السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أشكر الأخت سهاد لإثارتها هكذا موضوع فجزاها الله كل خير
ثم إن نصوصا كثيرة التي أفردت حيزا كبيرا للحث على حسن الخلق بل جعلت من حسن الخلق عبادة وصفة يمتاز بها المسلم عن غيره لا بل زيادة على ذلك جعلت من حسن العشرة والتعامل عنوانا لدين الله الذي ارتضاه سبحانه لعباده قال صلى الله عليه وسلم (الدين المعاملة) ووصف الرسول عليه السلام مهمته برسالة تعليم الأخلاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وانظر إلى قول أخ أبا ذر وهو يلخص دعوة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم (قال أبو ذر، لما بلغه مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فاسمع من قوله، فرجع فقال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق.)
فما قامت به المديرة خطأ لا شك فيه ولا تبرير (وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) وكما قال الفاروق رضي الله عنه الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل . فعلى المديرة إن أرادت الدنيا والآخرة معا أن تعتذر لزميلتها وقد كانت في يوم من ا؟لأيام معلمة وأكيد كانت تشعر بشعور تلك المعلمة التي أخطأت عندما تتعامل مديرتها بطريقة مشابهة لما فعلت . وبالنسبة للأخت المعلمة كان من الأولى القاء تحية الاسلام (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ) خيرا من تحيات الجاهلية عمت صباحا ومساء ولا مانع إن كانت بعد السلام ، وتشكر على صبرها وعدم ردها على مديرتها بإساءة مثلها ، لكن يجب عليها كذلك أن تفاتح المديرة بما فعلته في وقت آخر ترى أن الظرف مناسب لفتح الموضوع فإن اعتذرت المديرة كان به وإلا عليها أن تطالب بحقها (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) وأن كانت متسامحة معها من غير ضعف فأجرها على الله
وهنا كلمة للمعلمات الأخريات في المدرسة أن ينصفن زميلتهن المعلمة برد اعتبارها وأن ينصرن مديرتهن بردها عن ظلمها وخطئها ومن هنا جاءت خيرة الأمة المسلمة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) وقوله صلى الله عليه وسلم قال لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما فإن كان ظالما لينهه فإنه نصره وإن كان مظلوما فلينصره)
لكن لا بد من وقفة فالحديث ذو شجون ..
إن هذا السلوك ليس نادرا في المدراء والمسؤولين - إلا من رحم ربي وقليل ما هم – بل هو العام وغيره الشاذ..والواقع يصدق ذلك والنادر ما يكذبه :
إن تعيين المدراء والمديرات ليس أساسه الكفاءة ومواصفات القيادة الناجحة في الشخص المختار وإنما لأشياء أخرى .......لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالكفاءة ولا بمواصفات القيادة ، وهنا كان تحذير الحبيب صلى الله عليه وسلم من ضياع الأمانة والتي هي إحدى علامات قرب الساعة لفشو الظلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة). قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: (إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).
وقبل أن أنهي إن أصرت المديرة على موقفها وعدم الاعتذار فهذه هي الفرعونية وهي صفة متجددة إلى قيام الساعة
وقبل أن أستودعكم الله أستوقفكم أخواني/ أخواتي الأفاضل عند هذه الآيات الكريمات :
(يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم خالد فايد