سوق عكاظ
سبب تسميته
إن بين تسميتها وبين ما يدور فيها من نشاطات صلة قوية، فقد اشتق اسمها من المعاكظة وهي المحاجة في المفاخرة التي كانت إحدى نشاطات ذلك السوق، ولقد تحدث عن ذلك اللغويون الخليل بن أحمد مثلاً يقول: (وسُمّي به لأن العرب كانت تجتمع فيه كل سنة فيعكظ بعضهم بعضًا بالمفاخرة والتناشد : أي يُدعك ويُعرك، وفلان يعكظ خصمه بالخصومة : يمعكه).
وكما شغلت لفظة (عكاظ) اللغويين فقد شغلت النحويين فنظروا إليها وهم مختلفون من ناحية صرفها وعدمه، وأدلى كل فريق بعلته مستندًا على ما قيل فيها من شعر وخلاصة القول ما قاله اللحياني: أهل الحجاز يجرّونها، وتميم لا تجرّها، قال أبو ذؤيب :
إذا بُني القبابُ على عكاظ وقام البيعُ واجتمع الألوف من الناس فالموقع
شعراء عكاظ
تلتقي القبائل والعشائر في سوق عكاظ، فيدير شؤون كل قبيلة شيوخُها ورؤساؤها. ويقضي بين الناس إذا تنازعوا قضاة معترف بهم، من أشهرهم أكثم حكيم العرب من ، وكان يُضرب فيه المثل في النزاهة وحب الخير والحكمة، و عامر بين الظَّرِب من بني عَدْوان من قيس عيلان، و حاجب بن زرارة ، و عبد المطلب ، و أبو طالب ، و العلاء بن حارثة من بني قريش ، و ربيعة حُذار من بني أسد.
أثر ها السوق
وقد ساهم سوق عكاظ كونه ملتقى للشعراء وحاضناً لهم ومنبعاً لقرائحهم- ساهم في إخراج عدد من الأسماء والقصائد الشعرية الكبيرة في تاريخ الأدب العربي، وهناك كانوا يتبايعون ويتعاكظون، ويتفاخرون، ويتحاججون، وتنشد الشعراء ما تجدد لهم، وقد كثر ذلك في أشعارهم، كقول حسان:
سأنشرُ إن حييتُ لهم كلاماً يُنشرُ في المجامع من عكاظ
وممن برز فيه وعلا فيه شأنه النابغة الذبياني ، الذي ترأس سوق عكاظ، وفي ذلك يقول الأصمعي : كان النابغة يُضرب له قبة حمراء من أدم بسوق عكاظ، فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها.
وفيها كان يخطب كل خطيب مصقع، ومنهم
قس بن ساعدة الأيادي؛ إذ خطب خطبته الشهيرة هناك، وهو على جمله الأورق؛ والتي جاء فيها: "أيها الناس، اسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، ليلٌ داجٍ، ونهار ساجٍ، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة، وأرض مدحاة، وأنهار مجراة، إن في السماء لخبراً، وإن في الأرض لعبراً، ما بال الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا أم تُركوا فناموا، يقسم قس بالله قسماً لا إثم فيه، إن لله ديناً هو أرضى له، وأفضل من دينكم الذي أنتم عليه، إنكم لتأتون من الأمر منكراً".
وفيه عُلّقت القصائد السبع الشهيرة افتخاراً بفصاحتها على من يحضر الموسم من شعراء القبائل إلى غير ذلك، وكان كل شريف إنما يحضر سوق بلده إلاّ سوق عكاظ، فإنهم كانوا يتوافدون إليها من كل جهة، فكان يأتيها قريش، وهوازن، وسليم، والأحاشيش، وعقيل، والمصطلق، وطوائف من العرب.
استمرت سوق عكاظ أكثر من قرنين، والمرجح أنها بدأت قبل الهجرة بسبعين سنة، واستمرت في الإسلام حتى سنة 149هـ حين نهبها الخوارج.
وسكان سوق عكاظ الأوائل هم قبيلة هوازن وعدوان التي قيل عنها ذو الإصبع العدواني أحد المعنيين بالسوق و هوازن وهم قبيلة دريد بن الصمة وتسكن قرب السوق قبيلة من قريش وجماعة من الأشراف ذوي جود الله. >>
وهناك نشاط قبلي وسياسي لحل المشكلات بين الامم والقبائل وعقد عهود السلام وتسليم الاسرى وابراز المعاهدات وتقويم الفرسان وتحديد مراكز الفرسان.
وزار الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السوق مع أعمامه محارباً متشوقاً وبعد نزول الوحي عليه داعياً إلى الله وقد دمر هذا السوق على يدي الخوارج الحرورية عام 129ه