إ(ان شانئك هو الأبتر)
نزلت هذه الآية لما مات ابني الرسول صلى الله عله وسلم فقالت قريش بتر محمد واذا مات ابناء الشخص المذكور يقال له أبتر.
ما هو تعريف كلمة الأبتر وما معناها؟ الأبتر في اللغة لها عدة معاني:
1. كل أمر انقطع من الخير أثره فهو ابتر
2. إذا مات اولاد الشخص الذكور او ليس له اولاد ذكور أصلاً
3. الخاسر يسمى أبتر
من أشهر ما ذكر في اسباب النزول حادثة وفاة ابني الرسول عليه الصلاة والسلام
هو الأبتر" يقال هو الغني لتفيد التخصيص. هو غني: اي هو من جملة الأغنياء.
أراد الله تعالى ان يخصص الشانئ بالأبتر ولم يقل إن شانئك هو أبتر. هو في الآية ضمير منفصل وتعريف الأبتر بأل التعريف حصر البتر بالشانئ تخصيصاً.
شنئان: بغض.
جعل الله تعالى مجرد بغض الرسول هو خسارة وهذه خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يقل عدوك هو الابتر لأن مجرد الشنئان للرسول هو بغض وخسارة ولو لم يعلن عداوته علناً (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن)
لماذا قال الأبتر ولم يقل المبتور؟
الأبتر صفة مشبهة على وزن أفعل تفيد الثبوت مثل الأحمر والأعرج والأسمر والأصلع.
المبتور صيغة فعول تدل على الحدوث فترة مثل مهموم ومحزون ومسرور ولا تدل على الثبوت بل تتحول.
فاستخدام الأبتر وجب بكل معاني البتر مع استمرارية هذه الصفة مع انقطاع ذريته حقيقة او حكماً ويقال إن شانيء الرسول انقطع نسله بتاتاً إما بانقطاع الذرية أصلاً او بإسلام ذريته من بعده فلا يدعون لأبيهم الكافر ابداً فينقطع ايضاً ذريته وذكره بعد موته، فقد بتر من الذرية وبتر من الخير أيضاً (وورد أن شانيء الرسول صلى الله عليه وسلم هو أبو جهل الذي اسلم أبناؤه كلهم وآمنوا بالله وبرسوله ).
لماذا لم يقل وجعلنا شانئك هو الأبتر او سنجعل شانئك هو الأبتر؟
الخير الكثير هو الذي يعطيه الله تعالى والعطاء يقاس بقدر العطاء وقيمته وبقدر المعطي فاذا كان المعطي عظيما كان العطاء عظيماً. من ناحية المعطي ليس هناك أعظم من الله تعالى والكوثر هو الخير الكثير اما الأبتر فهو ليس جعلاً إنما صفته الأصلية فهناك فرق بين جعل الإنسان بصفة معينة او انه كذلك بصفته الأصلية.
شانئك من حيث البيان هي أقوى الالفاظ وفي قراءة (شنئك) تفيد ان الابتر هو الذي بالغ في الشنئ. ارتبط آخر السورة بأولها فالله تعالى أعطى في اولها الكثير من الخير وفي المقابل جاءت كلمة الابتر وهو الذي خسر كل شيء والذي انقطع أثره من كل خير مقابل الخير الكثير الذي أعطاه الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم.
الرسول لم يخسر لا في الدنيا ولا في الآخرة وهو ليس بالأبتر فالرسول يذكر اسمه في كل ثانية وهذا خاص بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إنما الشانيء فهو الابتر في الدنيا والآخرة وهو الخاسر مادياً ومعنوياً.
المصدر
لمسات بيانية في سورة الكوثر للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي استاذ الأدب في كلية اللغة العربية في جامعة الشارقة
التوقيع