التمرالغذاء المثالي للصائم
للتمر قيمة خاصة ومنزلة رفيعة عند كل الذين يهتمون بالحصول على غذاء بسيط في كميته،عظيم في فائدته· وتتضاعف أهميته خلال شهر رمضان المبارك، نظرا لرغبة الصائمين فيالتعويض عن وجبات الغذاء التي لم يتمكنوا من تناولها في النهار·
فالتمر من أغنىالأغذية بسكر الجلوكوز، وبالتالي فهو غذاء مثالي للجسم، لأنه يحتوي على نسبة عاليةمن السكريات تتراوح بين 75-87%، يشكل الجلوكوز 55% منها، والفركتوز 45%، علاوة علىنسبة من البروتينات، والدهون، وبعض الفيتامينات (منها أ، ب2، ب12)، وبعض المعادنالمهمة مثل الكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم والكبريت والصوديوم والماغنسيوموالكوبالت والزنك والنحاس والمنغنيز والفلورين والسلولوز·
وللفركتوز مع السلولوزتأثير منشط للحركة الدورية للأمعاء، كما أن الفوسفور مهم في تغذية حجرات الدماغ،ويدخل في تركيب المركبات الفوسفاتية مثل الأدينوزين، والجوانين ثلاثي الفوسفات،والتي تنقل الطاقة وترشد استخدامها في جميع خلايا الجسم، كما أن جميع الفيتاميناتالتي يحتوي عليها التمر لها دور فعال في عمليات التمثيل الغذائي، ولها أيضا تأثيرمهدئ للأعصاب· أما المعادن فلها دور أساسي في تكوين بعض الأنزيمات المهمة في عملياتالجسم الحيوية، كما أن لها دورا مهما في انقباض وانبساط العضلات والتعادل الحمضيالقاعدي، فيزول بذلك أي توتر عضلي أو عصبي، ويعم النشاط والهدوء والسكينة سائرالبدن·
وبالإضافة إلى ذلك يحتوي التمر على الألياف التي تنشط حركة الأمعاء وتعملعلى تليينها، وهو يحمي من الإمساك وما يترتب عليه من عسر هضم واضطرابات مختلفة· كماأن البلح فيه كمية من هرمون >البيتوسين< الذي يعمل انقباضة في الأوعيةالدموية بالرحم، ومن ثم يساعد على منع حدوث النزيف الرحمي، ولذلك فهو مفيد جداللحوامل والنساء حديثات الولادة· والفركتوز الموجود في التمر يتحول إلى جلوكوزبسرعة فائقة، ويمتص مباشرة من الجهاز الهضمي، ليشبع حاجة الجسم من الطاقة، وخصوصاتلك الأنسجة التي تعتمد عليه أساسا، كخلايا المخ، والأعصاب، وخلايا الدمالحمراء·
لماذا الإفطار على التمر؟
من هنافإن التمر مفيد جدا للصائم، لأنه في نهاية كل يوم صيام يهبط مستوى تركيز الجلوكوزوالأنسولين في دم الوريد البابي الكبدي، وهذا يقلل بدوره من نفاذ الجلوكوز، ويقللمن أخذه بواسطة خلايا الكبد والأنسجة الطرفية، كخلايا العضلات والأعصاب، ويكون قدتحلل كل المخزون من الجيلكوجين الكبدي أو كاد، وتعتمد الأنسجة حينئذ في الحصول علىالطاقة على أكسدة الأحماض الدهنية، وأكسدة الجلوكوز المصنع في الكبد من الأحماضالأمينية والجليسرول، لذلك فإمداد الجسم بالجلوكوز في هذا الوقت له فوائد جمة، إذيرتفع تركيزه بسرعة في دم الوريد البابي الكبدي فور امتصاصه، ويدخل إلى خلايا الكبدأولا ثم خلايا المخ والدم والجهاز العصبي والعضلي، وجميع الأنسجة الأخرى، التيهيأها الله تعالى لتكون السكريات غذاءها الأمثل والأيسر للحصول منها على الطاقة· ويتوقف بذلك تأكسد الأحماض الدهنية، فيقطع الطريق على تكوّن الأجسام الضارة فيالدم، وتزول أعراض الهمود، والضعف العام، واضطراب الجهاز العصبي، كما يوقف تناولالجلوكوز عملية تصنيعه في الكبد، فيتوقف هدم الأحماض الأمينية، وبالتالي حفظ بروتينالجسم·
ولندرك أهمية المواد الغذائية الموجودة في التمر لصحة الإنسان، يمكننا أننفترض أن الإنسان بدأ الإفطار بتناول المواد البروتينية أو الدهنية، فهي لا تمتصإلا بعد فترة طويلة من الهضم، ولا تؤدي الغرض في إسعاف الجسم لحاجته السريعة منالطاقة، فضلا عن أن ارتفاع الأحماض الأمينية في الجسم نتيجة للغذاء الخالي منالسكريات، أو حتى الذي يحتوي على كمية قليلة منه، يؤدي إلى هبوط سكر الدم·
لهذهالأسباب يمكن لنا أن ندرك الحكمة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإفطار علىالتمر، فعن سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: >إذاأفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء، فإنه طهور<· وعن أنس رضيالله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإنلم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء· ومن الجميل أن نأكلالتمر في كل وقت، ولا نقصر استخدامه في رمضان، فيصبح غذاء وشفاء·