موجز الفتوى
هل يجوز إخراج الزكاة باعتبار السنة الشمسية؟
الأصل في ذلك عدم الجواز
لأنها عبادة ارتبطت بالحول القمري بالنص الشرعي
وقد أشار قول الله تعالى إلى ذلك
تامل:
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّم)
وانت خبير أن الشهور المذكورة في هذه الآية هي الشهور القمرية
الأصل في نسبة الزكاة هو 2.5 (%)
فإذا افترضنا أن ثمة
مشقة معتبرة
كمن يريد أن يحتسب زكاة أمواله في المؤسسات
التي تحسب ميزانيتها على السنة الميلادية؟؟
في احتساب
الزكاة بالحول القمري فإنه يجوز احتسابها بالسنة الشمسية بنسبة 2.575 (%) تقريبا
إلا أن هذا الرأي والأخذ به دون مشقة معتبرة تسوغه
قد فتح بابا لمفسدة وصفت أنها عظيمة
ومن ذلك مثلا
إن اعتبار الحول الشمسي في الزكاة المتمثل بالتاريخ الميلادي
يؤدي لتأخر دفع الزكاة أحد عشر يوماً
لزيادة الحول الشمسي عن الحول القمري أحد عشر يوماً
مما يترتب عليه ترك المسلم لزكاة سنة كاملة كل ثلاثين سنة تقريباً
مما يعني تفويت ملايين المسلمين لزكاة عام مرة أو مرتين في أعمارهم
وهذا بلا شك يلحق الضرر بمصالح الأمة العامة
تفاصيل فتوى الشيخ فريد أمين الهنداوي
اتفق العلماء على اشتراط مضيّ الحول لإيجاب الزكاة، فيما عدا الخارج من الأرض من الأموال الزكوية، بقوله صلى الله عليه وسلم: «ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
والحول عند الفقهاء هو الحول القمري، وفي الأزمنة المتأخرة صارت تعاملات الناس –أكثرها- على السَّنة الشمسية، والمعروف بالتاريخ الميلادي، فهل يجوز اعتبار الزكاة بالحول الشمسي (الميلادي) أم لا بد من الحول القمري؟
فنقول: إن التوقيت الشرعي يكون بالحول القمري لا الشمسي، لدلالة النصوص الشرعية على ذلك، فمنها:
(1) قوله تعالى: «يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ» البقرة (189).
(2) قوله تعالى: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ» التوبة (36).
(3) قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ» يونس (5).
(4) قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما» متفق عليه.
وقد أفتت اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية بأن السَّنَة المعتبرة في إخراج الزكاة هي السَّنَة الهجرية والأشهر القمرية، ولا يؤخذ بالسَّنَة الميلادية ولا الأشهر غير القمرية. (9/200) الفتوى رقم (9410).
وذهب بيت الزكاة في الكويت إلى مراعاة الحول القمري في إخراج الزكاة، ولكن قيد ذلك بما إذا تعسر ذلك بسبب ربط الميزانية للشركة أو المؤسسة بالسَّنَة الشمسية، فإنه يجوز مراعاة السَّنَة الشمسية، وتزداد النسبة المذكورة بنسبة عدد الأيام التي تزيد بها السَّنَة الشمسية على القمرية، فتكون السَّنَة عندئذ (2.575%)، وهذا ما جاء في أحكام وفتاوى الزكاة لعام 1423هـ، الصادر من بيت الزكاة الكويتي (ص 20).
وعند التأمل يبدو أن الخلاف بين الاتجاهين أشبه باللفظي، إذ الجميع متفقون على اعتبار الحول القمري، وإنما أجاز «بيت الزكاة» احتساب الزكاة وفق الحول الشمسي مع معادلته بالقمري لإخراج القدر الزائد من المال الزكوي المقابل للزمن الزائد من الحول الشمسي، وقيدوا ذلك عند تعسر إخراجه بالحول القمري، إلا أن الأصل المتفق عليه هو احتساب الزكاة وفق التاريخ الهجري، ولا ينبغي الاعتداد بالحول الميلادي في ذلك إلا مع المشقة المعتبرة لما يلي:
(أ) لما تقدم من النصوص والنقول الدالة على وجوب اعتبار الحول القمري دون الشمسي.
(ب) إن اعتبار الحول الشمسي في الزكاة المتمثل بالتاريخ الميلادي يؤدي لتأخر دفع الزكاة أحد عشر يوماً، لزيادة الحول الشمسي عن الحول القمري أحد عشر يوماً، مما يترتب عليه ترك المسلم لزكاة سنة كاملة كل ثلاثين سنة تقريباً، مما يعني تفويت ملايين المسلمين لزكاة عام مرة أو مرتين في أعمارهم، وهذا بلا شك يلحق الضرر بمصالح الأمة العامة والخاصة المنبثقة من مصارف الزكاة الثمانية.
(ج) أن الاعتداد بالحول الشمسي يترتب عليه عدم تعلق الزكاة بذمة مزكيها في حال نقصان نصابه أو وفاته بعد تمام الحول القمري وعدم تمام الحول الشمسي أي عدم وقوع ذلك في المدة الفارقة بين الحولين، وهي أحد عشر يوما تقريباً، وفي ذلك مفسدة لا تخفي وتضييع لحق الله وحق عباده.
فإن شق احتسابها بالتاريخ الهجري مشقة معتبرة، فيجوز احتسابها بالتاريخ الميلادي بناء على جواز تأخير الزكاة عند الحاجة لذلك، لا سيما أنه تأخير يسير، والمشقة تجلب التيسير.
تم بحمد الله تعالى