تذوق بلاغة آية من آيات الله تعالى .
هذه آية من آيات الله - تعالى وتقدس- المختارة المبهرة في خلق الأنهار والبحار وجعل العذوبة والملوحة فيها وجريان السفن عليها ، التي تذوقتها واستوقفتني من خلال الأساليب البلاغية الرائعة والبيان العجيب معاني لم نكن من قبل نحسُّ ونشعر بها أو نتذوقها لتأخذ باللباب ، كيف لا وهو آيات كتاب الله الذكرالحكيم والصراط المستقيم والسراج المنير الذي لا تزيغ به الأهواء ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه ولا يُسأم ويخلق عن كثرة الرد ، فهو كما قال الشاطبي : " وترداده يزداد فيه تجملاً " .
ومن هذه الآيات العظيمة التي تذوقتها ما قاله الله تعالى في سورة النحل
: وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) سورة النحل
فاستخرجت بعض الصور البلاغية فيها بإيجاز منها :
- استعارة في قوله تعالى : "وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ" ، فجعله تعالى كالحيوان المسخر للإنسان .
- مجاز عقلي ، حيث قال تعالى : "لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ" فالأكل من الحيوانات والأحياء البحرية .
- أيضاًُ إيجاز فاستغنى بـ" مِنْهُ " عن ذكر أسمائه وحيتانه وأحياءه .
- أيضاً الكناية ، حيث كنى سبحانه عن الحيتان والأسماك باللحم الطري .
- وأيضاً فيه العنوان ، وهو لفت الانتباه للعلوم التجريبية الدنيوية وهي هنا صناعة الحلي للتزين بها .
- الكناية أيضاً في : " حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا " بدل اللؤلؤ والمرجان .
- الالتفات ، من أفعال ( لتأكلوا.. وتستخرجوا.. تلبسونها.. وترى.. ) .
- كناية وإيجاز ، في : " وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ " أي : كناية عن طلب الكسب والرزق فيه من صيد الأسماك والحيتان وغيرها من الأحياء البحرية ، وتستخرجوا منه اللؤلؤ والمرجان وغير ذلك .
فما أجمل تمعن وتدبر بلاغة الآيات القرآنية فهي تورث الحلاوة والذوق القرآني المجيد .
لا تنسونا من خالص دعائكم