[frame="1 80"]
أظن بل أجزم أن فوضى الفتوى الموجودة اليوم لم يكن لها مثيل
والتجرؤ على أحكام الدين بات لمن هب ودب
وللأسف بات الاخذ بالرخص ديدن كثير من الناس حتى أضحت أحكام الشريعة ألعوبة
ونظرا لأن هذا المنبر الفقهي في هذا المنتدى
لا بد أن نحييه بقضايا حية وهامة
فما حكم الاخذ بالرخصة للتشهي ؟؟؟؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
1- الرخصة الشرعية هي ما شُرع من الأحكام لعذر، تخفيفًا عن المكلفين، مع قيام السبب الموجب للحكم الأصلي.
ولا خلاف في مشروعية الأخذ بالرخص الشرعية إذا وجدت أسبابها، بشرط التحقق من دواعيها، والاقتصار على مواضعها، مع مراعاة الضوابط الشرعية المقررة للأخذ بها.
2- المراد بالرخص الفقهية ما جاء من الاجتهادات المذهبية مبيحًا لأمر في مقابلة اجتهادات أخرى تحظره.
والأخذ برخص الفقهاء، بمعنى اتباع ما هو أخف من أقوالهم، جائز شرعًا بالضوابط الواردة في البند 4.
3- الرخص في القضايا العامة تُعامل معاملة المسائل الفقهية الأصلية إذا كانت مُحققة لمصلحة معتبرة شرعًا، وصادرة عن اجتهاد جماعي ممن تتوافر فيهم أهلية الاختيار ويتصفون بالتقوى والأمانة العلمية.
4- لا يجوز الأخذ برخص المذاهب الفقهية لمجرد الهوى، لأن ذلك يؤدي إلى التحلل من التكليف، وإنما يجوز الأخذ بالرخص بمراعاة الضوابط التالية:
أ- أن تكون أقوال الفقهاء التي يترخص بها مُعتبرة شرعًا ولم توصف بأنها شواذ الأقوال.
ب- أن تقوم الحاجة إلى الأخذ بالرخصة، دفعًا للمشقة، سواء كانت حاجة عامة للمجتمع أم خاصة أم فردية.
ت- أن يكون الآخذ بالرخص ذا قدرة على الاختيار، أو أن يعتمد على من هو أهل لذلك.
ث- ألا يترتب على الأخذ بالرخص الوقوع في التلفيق الممنوع.
ج- ألا يكون الأخذ بذلك القول ذريعة للوصول إلى غرض غير مشروع.
ح- أن تطمئن نفس المترخص إلى الأخذ بالرخصة.
ملاحظات:
1. ما ذكر أعلاه ورد في قرارات مجمع الفقه الدولي دورة رقم 8، قرار رقم 70.
2. تتبع رخص الفقهاء بالتشهي، أي أن يفتش عن الأسهل من أقوال الفقهاء فيأخذ به من غير ضرورة ولا حاجة، واتفق الفقهاء على أن هذا ممنوع شرعًا، ونقل الإجماع على ذلك كل من: الباجي - ابن عبد البر - ابن الصلاح - ابن حزم، وهذا ما أقره مجمع الفقه الدولي.
ومن العلماء الذين نصوا على عدم جواز تتبع الرخص على سبيل المثال: الإمام أحمد – الغزالي – النووي - ابن الصلاح – الشاطبي - ابن تيمية - ابن القيم – العلائي - ابن مفلح - التاجي السبكي - السفاريني.
ومن المعاصرين: الكوثري - محمد عوامة - د. محمد الأشقر - د. فتحي الدريني - د. محمد الحفناوي - د. وهبة الزحيلي - د. محمد هيتو - د. عبد الوهاب أبو سليمان.
قال ابن الصلاح: ليس كل خلاف يستروح إليه ويُعتمد عليه، ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد.
قال سليمان التيمي: لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله.
قال السفاريني: يحرم على العامي تتبع الرخص.
قال د.عبد الوهاب أبو سليمان: القاعدة المسلمة لدى جميع الفقهاء والأصوليين، أنه لا يجوز التخير من أقوال المجتهدين بالتشهي.
قال د. محمد الأشقر ما موجزه: فمن تتبع في فتياه الرخص فهو متبع لهواه أو لهوى المستفتي، وإن الشريعة جاءت لتخرج الناس من دواعي أهوائهم ليكونوا عبيدًا لله، وذلك يكون باتباع حكم الله كيفما كان، فإن تتبع الرخص في المذاهب يؤدي إلى تمييع أحكام الدين والاستهانة بها...
3. انظر مثلًا: فتاوى الرملي 378/4 - لوامع الأنوار - السفاريني 462،463/2 – الفتيا - محمد سليمان الأشقر 65 – الموافقات - الشاطبي 500، 510/4 – المستصفى - الغزالي 469/2.
وأختم بمقولة الامام الشاطبي في الموافقات
" من أكثر من تتبع رخص العلماء - بالتشهي - تزندق في دينه "
[/frame]