ست ملاحظات على الحروف التي تخرج من الشفتين
الشفتان وفيهما مخرجان :
1- بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا : ويخرج منه الفاء فقط. مثل : (وَالشَّفْعِ).
قال ابن الجزريّ :
.......ومن بطن الشّفهْ ********** فالفا مع اطْرافِ الثّنايا الْمُشْرِفَه
2- من بين الشّفتين العليا والسفلى : ويخرج منه ثلاثة حروف :
الواو – غير المدية – مثل : ( وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ) والباء , مثل : (وَأَبْقَى)
والميم , مثل (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) وتسمّى الحروف الشفوية لخروجها من الشّفة.
قال ابن الجزريّ :
للشّفتين الواوُ بَاءٌ ميمُ ......................
الملاحظات
الملاحظة الأولى :
بعد التأمل الدقيق في مخارج الحروف نجد أن الشفتين لهما دور كبير جداً في نطق جميع الحروف المفردة والمجتمعة , ويظهر دورهما بكشل بارز عند توالي الحروف المتباينة في الحركات كالضم مع الكسر , مثل : (أُمِرُوا) أو الضم مع السكون , مثل: (وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ). وهذه ملاحظةٌ يغفل عنها الكثيرون , ولذلك فإن من لم يهتم بهيئة شفتيه عند نطق الحروف فإنها تخرج غير متقنة , فمثلاً عندما تنطق : إِيْ , تكون هيشة الشفتين مختلفة تماماً عندما تنطق : أُوْ.
وحاول أن تتدرب على نطق الألفاظ التالية ملاحظا الفرق بينها : ( أُحْ , أَحْ , إِحْ , هُمْ , هَمْ , هِمْ , صُمٌّ , بُكْمٌ , عُمْيٌ , وهكذا فإنك سترى أثر هيئة الشفتين واضحاً في هذه الكلمات.
ويجب الإهتمام بضمِّ الشفتين ضمَّاً تاماً عند الحروف المضمومة فإن كثيراً من الناس لا يُتِمُّون ذلك, وخاصّةً في مثل :
( عَلَيْكُمْ , مِنِهُم ) , وفي ( وَأَكوابٌ مَّوْضُوعَةٌ ), والاهتمام بانفراج الشفتين وانفتاحهما عرضاً عند المكسور , مثل : ( بِهِ ) , عَلَيْهِمْ ) , قال الإمام الطَّيبيٌّ :
وكُلُّ مَضـْمُومٍ فَلـَنْ يَتِمَّا ****** إلاَّ بِضـَمَّ الشَّفّتينِ ضَمَّا
وذُو انْخِفاضٍ بانْخِفاضٍ للْفَمِ **** يَتِمُّ, والمَفْتُوحُ بالْفَتْحِ افْهَمِ
وهذا ما يطلق عليه إتمام الحركات أو الإشباع
الملاحظة الثانية :
إنّ الله تعالى خلق الشفتين لفوائد كثيرةٍ , ومن هذه الفوائد : إضفاءُ مسحةٍ خاصةٍ على جمال منطق الإنسان , وهيَّأ فيهما عضلاتٍ تستجيب لأوامر الإنسان في أي لحظة , فإذا نشّط هذه العضلات , وأيقظها بالضم والفتح , والإطباق , والضغط عليها وترويضها , فإنها ستستجيب له وتعطيه الهيئة المطلوبة لنطق أي حرفٍ , ولا شك أن ذلك سيساعد الفك على المرونة في النطق , فعلى من يرغب بتحسين تلاوته أن يتنبَّهَ إلى هذا , وأن يسمع النطق الصحيح من المشايخ , ثم يتدرّب عليه , وَيُرَوْضَ شتفيه على تحسينه ,
ورحم الله الإمام ابن الجزريّ إذ يقول عن التجويد :
وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَرْكِهِ ******** إلاّ رِياضَةُ امْرِىء بِفَكِّهِ
الملاحظة الثالثة :
لا يخفى علىفطنتك أن الواو التي تخرج من الشفتين هي غير المدية كما سبق , وأن هذه الواو تخرج بانضمام الشفتين , بينما الباء والميم يخرجان بانطباق الشفتين , والفرق واضح بين الانضمام والانطباق .
وقد ذكر بعض العلماء أن الشفتين تنفتحان مقبَّبَتين بالواو , وهو تعبير دقيق مطابق للواقع.
كما ذكر بعض المحققين أن الباء
بَحْرِيّه , والميم بَرّيّة ,
بمعنى أن لكل من الشفتين طرفين , طرف يلي داخل الفم وفيه رطوبةٌ وطرواةٌ , وطرف يلي البشرةَ إلى خارج الفم وفيه جفافٌ , فالمنطبق من الشفتين عند الباء هو الطرف الذي يلي داخلَ الفم ( البحريّ ) , والمنطبق عند الميم هو الطرف الذي يلي البشرة وهو ( البرّيّ ) .
ويلاحظ أن انطباق الشفتين مع الباء ينبغي أن يكون أقوى من انطباقهما مع الميم.
الملاحظة الرابعة :
أما بالنسبة للواو : فينبغي الاهتمام بها من عدة وجوه :
إذا جاءت مضمومة فينبغي تخليص ضمّها , وذلك في مثل قوله تعالى :
( تَفَاوُتٍ ) , و ( وَوُجُوهٌ ) , و ( وَلاَ تَنسَوُ الْفَضْلُ بَيْنَكُمْ ) ,
وكذلك الأمر إذا كسرت ينبغي إجادة إخراج الشفتين حتى تخرج رقيقة مشبعة الكسر مثل : ( وَلِكُلٍ وِجْهَةٌ ) ,
واحذر من إخراجها مشُوبَةً بغنّة من الأنف في كل أحوالها
الملاحظة الخامسة :
إذا كررت الواو ينبغي الاهتمام بها بشكل خاص , مثل : ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ )
( وُوريَ ) ,
وكذلك إذا شددت ينبغي أن تحترز من مضغها مثل : ( وَأُفَوِّضُ ) , و ( لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ ) ,
وقد تم ذكر الملاحظات في الياء المشددة , وهي تشترك مع الواو في ضرورة نبْر التشديد فيهما نَبْراً , لأن اللسان يضعُفُ قليلاً عندهما.
قال الإمام الجزري :
(( فكثيراً ما يتواهن في تشديدها ( أي الياء ) وتشديد الواو أختها , فيلفظ بهما لينتين ممضوغتين , فيجب أن ينبوَ اللسان بهما نَبْوَةً واحدةً وحركةً واحدة , وبعض القراء يبالغ في تشديدها فيُحَصْرِمُها , وليْته لو يُخَضْرِمُها )).
الملاحظة السادسة :
وأما إذا شُدِّدتْ الواو ثم جاء بعدها تنوين وبعد التنوين واو , مثل :
( عَدُوًّا وَحَزَنًا) , و ( غُدُوًّا وَعَشِيًّا ) , فينبغي أن تنتبه إلى ملاحظة نطق الواو المشددة الأولى وإخراجها من الشفتين بدون غنّة , ثم ادْخُلْ على التنوين المدغم فأخرج الغنة من الأنف , ثم انطق بواو مفتوحة صافية من الغنة ,
وهذه دقيقة من الدقائق يغفل عنها الكثيرون .
واحذر أشد الحذر –هنا- أن تولِّد من الفتحات ألفاتٍ , كما يفعله بعض القراء المشهورين , حتى لا تقع فيما يسمى بالإدخال