يحكى ان رجلا ناسكا عابدا لله كان يتعبد بداره
في قرية من قرى بني اسرائيل
فسمع ذات يوم شجرة ظهرت في القرية
قد اجتمع الناس على عبادتها
فهرع من داره منذ الصباح الباكر غاضبا
ومشمرا عن ساعده رافعا معوله على كتفه
قاصدا تلك الشجرة لقطعها ومنع الناس على عبادتها
فاعترضه ابليس اللعين بهيئة رجل صالح
الى أين أيها العبد الصالح؟
لأقطع هذه الشجرة التي أجتمع الناس على عبادتها
وما شأنك فهذه وظيفة الأنبياء ومهمتم
لماذا لا تدعها لهم ؟
فأجابه العابد صارخا لا بل هي وظيفتي أنا أيضا
وسأذهب لأقطعها ومضى العابد مسرعا في طريقه
فاعترضه ابليس مرة أخرى
-انتظر ايها العابد ..
أتترك محرابك وعبادة الله تعالى
وتذهب الى الناس وما شأنك بهم ؟
فرد العابد بل هذه هي العبادة الحقيقية
أن أحول دون عبادة غير الله تعالى
اغرب عني لأقطع هذه الشجرة الملعونة
لا تقطعها ..!
والله لأقطعنها
فتصارعا حتى غلب العابد ابليس
وصرعه وتركه قاصدا هدفه
فلحقه ابليس مرة ثالثه
أمهلني ايها العابد لأقترح عليك اقتراحا
تقبله أو تمضي الى هدفك .
وما اقتراحك ؟
تذهب الى دارك الآن ستجد تحت وسادتك ثلاثة دنانير
وستجد مثل ذلك صباحا ومساء تنفقه على عائلتك
وفقراء المؤمنيين وهذا عملا لله ومساعدة لعباده المؤمنين
فلانت عريكة العابد لهذا العرض وارتخت له اطرافه
ورمى بالمعول ارضا ...
هل أنت صادق في ما تقول ؟
نعم اذهب وسترى ما وعدتك ..
عاد العابد الى داره وفعلا وجد المبلغ امامه
وفي اليوم التالي وجد مثل ذلك
وفي اليوم الثالث لم ير شيئا
فخرج في صباح ذلك اليوم غاضبا حاملا معوله
فتلقاه ابليس
الى أين ايها العابد ؟
الى تلك الشجرة لأقطعها
قال ابليس واثقا .. ورب الجن لا تقدر
بل اقدر قالها بصوت متلكيء
فصرعه ابليس صرعة كاد يخنقه فيها
استعاذ العابد ارجو كفك عن خناقي
عدني ان لا تعود الى هذه الشجرة ابدا
اعدك .. !!
ثم سال العابد ابليس لماذا صرعتك في المرة الاولى
وصرعتني في المرة الثانية ؟
فقال ابليس في الاولى كان غضبك لله
وفي الثانية كان غضبك لنفسك
وعاد العابد خائبا الى داره.
الغاية والحكمة لهذه القصة
لو حكم العابد عقله في اقتراح ابليس
لنبذ ما وجده اقرب الى النفس الأمارة بالسوء
الأذعان لاقتراح ابليس أوالأقدام على أمره.
المال هو أصل الفتنة وكل ما يدعو الى الاسترخاء والدعة
واغراء الأنا .
في الخروج الأول للعابد مصداق للحديث
( من كان همه آخرته كفاه الله همه في دنياه)
بدلالة ما كان عليه من قوة المنطق والصرامة
في المرتين الاوليين من لحاق ابليس اللعين
ومن ثم مصارعته وغلبته
على عكس المرة الثالثة التي تقهقر بها وضعف منطقه
ومجاهدته وبعكس الخروج الثاني الذي كان منهزما فيه
وما لبث الا ان عاد خائبا وقد احكم ابليس قبضته عليه .
العرض العادي
