ما سر ادراج الوالدين في وصية لقمان
في سورة لقمان لم ينتهي لقمان بعد من الوصيةفلماذا هذه المداخلة بالتوصية بالوالدين؟
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَبِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِأَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )14
أراد الله سبحانهتعالى أن يتولى الأمر بالمصاحبة بالمعروف لعظيم منزلة الأبوين عند الله.
قديسأل سائل لماذا لم يجعل لقمان ينتهي من الوصية ثم يأتي بهذه الآية؟
وضعالوصية بعد النهي عن الشرك بالله سبحانه وتعالى وذلك لاهميه الأمر ولا يجعلها فيآخرالوصايا.
الله جل في علاه لا يريد أن يقول (إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِلَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)) ثم يقول (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ) لكنهوضعها بعد النهي عن الشرك بالله
(أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًاوَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (151) الأنعام) و(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّتَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (23) الإسراء) (لاَتَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (83) البقرة) (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِإِحْسَانًا (36)النساء
يضعها بعد عبادة الله تعالى وكأنها منزلة تالية بعدالعبادة مباشرة الإحسان إلى الوالدين.
هذه فيها إشارة إلى عظيم منزلةالأبوين عند الله كون ربنا هو الذي وصى ولم يجعل لقمان يوصي
* لكن لِمَا لفظالوالدين تحديداً وليس الأبوين مثلا؟
الآية فيها جوانب كثيرة: أولاًاستعمل وصّى المشددة ولم يقل أوصينا وذلك للتشديدعلى الوصية والمبالغة فيها وصّىفيها تشديد على الوصية والمبالغة فيها.
ومن الملاحظ في القرآن أنه يستعملوصّى في أمور الدين والأمور المعنوية وأوصى في الأمورالمادية.
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِنقَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ (131) النساء) ويستعمل أوصى فيالمواريث (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا (11) النساء) .
لم ترد أوصى فيالأمور المعنوية وفي أمور الدين إلا في موطن واحد اقترنت بأمر مادي عبادي وهو قولهتعالى على لسان المسيح (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) مريم) قال أوصاني لأنها اقترنت بأمر مادي وعبادي وهو الزكاة والأمر الآخر أنالقائل هو غير مكلّف لذلك خفّف من الوصية لأنه الآن ليس مكلفاً لا بالصلاة ولابالزكاة فخفف لأنه لا تكاليف عليه.
وقال (وصينا) بإسناد التوصية إلى نفسهسبحانه بضمير التعظيم وربنا في أمور الخير وفي الأمور المهمة يسند الأفعال إلى نفسهلم يقل وصيّ الإنسان وإنما قال (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ) بإسنادالفعل إليه سبحانه بضمير التعظيم.
واستمر ورجع إلى الإفراد (أَنِ اشْكُرْلِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) وقلنا أنه من عادة القرآن إذا ذكر ضميرالتعظيم يذكرقبله أو بعده ما يدل على الإفراد (أَنِ اشْكُرْ لِي) لم يقل اناشكرلنا.
الوالدين:هو لم يقل أبوين لأكثر من سبب:
أولاً لو لاحظناالوالدين والأبوين: الوالدين تثنية الوالد والوالدة لكن غلّب المذكر،الأبوين تثنيةالأب والأم لكن غلّب الأب إذن في الحالتين غلّب المذكر الأبوين تغليب الأب وفيالوالدين تغليب الوالد.
لكن لماذا اختار الوالدين؟ الولادة تقومبها المرأة وليس الرجل أما تسمية الوالد يقول أهل اللغة على النسب والوالدة علىالفعل هي التي تلد.
إذن اختار لفظ الوالدين التي هي من الولادة التي تقومبها الأم لكنه لم يختر الأبوين واختارلفظ الولادة ولم يختر لفظالأبوة.
الوالدين (الوالد والوالدة) مأخوذة من الولادة أما الأبوين فليست منالولادة من حيث اللفظ والقرآن يستعمل أبوين للجدّين (كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىأَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ (6) يوسف) ويستعمل أبوين لآدم وحواء (كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ (27) الأعراف