كُتب : [ 09-25-2011 - 07:00 PM ]
القرآن شريعة كونية قد يتساءل البعض…لماذا نتوجه في الصلوات في قبلة (مكة المكرمة)؟ ولماذا نطوف حول الكعبة التي في أحد أركانها الحجر الأسود؟ ولماذا يكون الطواف عكس اتجاه عقرب الساعة؟ ونبدأ من الحجر الأسود في طوافنا وفي كل شوط نسلِّم على الحجر الأسود ونحاول أن نستلمه أو نقبله إن استطعنا أو الإشارة بالسلام عليه والدعاء (بسم الله والله أكبر) عند الوصول إليه في كل دورة من دورات الطواف السبع…ولماذا سبعة أشواط سواءً كان حجاً أو عمرةً أو نافلة؟ وللإجابة على هذه التساؤلات نقول وبالله التوفيق…إن إتباع هذه المناسك وتطبيقها هو عبادة والتزام وإقتداء بأفعال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بغض النظر عن كل شيء فهذه أمور موقوفة ونحن كوننا مسلمين لذا وجب علينا أن نكون خاضعين ومنقادين لأوامر الله عز وجل في قرآنه وأوامر رسوله الكريم في سنته لقوله صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم وصلوا كما رأيتموني أُصلي)[1]، كالجندي الذي لا يعصي أمراً لقيادته إذا أراد النجاح والفوز بالمعركة فعليه أن يطبق التعليمات والأوامر التي تصدر منها. ولكن…نحن على يقين أن وراء هذه الأوامر الإلهية حكمة وفائدة لنا قد نعرفها أو لا نعرفها لأن الباري عز وجل الذي خلقنا وصوّرنا هو أعلم وأرحم بنا من أنفسنا قال تعالى: ((ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير))[2] . فعندما يأمرنا بشيء فهو متناسق مع فطرتنا وخلقنا ومع الكون من حولنا ولمصلحتنا. أن الباري عز وجل غني عن العالمين ولا حاجة له بطاعتنا أو عبادتنا له وإنما الأمر يعود لنا ولمصلحتنا كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيء…)[3] فإذاً لابد أن يكون هناك في هذه العبادات أسراراً ومنافعاً تعود بالخير والفائدة للفرد والمجتمع ولا بأس من التعرف على هذه الحكم والفوائد والإشارات التوافقية الموجودة فيها مع الكون والإنسان والحياة، حيث إن الإسلام شريعة كونية إضافة لكونه منهاجاً كاملاً للحياة: 1- فبالنسبة للتوجه إلى مكة المكرمة والتي في وسطها الكعبة المشرفة والمسجد الحرام :فإن الله سبحانه وتعالى يقول (فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره)[4] . لقد أثبتت الدراسات المتعددة ومنها دراسة الدكتور حسين كمال الدين رئيس قسم هندسة المساحة في جامعة الرياض أن (مكة المكرمة) هي مركز اليابسة على سطح الكرة الأرضية وهي تقع في المركز. وكذلك قام الأستاذ الدكتور روبرت كولمان[5] من جامعة ستانفورد في أمريكا بدراسة مركز جذب الأرض والتقاء الإشعاعات الكونية للجاذبية على سطح الأرض (مركز التجمع الإشعاعي للتجاذب المغناطيسي) فوجدها تلتقي في نقطة على سطح الأرض (والتي تمثل مركز جذب الأرض في مركزها) وعندما أراد معرفة الموقع الجغرافي لهذه المنطقة وجد أنها (مكة المكرمة)!. فإذن مكة المكرمة التي في وسطها المسجد الحرام والكعبة المشرفة هي مركز القارات السبع (اليابسة) أولاً وكذلك نقطة التقاء وتجمع الأشعة التجاذبية المغناطيسية ثانياً، لذلك وصفها الباري عز وجل في محكم كتابه بأنها (أم القرى) وأم الشيء هو وسطه وقلبه وأساسه وذلك في قوله تعالى:(وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير))[6] وهكذا اقتضت الحكمة الإلهية أن تكون الكعبة المشرفة في المسجد الحرام (أول بيت وضع للناس) وأن تكون قبلة المسلمين في كل مكان ولذلك أطلق عليها القرآن الكريم (أم القرى) ووصف الأمة الإسلامية (بالأمة الوسط) في قوله تعالى:(وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا))[7] ومن معاني ذلك الكثيرة أن أمة الإسلام الوسط (وسط في كل شيء) تتجه إلى (أم القرى) التي هي وسط ومركز اليابسة الأرض وهي مركز الجذب الروحي كما هي مركز تجمع الأشعة المغناطيسية للجاذبية الأرضية فهي أمة التوحيد والتوحد . 2- وبالنسبة للطواف حول الكعبة عكس اتجاه عقرب الساعة :ففيه إشارة واتفاق لحركة الكون جميعاً، حيث أن الكون من الذرة إلى المجرة يدور بهذا الاتجاه. والدوران ظاهرة كونية تشمل كل شيء، فالإلكترون يدور حول النواة والأقمار تدور حول كواكبها والكواكب تدور حول شموسها والشموس والنجوم تدور حول مركز مجرّاتها والطاقة تدور في مساراتها وكلها تدور باتجاه واحد (عكس عقارب الساعة) كما يطوف الحجيج حول الكعبة (وذلك في حالة النظر إليها بصورة أفقية كما في حالة الطواف حول الكعبة) إنها رمز للظاهرة التي فطر الله عليها الكون كلّه والطواف سنة الله الواحد الأحد في هذا الكون ((وكل في فلك يسبحون))[8] وقال تعالى: ((كل يجري لأجل مسمى))[9] . 3- وبالنسبة للدوران حول الحجر الأسود الذي هو في أحد أركان الكعبة الأربع :فهذا قد يكون (والله أعلم) إشارة إلى الثقب الأسود (Black Hole)فإن كل مجرة من المجرات الموجودة في الكون المعروف منها لحد الآن أكثر من 130 مليار مجرة (تحتوي كل مجرة على نحو من مائة مليار نجم كمجرتنا درب التبّانة) تدور حول مركز معين وُجِد أن فيه هذا الثقب الأسود الفائق الكثافة بحيث أن كثافته تبتلع الضوء والمجرات القريبة (فلو فرضنا أن الكرة الأرضية أصبحت ثقباً أسوداً فإن كتلتها ستكون بحجم كرة المضرب (البنك بونك) فتصور عظم الكثافة والوزن لهذه الكرة الصغيرة) ويُمسك كواكب ونجوم مجرته للدوران حوله ويمنعها من التفلّت ((وكل في فلك يسبحون))[10] وكذلك يمنعها من الاصطدام ببعضها في حركة تناسقية منتظمة، وهكذا جموع الحجيج من كل بقاع الأرض تطوف حول الكعبة التي فيها الحجر الأسود في حركة تناسقية توافقية رائعة متناغمة فيا عظمة الخالق المدبّر. إن هذه الكواكب والمجموعات الشمسية في المجرات والتي تدور حوله ولا تصطدم ببعضها إنما يأتي دورانها متوافقاً ومتناسقاً مع قوله تعالى: ((لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر))[11] أي لا تلتقي أو تصطدم مع بعضها وفيه كناية بالخاص (الشمس والقمر) يراد به العام (جميع الشموس والكواكب والأقمار …الخ). فكذلك الحجيج في الطواف فإنهم يبدؤون بالحجر الأسود ويطوفون حوله ويسلمون عليه في كل شوط من أشواط الطواف في نظام وتناسق بديعين وكأن هذا الحجر الأسود هو الذي يضبط هذا الإيقاع في طواف الحجيج حول الكعبة المشرفة ويجذبهم نحوها ويمنعهم من التفلت والتيه والاضطراب في هذه الحياة، كما يضبط الثقب الأسود في مركز المجرات حركة ودوران المجموعة الشمسية والكواكب وغيرهما وهي تسير في سرع متناهية وذات كتل هائلة تساعدها على التفلت من خط سيرها الدقيق في القوى الطاردة عن المركز ولكن بواسطة قوة الجذب الهائلة للثقوب السوداء فإنها تبقى ملتزمة بخط سيرها لا تحيد ولا تميد في نظام دقيق ثابت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وفي ذلك مغزى عظيم للمسلمين بأن تكون حياتهم مرتبطة بدينهم ويلتزمون بالنظام في جميع أعمالهم!.