لو نظرنا في تاريخ المسلمين المشرق لرأينا رجلاً كعمر بن الخطاب رضي الله عنه في فهمه الدقيق لمسؤلية الإنسان عندما يتولي المهام الكبيرة. وجدنا عمر يرسل إلي معيقيب أحد عماله علي بيت المال وقت الظهيرة و عند عمر ولده عاصم بن عمر فيقول عمر لمعيقيب أتدري ما صنع هذا ؟ إنه انطلق إلي العراق فأخبرهم أنه ابن أمير المؤمنين فأعطوه آنية و فضة و متاعاً و سيفاً محلي ، فقال عاصم ما فعلت هذا و إنما قدمت علي ناس من قومي فأعطوني هذا فقال عمر : خذه يا معيقيب فاجعله في بيت المال .
ولن ننسي أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب زوج عمر لما أرسلت إلي ملكة الروم بطيب و مشارب فجاءت امرأة قيصر وجمعت نساءها وقالت هذه هدية امرأة ملك العرب و بنت نبيهم فأهدت إلي أم كلثوم عقداً فاخراً فلما انتهي البريد إلي عمر دعا الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلي بهم ركعتين و قال: لا خير في أمر أبرم من غير شوري من أموري قولوا في هدية أهدتها أم كلثوم لامرأة ملك الروم فقال قائلون: هو لها بالذي لها و لكن عمر أمر برد هدية زوجة ملك الروم إلي بيت المال و رد علي أم كلثوم بقدر نفقتها، هكذا كان فقه المسؤلية عند عمر .
وقد قدم صهرٌ لعمر عليه فطلب أن يعطيه عمر من بيت المال فانتهره عمر وقال: أردت أن ألقي الله ملكاً خائناً ! فلما كان بعد ذلك أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم .
هذه بعض المواقف التي تدل علي ترفع عمر عن الأموال العامة و منع أقربائه و أهله من الإستفادة من سلطانه و مكانته ، و لو أن عمر أرخي العنان لنفسه أو لأهل بيته لرتعوا ولرتع من بعدهم ، و كان مال الله ـ تعالي ـ حبساً علي أولياء الأمور.
ومن القواعد الطبيعية المؤيدة بالمشاهد أن الحاكم إذا امتدت يده إلي مال الدولة اتسع الفتق علي الراتق ، واختل بيت المال أو مالية الحكومة ، وسري الخلل إلي جميع فروع المصالح ، و جهر المستتر بالخيانة وانحل النظام ، ومن المعلوم أن الإنسان إذا كان ذا قناعة وعفة عن مال الناس ، زاهداً في حقوقهم دعاهم ذلك إلي محبته والرغبة فيه ، و إذا كان حاكماً حدبوا عليه و أخلصوا في طاعته و كان أكرم عليهم من أنفسهم .
ومن خلال حياته مع أسرته وأقربائه يظهر لنا معلم من معالم الفاروق في ممارسة منصب الخلافة ، وهي القدوة الحسنة في حياته الخاصة والعامة ، حتي قال في حقه علي بن أبي طالب : عففت فعفت رعيتك ولو رتعت لرتعوا .
وكان لالتزامه بما يدعوا إليه ، ومحاسبته نفسه وأهل بيته أكثر مما يحاسب به ولاته وعماله الأثر الكبير في زيادة هيبته في النفوس وتصديق العامة والخاصة له .
هذا هو عمر الخليفة الراشد الذي بلغ الذروة في القدوة رباه الإسلام ، فملأ الإيمان بالله شغاف قلبه ، إنه الإيمان العميق ، الذي صنع منه قدوة للأجيال ، ويبقي الإيمان بالله و التربية علي تعاليم هذا الدين سبباً عظيماً في جعل الحاكم قدوة في أروع ما تكون القدوة من هنا إلي يوم القيامة .
وكان رضي الله عنه يحفظ سوابق الخير للمسلمين ، و كان لديه ميزان دقيق في تقييم الرجال ،
فقد قال (صلى الله عليه وسلم ) : لا يعجبنكم طنطنة الرجل و لكن من أدي الأمانة و كف عن أعراض الناس ، فهو الرجل . فهو الرجل
و كان (صلى الله عليه وسلم) يقول لا تنظروا إلي صلاة امرىء و لا صيامه ، ولكن انظروا إلي عقله و صدقه ،
و يقول : إني لا أخاف عليكم أحد رجلين : مؤمناً قد تبين إيمانه ، وكافراً قد تبين كفره ، و لكني أخاف عليكم منافقاً يتعوذ بالإيمان ، و يعمل لغيره .
وسأل عمر عن رجل شهد عنده بشهادة ، و أراد أن يعرف هل له من يزكيه فقال له الرجل : إني أشهد له وأزكيه يا أمير المؤمنين ، فقال عمر أأنت جاره في مسكنه؟ قال لا ، قال : أعاشرته يوماً فعرفت حقيقة أمره ؟ قال لا ، قال أسافرت يوماً معه فإن السفر و الإغتراب محك للرجال ؟ قال لا ، قال عمر لعلك رأيته في المسجد قائماً قاعداً يصلي ؟ قال نعم ، قال اذهب فأنت لا تعرفه .
************************************************** ***
اكتب هذا الكلام ونقراه في لوعة ومرارة
لاننا نرى حلا عجابا ضاعت فيه امانة المسؤولية ...ليت مسؤلي هذه الامة يدكون ما فاتهم ويصلحوا حالهم مع شعوبهم بدلا من ان يسومونهم سوء العذاب
رحمك الله يا ابن الخطاب لو نظرت الينا لرايت مرارة لكن نسال الله ان يكون قد اقترب الفرج...........