الحمد لله ربّ العالمين
،لماذا دعا نوح عليه السلام على قومه بينما عادة الرسل الصبر على أقوامهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
واُصلّي وأُسلّمُ على مَن بُعِثَ رحمةً للعالمين، وعلى آلهِ وصحبه أجمعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، أما بعد:
من المعلوم أنّ الأنبياء عليهم الصلاةُ والسلام أكثر الخلقِ رحمةً ورأفةً على أقوامهم، والمتتبع لسير الأنبياء في القرآن يرى من ذلك العجاب...، فانظر إلى سيّدنا نوح عليه الصلاة والسلام كيف دعا قومَه ألفَ سنةٍ إلاّ خمسين عاماً؛ فضربَ أروعَ الأمثلة على استقامة الداعي، وعدم يأسهِ، ولم يدعُ على قومهِ طيلة هذه الفترة الطويلة.
وقد ذكر المفسرون آثاراً كثيرة حول الأذى الذي تعرّض له سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام. وقد تأمّلتُ كثيراً قولَ نوح عليه الصلاة والسلام: ((ربِّ لا تَذَرْ على الأرضِ منَ الكافرينَ ديّاراً))
، فإنه لم يدعُ عليهم إلا بعدما أخبره المولى جلّ وعلا أن بابَ الهداية قد أغلِقَ على من تبقّى من قومه: ((وأوُحِيَ إلى نوحٍ أنّهُ لن يُؤمِنَ من قومِكَ إلا من قد آمَنَ فلا تبتئسْ بما كانوا يفعلون))
، هنا دعا سيّدنا نوح عليه الصلاةُ والسلام؛ وذكر السببَ في قوله((إنَّكَ إن تَذَرْهُم يُضِلّوا عبادَك ولا يَلِدُوا إلاّ فاجراً كفّاراً))
، فذكر سببين اثنين
الأول: الخوف على المؤمنين الصالحين من هؤلاء الكافرين.
الثاني: أنّ في بقائهم زيادة عدد المعذبين في النار.
لذلك دعا سيدنا نوح عليه السلام على أهل الكفر فدعاؤه ليس مبنياً على الغضب والانتقام -كما قاله بعض المفسرين -، وهذا من عجائب سيرهم عليهم الصلاة والسلام، فانظر إلى صبرهم وتحملهم، وما يحملونه في قلوبهم من العواطف.
فاللهم ارزقنا رحمةَ في قلوبنا؛ تقودنا إلى الشفقة على أنفسنا وإخواننا وعبادك الغافلين، واجعلنا دعاةً إليك وإلى سنة رسولك على نهج الأنبياء عليه أفضل الصلاة والتسليم.