بسم الله أبدأ
قال تعالى(يا أيها الذين امنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا)
يقول أحمد شوقي(أمير الشعراء):
ليس اليتيم من أنتهي أبواه *** وخلفاه في هم الحياة ذليلاً
إن اليتيم من تري له أماً *** تخلت أو أبــاً مشغـــولاً
إذا نظرنا نظرة فاحصة مدققة لكثير من بيوت المسلمين اليوم ،وواقع أولياء الامور في المدارس ستطلعنا علي استقالة تربوية تُدمي القلوب ، سنري أن كثير من الآباء قد ظن أن الوظيفة المُثلي له في البيت أنه مُمثل لوزارة المالية ((أب ممول))، بمعني أنه يسأل الزوجة ، كم تحتاجين من المال ؟ فتقول كذا وكذا ، فيعطيها عن طيب خاطر ،أو عن غير طيب خاطر....
الابن في المدرسة والبنت كذلك ..يا أبت أريد حذاءا...بدلة رياضة....قسطا...قميصا جديدا....أجمل حقيبة....لم لا؟ ولماذا لا يكون ابني أفضل أولاد الحارة...كما نسمع الاب الممول يقول
ولكنه قد تخلي عن أبوة التوجيه والتعليم ، لانشغاله بالتجارة والزراعة وظروف العمل الصعب....(الله يعطيك الصحة والعافية) ، لكن وإن وجد بعض الوقت فإنه يقتله قتلاً بالجلوس أمام وسائل الإعلام الخائنة المُضللة التي لا ترقب في المؤمنين إلاً ولا ذمة ، ا وان يأخذ بيد الزوجة لسهرة عند فلان أو فلانة وإنا لله وإنا إليه راجعون .
ويزداد الألم والكمد عندما تُضاف إلي استقالة الأب استقالة أخرى خطيرة ألا وهي استقالة الأم ، فتخرج الزوجة هي الأخرى عند دورها الريادي في التوجيه والتربية ، ولكن فقط لتخرج من البيت ، بدعوى أن البيت سجن مُؤبد والزوج سجانٌ قاهر ، فتخرج هي الأخرى ويترك كلاً منهم الأولاد ليقتاتوا قوتهم التربوي من وسائل الاعلام الهادمة
فبالامس ....(مهند ونور)...(سوبر ستار)واليوم...(الافلام التركية) المدبلجة وغير المدبلجة ، ثم ينطلق الأولاد إلي الشوارع والطرقات وإلى أصحاب السوء ، فيشعر الأبناء باليتم التربوي
ايها الاب والام الفاضلة هلا حدّثت ولدك عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي هل تكلمت مع ولدك عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن السلف الصالح رضوان الله عليهم جميعاً ، هل وضحت لولدك هذا المنهج الذي تحتاج إليه الأمة الآن .
فقم الآن – الآن...نعم الآن – وأملأ قلبك وقلب زوجتك وقلوب أولادك بعقيدة التوحيد وبالخوف والحب للعزيز المجيد وبالإتباع والطاعة النبي الحبيب الحميد ، فجميلٌ أن تجلس مع زوجتك وأولادك وأنتم تتناولون الطعام فتحدثهم عن قدرة الله عز وجل ، وتربط السبب (الطعام) بالمُسبب (الله عز وجل) .
إن النبي صلي الله عليه وسلم قد ربى أصحابه علي هذا المنهج الأصيل ، فانظروا عندما أردف الغلام الصغير خلفه ، أي أركبه خلفه علي ناقة واحدة ، وبدأه بالنصح والتوجيه ، ولم يستصغر سنه ؛ بل هو - بأبي هو وأمي – صلى الله عليه وسلم مربي وأسوة وقدوة وإمام ، بل ولخص للغلام المبارك ابن عباس العقيدة في تلك الكلمات المختصرة في حديث :" أحفظ الله يحفظك " الذي رواه الترمذي وأحمد وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
بل هي سمة المؤمنين والصالحين أجمعين ، انظروا إلي وصية يعقوب وهو علي فراس الموت كما قال تعالى :" أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي " انظروا وهو علي فراش الموت يَطمئن علي عقيدة أولاده من بعده التي لطالما علَمهُم إياها ، فقَالُوا: " نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " ثم انظروا إلى الخليل عليه السلام أيضاً :" وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " .
وانظروا إلى قوله عز وجل :" وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " أي والله إن الشرك لظلمٌ عظيم .
كتب عمر إلى ابنه عبد الله :" أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل فإنه من اتقاه وقاه ومن أقرضه جزاه ومن شكره زاده واجعل التقوى نصب عينيك وجلاء قلبك " .
فقم الآن فحدث ولدك عن الله وعن رسول الله حتى نمشي خطوة نحو نصر الأمة ، فإن الأمة لن تُنصر بعد إذن الله ؛ إلا بالرجال الصادقون الأبطال ، الذين همهم بالنهار ذكر الله والصلاة وقراءة القرآن ، وهمهم بالليل الوقوف بين يديه والتضرع إليه ، حتى إذا أفترش الناس فراشهم ، قاموا هم وافترشوا بين يدي الله جباههم ، وتقربوا إلي ربهم ببكائهم ، ثم بعد دعائهم وصلاتهم وبكائهم ، يقولون : ربنا أصرف عنا عذاب جهنم ، إن عذابها كان غراماً ، إنها ساءت مستقراً ومُقاماً )
لماذا لا نرى الآباء في مثل هذه المواقف لكن وللأسف إذا ضرب ابنه أو اخرج من المدرسة من المدير أو المعلم جاء والشيطان يقعد على كتفيه ,وجهه محمر ,وأوردة دمه وعرووق رقبته تكاد أن تنفجر...يصيح كأن صياحه سيرد المسجد الاقصى.
ويا ليت الصياح كان في الخيرات , لكن لشهامة ابنه عليه
ايها الاباء ...والمعلمين والمربين :أفلا يكون تربيتنا لهذا الجيل قبل التعليم والتمويل
فهيا آبائي وأمهاتي ؛ بالسعي لتنالون شرف أبوة وأمومة يحب الله ...ويريدها الله.. ، ولتحققون النصر لهذه الأمة ، ليُضاعف الله لكم الأجر ، ويجزيكم كثير الخير .
اللهم اني قد بلغت (اللهم فاشهد)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الاهي وسيدي
لا تعذب لسانا قال عنك...........
ولا صاحب قلم خط بقلمه لرفعة دينك....
اللهم فاجعل لهذه الكلمات آذانا صاغية وقلوبا واعية...