بإيضاح الخير والشر لها ودعوتها إلى السلوك المستقيم ، ونبذ الانحراف وتقبيحه في عيونهم وذم مرتكبه وتعويدهم على قبول التوبة منهم ، والعفو عنهم عندما يقلعون عن السلوك الخاطئ.
(إن الندم انتفاضة على الخطيئة ، والتوبة قرار وعزيمة على عدم الرجوع إلى الجريمة مرة أخرى ، وإذا كان هناك شك من بعض رجال الفكر في جدوى تأنيب الضمير والندم والتوبة فإني بكل تأكيد ممن يرى جدواها ، وهناك كثير من المربين يؤكدون دور الندم والتوبة كوسيلة للتربية الوجدانية والعدول عن الجريمة ومن هؤلاء (الويس لافيل) إذ يقول لابد من التفريق بين تأنيب الضمير وبين الندم على الرغم من اشتراكهما في الرجوع إلى الماضي ذلك أن تأنيب الضمير يحبس الإنسان في دائرة أمله بما جنت يداه ).( يالجن ، 109)
إن التغير يبدأ من الحظة التي يشعر فيها الإنسان بألم المعصية وبلحظة الندم التي تؤدي إلى التوبة (( بل إن التوبة لا تنشأ إلى عن الندم ، والتوبة تضع حداً أمام انتشار الجريمة وازديادها ، ثم إن التوبة توقظ الوجدان من سباته وتجعله يشمئز من الخطيئة ، وهذا وذاك يقوي عزيمته في محاربة الفساد ومحاربة أهوائه وهذا يزيل من الوجدان ما ران عليه فيعيد إليه صفاءه وحساسيته ، والندم والتوبة يدفعان الإنسان إلى مزيد من الأعمال الحسنة لتغطية السيئات وتدفع المسيء إلى أن يحسن للذي أساء إليه)).( الكيلاني :1408 ،101)
إن مسؤوليزهرة،بية الإسلامية أن تربي أفرادها على القيم الإسلامية والانتماء إليها وإلا الأخلاق الحميدة ، وأن تشجع فيهم قوة التصدي والنقد لكل ما هو دخيل على حضارتنا وقيمنا وأن تعزز في أفرادها بأنهم جزء أصيل من المجتمع المحيط بهم لا يمكن أن ينفصل بعضه عن بعض بل الجميع يعيش آمال وأحزان مجتمعه ، يفرح لفرحهم ويتألم لألمهم ويسعى لهم وعليهم ، ولقد امتاز الإسلام بأنه دين (( قيم اجتماعية ، وضوابط سلوكية مادية ومعنوية ، ومثل تلك القيم الأمنية الاجتماعية التي تعتبر بمثابة محددات لسلوك الأفراد والجماعات ومن هنا امتاز الإسلام بأنه أعطى نظاماً متكاملاً للحياة الاجتماعية التي تشمل الفرد والجماعة.)) ( أبو زهرة، 25)
إن المجتمع المعاصر في حادة إلى تلك التربية التي تحدث ذلك التغيير الاجتماعي الذي يهدف إلى بناء القيم الإسلامية و تطبيق شرائع الإسلام و تربية المجتمع المسلم على ذلك ليقودنا ذلك إلى قيام مجتمع إسلامي وحضارة إسلامية تقيم الكتاب والسنة ويتمخض عن هذا القيام خروج نظم أخلاقية واجتماعية واقتصادية وسياسية ذات صبغة إنسانية نابعة من الإسلام ذاته تحل كل الإشكاليات التي طوقت المجتمع سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع .
ولا يمكن أن نخفي دور التربية وأثرها في نشر الثقافة الإسلامية وإبراز الصورة الحضارية للمجتمع المسلم وبهذا فالمدرسة مسئولة عن (( إعادة بناء الاتجاهات الحياتية لدى الصغار والتي تكون قد تكونت لديهم أثناء فترة تربيتهم الأسرية ، وكذلك تقديم عناصر جديدة لقيادة عملية التغير الاجتماعي والثقافي نحو التقدم .. والمدرسة بفعالياتها التربوية والعميلة والاجتماعية يمكنها في ظل الوظائف المثالية ، أن تقضي على التناقضات الاجتماعية وتعالج كثيراً من النقائض في كيان المجتمع وتعمل على استمرار ما هو مرغوب فيه من نشاطات وفعاليات وتحقيق المثل والمستويات التي ينشدها المجتمع )) ( شقشق ، 65)
إننا في حاجة إلى تنشئة اجتماعية تحمل سمات عقيدتنا ومجتمعنا ، ولابد أن تحمل هذه التربية في ثناياها (( استبطان الفرد لثقافة المجتمع وبالتالي يصبح هذا الفرد حاملاً للثقافة ، بحيث تصبح أنماط السلوك والعادات والتقاليد والقيم وأساليب التفكير العامة والسائدة في المجتمع جزءاً من كيانه تتشكل بها جوانبه ، كما يتشكل بها في نفس الوقت ما يصدر عنه من تصرفات في المواقف المختلفة وبحيث تصبح له حصيلة ثقافية خاصة به وهو يفكر ويعمل ويرى الأشياء ويدرك ما حوله بواسطتها فبواسطة هذه الثقافة تنمو الإمكانات والاستعدادات التربوية بها 0(سلطان ، 108)