عرض مشاركة واحدة
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
زائر
رقم العضوية :
تاريخ التسجيل :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : n/a
عدد النقاط :

افتراضي تتمة.....

كُتب : [ 09-30-2011 - 08:16 PM ]


رابعاً :

الاجتهاد في تنقيتها من الكذب وتمييز صحيحها من ضعيفها :

وهذا الواجب - وهو تحقيق الحديث النبوي - فرض كفاية ، ولا يزال ملقًى على عاتق الأمة منذ وقوع الفتن في الصدر الأول وإلى الآن .

وليس مطلوباً من المشتغلين بعلم الحديث أن يكفّوا عن مواصلة جهودهم في هذا الشأن والاستفادة من مشايخه ، كلا، وإنما المطلوب ألا ينسوا دورهم في قيادة الأمة ، وفي حفظ عقيدتها وشريعتها في الواقع العملي من المسخ والتحريف .

خامساً :

تدارُسها والسعي إلى نشرها وإحيائها وتبصير الناس بها :

فينبغي أن يشيع بيننا دراسة الحديث النبوي الشريف وفهمه ، وليكن ذلك في بيوتنا وفي مساجدنا، كلٌّ حسب طاقته ، فقد يلتقي البعض على دراسة (الأربعين النووية)، ويقرأ آخرون في (رياض الصالحين) ، وآخرون يتدارسون (جامع العلوم والِحكَم) ، وآخرون يتدارسون كتب السنة كالصحيحين وغيرها .

ثم ينبغي لمن وعى ذلك أن يسعى في نشره وتبصير الناس به كما في الحديث الصحيح عند أبي داود والترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال :
"نضر الله امرءاً سمع مقالتي ووعاها فأداها كما سمعها فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع"

ويلحق بذلك إحياء السنن المهجورة وحث الناس عليها ، وإحياء السنن المهجورة هو المقصود في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند مسلم وغيره :

"مَن سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء "

فالحديث وارد في إحياء سنة وحث الناس عليها ، وقصته أن قوماً فقراء مخرقي الثياب قدموا المسجد ،فقام رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتصدق عليهم فتبعه الناس واقتدوا بفعله ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك الحديث مُثنياً على ذلك الرجل .

لكن توجد هنا ملاحظة :

وهي مراعاة التدرج والرفق في إحياء هذه السنن، فبعض الناس قد يستنكرون - بشدة - بعض السنن بعدما قضوا دهراً طويلاً من أعمارهم لم يسمعوا بها ،
وحينئذ ينبغي أن يكون موقفنا وسطاً بين طرفين ، بين مَن يتجاهل هجران تلك السنة ويرى عدم المحاولة في هذه الحالة ، ومَن يريد تغيير هذا الهجران بشدة -
أو على الفور - مهما أدى إليه من فتنة أو نفور أو وحشة بين الناس وحَمَلة السنة، فالأول متقاعس عن القيام بدوره نحو السنة ، والآخر أراد القيام بدوره ، لكن دون فقه ، كمن يبني قصراً ويهدم مِصراً ، فليس كل مَن ابتغى خيراً أقدم عليه دون نظر في العواقب ، وإلا فكم أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأصحابه فعل خير ولكن توقفوا دفعاً لشر أو مفسدة أكبر ، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة (رضي الله عنها) :
" لولا قومك حديث عهدهم - قال ابن الزبير : بكفر - لنقضت الكعبة ، فجعلت لها بابين ، باب يدخل الناس ، وباب يخرجون ، ففعله ابن الزبير".

ومنه قول ابن مسعود - رضي الله عنه - لما أتم عثمان (رضي الله عنه) الصلاة بمِنى ، وكان ابن مسعود يريد السنة ، وهي القصر إلا أنه أتم الصلاة وراءه
قائلاً :
"الخلاف شر" ، إلى غير ذلك من الأمثلة .

والمقصود هو الحرص على إحياء السنة ، لكن مع التدرج واتقاء الشرور التي ربما يكون دفْعها أحب إلى الله تعالى من الإتيان بتلك السنة .




رد مع اقتباس