title="منتديات التربيه الاسلامية جنين - منتدى القران الكريم وعلومه - RSS Feed" href="external.php?type=RSS2&forumids=3" /> من اسرار التكرار في القرآن
  الرئيسية التسجيل خروج  

صفحتنا على الفيس  بوك  صفحتنا على  اليوتيوب  صفحتنا على تويتر  صفحتنا على جوجل  بلس

منتديات التربية الاسلامية جنين ترحب بزوارها الكرام ،،،، اهلا وسهلا بكم ولطفا يمنع نشر اي اعلان او دعاية تجارية هنا مع جزيل الشكر كلمة الإدارة


   
العودة   منتديات التربيه الاسلامية جنين > الأقسام المتخصصة > منتدى القران الكريم وعلومه
التسجيل مركز التحميل الروابط الإضافية المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث
   

آخر 10 مشاركات الفرق بين زراعة الأسنان الفورية والتقليدية (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          مشروع كوافير رجالي (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          كيفية علاج التهابات سقف الحلق: الأسباب والعلاجات (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 2 )           »          ورقة عمل اللام في لفظ الجلالة (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 16 - المشاهدات : 17 )           »          من دلالات الكلام (الكاتـب : - مشاركات : 8 - المشاهدات : 9 )           »          كيفية صناعة محتوى فعّال على فيسبوك (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          تكلفة الدراسة والمعيشة في امريكا (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          كيف تختاري طبيب أسنان أطفال جيد لطفلك؟ (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          كتابة مقالة تتصدر نتائج البحث (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          الاستفهام في الجزء (30) (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )


من اسرار التكرار في القرآن

منتدى القران الكريم وعلومه


إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
   
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية عبد الله زيد
 
المدير العام
عبد الله زيد غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 37
تاريخ التسجيل : Sep 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 3,583
عدد النقاط : 10
قوة التقييم :
افتراضي من اسرار التكرار في القرآن

كُتب : [ 04-01-2013 - 10:36 AM ]


"أنواع التكرار وخصائصه فى القرآن الكريم"


وفيه مطلبان :


المطلب الأول : أنواع التكرار فى القرآن الكريم0


المطلب الثانى : أسرار وخصائص التكرار فى القرآن الكريم0


المطلب الأول


}أنواع التكرار فى القرآن الكريم {


نظر العلماء للتكرار فى القرآن الكريم باعتبارات مختلفة ، فنتج عن هذا عدة تقسيمات للمكرر فى القرآن الكريم نجملها فى ما يلى :
تكرار الأداة :
قد يكون المكرر فى القرآن أداة تؤدى وظيفة فى الجملة بعد أن تستوفى ركنيها الأساسين ، وهذا النوع موجود بكثرة فى القرآن الكريم يدركه قارئ القرآن من أول وهلة ومنه على سبيل المثال ما ورد فى قول الله تعالى: " ثمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ" ( النحل 110)
وفى قوله تعالى : " ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيم "( النحل 119)
والملاحظ من خلال هاتين الآيتين تكرار الأداة فيهما وهى " إن " وهذا الظاهر يقتضى الاكتفاء بـ"إن " الأولى ، ولم يطلب إلا خبرها ، وهو فى الموضعين – أعنى الخبر – قوله : " لغفور رحيم " لكن هذا الظاهر ، خولف وأعيدت "إن " مرة أخرى ولهذه المخالفة سبب ، وهذا السبب هو طول الفصل بين "إن " الأولى وخبرها ، وهذا أمر يشعر بتنافيه مع الغرض المسوقة من أجله "إن " وهو التوكيد (انظر البحر المحيط لأبى حيان 3/ 212 ، تفسير الألوسى 5/ 173)
لهذا اقتضت البلاغة إعادتها لتلحظ النسبة بين الركنين على ما حقها أن تكون عليه من التوكيد ، على أن هناك وظيفة أخرى هى : لو أن قارئا تلا هاتين الآيتين دون أن يكرر فيهما "إن " ثم تلاهما مرة أخرى لظهر له الفرق بين الحالتين : قلق وضعف فى الأولى ، وتناسق وقوة فى الثانية 0
ولذات السبب - طول الفصل - كررت فى قول الشاعر :

وإن امرأ طالت مواثيق عهده*** على مثل هذا إنه لكريم (المثل السائر فى أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير الكاتب 1/ 212 تحقيق د بدوى طبانة ، د الحوفى ، وانظر بهجة المجالس وأنس المجالس لابن عبد البر 1/195 ولم ينسبا البيت لقائل)

وفى هذا المقام يقول ابن الأثيرفإن وردت " إن " وكان بين اسمها وخبرها فسحة طويلة من الكلام فإعادة "إن " أحسن فى حكم البلاغة والفصاحة (المثل السائر فى أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير الكاتب 1/212 ،وراجع الإتقان للسيوطى 3 / 281)
تكرار الكلمة مع أختها :
كأن تتكرر الكلمة مع مثيلتها فى آية واحدة ، ومثال هذا فى القرآن الكريم متعدد ، ومنه قوله تعالى : " أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ"( النمل 5)
فقد تكررت "هم " مرتين الأولى مبتدأ وخبرها :الأخسرون ، والثانية ضمير فصل ، جئ به لتأكيد النسبة بين الطرفين وهى : "هم" الأولى بالأخسرين 0
وكذلك التكرار فى قوله تعالى : " أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" ( الرعد 5)
ففى الآية الكريمة تكرر لفظ "أولئك " ثلاث مرات ، ومع هذا التكرار لم نجد لهذه الكلمة مع ما جاورها إلا مزيد حسن وروعة 0
فالأولى والثانية :تسجلان حكما عاما على منكرى البعث : وهو كفرهم بربهم ، وكون الأغلال فى أعناقهم يوم القيامة 0
والثالثة : بيان لمصيرهم المهين ، ودخولهم النار ، ومصاحبتهم لها على وجه الخلود الذى لا يعقبه خروج منها ، ولو أسقطت "أولئك "من الموضعين الثانى والثالث لرك المعنى واضطرب ، فتصبح الواو الداخلة على " الأغلال فى أعناقهم " واو حال ، وتصبح الواو الداخلة على "أصحاب النار هم فيها خالدون " عاطفة عطفا يرك معه المعنى ، لذلك حسن موضع التكرار فى الآية لما فيه من صحة المعنى وتقويته ، وتأكيد النسبة فى المواضع الثلاثة للتسجيل عليهم بسوء المصير (راجع تفسير ابن عاشور " التحرير والتنوير " 7/ 245)
وفى قوله تعالى : " إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ "( يوسف 4)
تكررت كلمة "رأيت" ، ولكن الإمام الزمخشرى فى كشافه ينفى أن يكون هذا تكرار فيقول رحمه الله : "فإن قلت : ما معنى تكرار "رأيت" ؟ قلت : ليس بتكرار ، إنما هو كلام مستأنف على تقدير سؤال وقع جواباً له ، كأن يعقوب عليه السلام قال له عند قوله : { إِنّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا } كيف رأيتها سائلاً عن حال رؤيتها؟ فقال : { رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ } (الكشاف 2/ 377)
تكرار الفاصلة :
والمقصود بها الجملة القرآنية التى تتكون من أكثر من كلمة ، وأوضح مثال لتكرار الفاصلة فى القرآن الكريم ، ما يجده القارئ بوضوح فى ثلاث سور فى القرآن : " القمر ، الرحمن ، المرسلات " وهذا لاينفى تكرار الفاصلة فى غير هذه المواطن ، ولكن التكرار فى هذه الثلاث أوضح وأجلى 0
سورة القمر :
إن المطالع لهذه السورة لا يلزمه عظيم فكر حتى يدرك تكرار الفاصلة وهى قوله " فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ" فقد تكررت فى هذه السورة أربع مرات 0
ولهذا التكرار فى هذه المواطن الأربعة أسباب ومقتضيات ، فقد صاحبت هذه الفاصلة فى كل موضع من مواضع تكرارها قصة عجيبة 0
الموطن الأول :وكان أول موضع هو عقب قصة قوم نوح عليه السلام ، وبعد أن صور القرآن الكريم مظاهر الصراع بينهم وبين نوح ، ثم انتصار الله لنوح عليهم ، حيث سلط عليهم الطوفان ، فأغرقهم إلا من آمن ، ونجد أن الله نجى نوحا وأتباعه ، ولكن تبقى هذه القصة موضع عظة وادكار ، ولتلفت إليها الأنظار وللتهويل من شأنها ، جاء قوله تعالى عقبها :" فكيف كان عذابى ونذر " مصدرا باسم الاستفهام "كيف " للتعجب مما كان ، ولقد مهد لهذا التعجب بالآية السابقة عليه وهى قوله تعالى :" ولقد تركناها آية فهل من مدكر " (راجع تفسير التحرير والتنوير 9/ 344)
وقد علق على هذا الموطن صاحب الظلال فيقول: " وهذا هو التعقيب الذي يتكرر ، بعد كل مشهد يصور ويقف السياق عنده بالقلب البشري يدعوه دعوة هادئة إلى التذكر والتدبر ، بعد أن يعرض عليه حلقة من العذاب الأليم الذي حل بالمكذبين "( فى ظلال القرآن لسيد قطب 5/ 93 3)
ومع هذا لا يشعر القارئ للقرآن بأى نوع من الملل ، وهكذا القرآن الكريم كلما تدبره القلب عاد منه بزاد جديد . وكلما صحبته النفس زادت له ألفة وبه أنساً 0
أما الموضع الثانى : عندما قص علينا القرآن الكريم قصة عاد وعتوها عن أمر ربها ، وفيها نجد هذه العبارة اكتنفت القصة بدءا ونهاية ، قال تعالى : " كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ *إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ * تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ" ( القمر 18 – 21)
وتكرار هذه الفاصلة أولا وآخرا فى هذه القصة إخراج لها مخرج الاهتمام ، مع ملاحظة أن أحداث القصة هنا صُورت فى عبارات قصيرة ولكنها محكمة وافية (زاد المسير لابن الجوزى 5/412 )0
ولم يسلك هذا المسلك– قصر العبارات- فى قصة نوح ، والسبب فيما يبدو أن إهلاك قوم نوح كان بالإغراق فى الماء ، وهى وسيلة كثيرا ما تكون سبب إهلاك ، فقد كانت هلاكا لفرعون وملئه ، أما أن يكون الإهلاك بالريح فهذا أمر يحتاج إلى التأمل والتفكر ، ولعل ما يقوى هذا الاستنباط ، أن هذه القصة – قصة عاد – وردت فى موضع آخر من القرآن الكريم يتفق مع هذا الاستنباط من حيث الفكرة ويختلف معه من حيث طريقة العرض وزيادة التفصيل ، فقد جاء فى سورة الحاقة " وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ"( الحاقة 6- 8)
فإرسال الريح لهذه المدة الطويلة مدعاة للعظة والاعتبار ، وهكذا فى كل موطن فى القرآن الكريم يذكر فيها قصة عاد ، يختمها بعبارات قوية هادرة واعظة زاجرة 0
أما الموضع الأخير: الذى تكررت فيه الفاصلة "فكيف كان عذابى ونذر " عندما قص القرآن الكريم على مسامعنا قصة ثمود ، وقد جاءت فيها كذلك مهيئة لتلقى صورة العقاب ، ولفت نظره إليها " فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ"( القمر 30، 31 )
ومن خلال ما تقدم ، يتضح شدة اقتضاء المقام فى كل موطن لهذا التكرار ، وأن ذكر إحدى العبارات فى موطن ليس بمغن عن ذكر أختها فى الموطن الآخر ، إنما هو سياق واتساق عجيب ، تطَلبه المقام، وآخذ بتلابيبه ، وتكمن ضرورته من الناحيتين :
1) الدينية : حيث تحمل المؤمنين على التذكر والاعتبار من قصص السابقين
2) الأدبية : لأن العبارة المكررة "فكيف كان عذابى ونذر "تأتى عقب كل قصة أيضا لافتة أنظار المشاهدين إلى "كنه "النهاية وختام أحداث القصة ، وقد مهد القرآن لهذا التكرار حيث لم يأت إلا بعد خمس عشرة آية تنتهى كلها بفاصلة واحدة تتحد نهاياتها بحرف الراء مع تحريك ما قبله
(القمر 1- 15) ، وقد أشاع هذا النسق الشاجى نوعا من الإحساس القوى بجو الإنذار 0
والسورة فوق كل هذا مكية النزول والموضوع ، وتهدف إلى اعتبار أهل مكة بما حدث للسابقين من الأمم ، وهذا بدوره يستدعى تأكيد الحقائق بكل وسيلة وعلى رأسها التكرار ، حتى لكأنه أصيل فيها وليس بمكرر(خصائص التعبير فى القرآن الكريم وسماته البلاغية /مبحث الفواصل ص63 ط مكتبة وهبة القاهرة د محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف )
الموطن الثانى : سورة " الرحمن " :
وسورة الرحمن تطالعنا بهذه الفاصلة التى تكررت من خلالها إحدى وثلاثين مرة ، وهى قوله تعالى :" فبأى آلاء ربكما تكذبان " وهذا أيضا لم يخل من حكمة أو سبب فى تكراره ، وإلا كان عبثا ، وتعالى الله وكلامه عن العبث علوا كبيرا 0
ويمكننا من خلال استقراء السورة لعدة مرات بنوع تدبر أن نلاحظ ونسجل الآتى :
· هذا التكرار الوارد فى سورة الرحمن هو أكثر صور التكرار فى القرآن على الإطلاق ، حيث لم تتكرر فاصلة بهذا العدد قط 0
· هذا التكرار قد مهدت له السورة تمهيدا رائعا ، استرعى السامع وأخذ بلبه ، فجاء هذا التكرار بعد اثنتى عشرة آية ، من عذوبة الفواصل ما لا يحيط به وصف ، فلم يهجم بهذا التكرار على النفس هجوما مستوحشا ، فنراه تدرج مع النفس آخذها شيئا فشيئا حتى أنست وأزال وحشتها تجاه هذا التكرار (انظر للاستزادة فى ظلال القرآن لسيد قطب تفسير سورة الرحمن)
· إن من أهم ما يميز هذه السورة أنها تعدد نعم الله تعالى على خلقه سواء من الجن أو الإنس ، وبعد كل نعمة من نعم الله تأتى الفاصلة :" فبأى آلاء ربكما تكذبان " ولعل هذا يسهل علينا فهم علة التكرار وحكمته بهذا الشكل الذى حفلت به سورة الرحمن ، فهو تذكير وتقرير لنعمه التى لا تحصى ولا تعد ، ولا يمكن إنكارها إلا من قبل جاحد معاند ، فذيل كل نعمة بما يربط المنعم عليهم بالمنعم مذكرا إياهم بقدرته ، ولطفه بهم ، فى إنعامه عليهم ، وهذا بالطبع ركن ركين فى علاقتنا مع الله تعالى ، فوجب التأكيد عليه وتوبيخ من تجاهله (انظر فتح القدير للشوكانى 4/ 85بتصرف )0
يقول ابن الجوزى – رحمه الله - : " إن ذلك التكرير لتقرير النعم وتأكيد التذكير بها ، قال ابن قتيبة : من مذاهب العرب التكرار للتوكيد والإفهام ، كما أن من مذاهبهم الاختصار للتخفيف والإيجاز ، لأن افتنان المتكلم والخطيب فى الفنون أحسن من اقتصاره فى المقام على فن واحد ، فلما عدد الله فى هذه السورة نعماءه وأَذكر عباده آلاءه ، ونبههم على قدرته ، جعل كل كلمة من ذلك فاصلة بين كل نعمتين ليفهمهم النعم ، ويقررهم بها" (راجع زاد المسير 5/ 461)
وتكرار هذه الفاصلة إثر بعض الآيات التى تدل على الوعيد والتهديد "يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران * فبأى آلاء ربكما تكذبان "( الرحمن 35،36 ) قد يوهم عكس ما قلناه من أن التكرار يفيد تعدد النعم من الله تعالى 0
لكن هذا الإيهام يندفع بقليل من التدبر ، وذلك أن النعم لا تكمن كلها فى العطاء المباشر ، ولكن هناك نوع آخر من النعم يخالف إيصال الخير وهو دفع الشر 0
والسورة اشتملت على كلا النوعين ، بمعنى أن بيان مآل العاصين والكافرين هو فى حد ذاته عصمة للإنسان من الوقوع والتلبس بما تلبسوا به فيصيبه ما أصابهم ، وهو عين النعمة من الله تعالى ، وهكذا لابد أن نفهم كل ما جاءنا من تشريع إلهى فهو نعمة من الله ، وأن نستبطن من المحنة المنحة ، وأن نستنطق التكاليف فتخرج كلها فى ثوب النعم من الله تعالى ، فنصيب عندئذ حقيقتها 0
الموطن الثالث : التكرار فى سورة المرسلات :
ويمكننا أن نستحضر ما قلنا فى التكرار فى سورتى "القمر ، الرحمن " إذ الكل من لدن حكيم خبير ، والجميع يصدر من مشكاة واحدة 0
فكررت الفاصلة " ويل يومئذ للمكذبين " بعد أن مهد لها تمهيدا هيأ لها المُقام والتكرار فيها له سبب وغاية ، تكمن فى تذكير وتوعد المكذبين وبيان لسوء مآلهم ومصيرهم عند الله حتى لا يصنع أحد صنيعهم ، فيئول إلى ما آلوا إليه 0
وهكذا يتضح للقاصى والدانى بما لا يدع مجالا للشك ، أن القرآن الكريم قد أجاد فى توظيف التكرار حتى لكأنه ليس بمكرر بل هو أصلى فيه ، مهما تقول المتقولون عليه ، واجترأ عليه من فسد ذوقه اللغوى ، فرموه بما هو مدح فيه ، ولكن شبهتهم تعود وهى تجر أذيال الخزى بعد أن تفتتت على صخرة القرآن الصلبة ، ويرمى بها القرآن مفتتة فى وجوههم بعد أن حملها رسالة سجلها عليهم التاريخ ، ولكأنى بالقرآن الكريم يقول لهم :

إذا محاسنى اللاتى أدل بها*** كانت ذنوبى فقل لى كيف أعتذر(البيت للبحترى راجع معجم الأدباء لياقوت الحموى 2/ 485 ،بهجة المجالس وأنس المجالس لابن عبد البر 1/ 106)

حقا إذا كان إعجاز القرآن الكريم يكمن فى أشياء كثيرة ، ومنها أسلوبه بما فيه من بلاغة وفصاحة وتكرار ، وهذه المحاسن التى يفخر بها القرآن على غيره ويتحدى بها ، عدها الأعداء ذنوبا وعيوبا ، فالأمر يزداد تعقيدا عليهم ، فهم كمنكر الشمس فى وضح النهار 0

كناطحٍ صخرةً يوما ليفلقها ***فلم يضرها وأوهي قرنه الوعل(البيت للأعشى وهو ميمون بن قيس بن بنى قيس بن ثعلبة انظر نهاية الأرب فى فنون الأدب للنويرى 1/269 ، وانظر الأغانى لأبى الفرج الأصبهانى 2/ 498)

فالقادح فى مثل هذا التكرار إما جاهل أو حاقد ، يقول صاحب مفتاح العلوم : " وأما التكرار فى"فبأى آلاء ربكما تكذبان * ويل يومئذ للمكذبين "فمذهوب به مذهب رديف يعاد فى القصيدة مع كل بيت ، وعاتب الرديف أو الترجيع 0 إما دخيل فى صناعة تفنين الكلام ، ما وقف بعد على لطائف أفانينه ، وإما متنعت ذو مكابرة "( مفاتح العلوم للسكاكى 1/ 247)
وحاشا لكلام الله أن نعتذر له بما هو موجود فى كلام العرب ، فلا يقاس على غيره بل هو أصل للغة والبلاغة ، فى أعلى مراتبها ويقاس غيره عليه فما أعجزه وما أبينه 0
تكرار القصة 0
إذا أُطلق مصطلح " التكرار فى القرآن " فإنها تنصرف أول ما تنصرف إلى التكرار فى القصص القرآنى قبل غيره ، ولذا كان هذا النوع هو الأكثر استغلالا من قبَل المستشرقين وأذنابهم الطاعنين فى كتاب الله ، ومعلوم أن القصة القرآنية قد شغلت مساحة كبيره من كتاب الله مقارنة بغيرها من الموضوعات التى تناولها القرآن الكريم ، ولا عجب فى ذلك , فإن القصة فى القرآن لم تأت لتقرر هدفا واحدا , بل جاءت لأهداف متعددة وغايات كثيرة ..
ويمكن أن نسجل للقصص القرآنى أهدافا عديدة ومنها :
1_ تعميق العقيدة فى النفوس , وتبصير العقول بها , وإحياء القلوب عن طريقها , سالكة فى هذا الصدد أحسن الطرق إمتاعا للعاطفة وإقناعا للعقل , وفى سبيل هذا الهدف تناولت القصة فى القرآن الكريم وجوه العقيدة الثلاث : "الإلهيات , النبوات ، والسمعيات" مستخدمة فى ذلك كله أسطع البراهين وأدمغ الحجج .
2_ الارتقاء بهذا الكائن الذى فضله الله على كثير من خلقه أى الإنسان , فيسمو بروحه وخلقه وعلاقاته ، والقصص القرآنى يحقق هذا بكل ما أوتيه من تميز فى فصاحته وبلاغة فى أسلوبه .
3_ للقصص القرآنى عناية فائقة بهلاك الأمم السابقة والتركيز على أسباب هذه الهلكة مفصلا إياها تفصيلا دقيقا , حتى ينير الطريق أمام الأجيال القادمة حتى تتلاشى مثل هذه الأسباب لئلا يصيبهم ما أصاب من قبلهم.
4_ عُنى القصص القرآنى بإقامة التدين الحق الذى لا ينفصل عن الحياة العملية بل يرتبط بها ارتباطا مطردا ، ولذا فصل القول فى بيان أسباب السعادة الروحية وكذا السعادة المادية , حتى تكتمل سعادة المؤمنين من جميع الجهات فلم يبخل على متدبريه بالنصح والإرشاد وبيان نقاط الاعتبار من خلال قصصه .
وبعد هذا العرض الموجز ، لا غرو عندئذ أن نشهد أن القصص القرآنى ليس كغيره من القصص البشرى , فهو نسيج رب العالمين ، ومعجزة سيد المرسلين ، وقديما قالوا : " كلام الملوك , ملوك الكلام " فما بالنا بكلام ملك الملوك 0
ولذا ستبقى القصة القرآنية هى الجذوة المضيئة للإنسان فتربط ماضيه بحاضره وتهيئ له مستقبله , وستبقى هى النفحة الربانية التى تشرق بها النفس ويعمر بها القلب , وستبقى هى الوثيقة الوحيدة الصادقة الخالدة التى يطمئن إليها الإنسان لمصداقيتها , وتلك بعض الحقائق عن القصة القرآنية .
هل فى القصص القرانى تكرار ؟
قبل التعجل بالإجابة على هذا السؤال لابد وأن نقرر الآتى :
1_ إن القصة القرآنية لم تلتزم طريقا واحدا من حيث الطول والقصر , والإجمال والتفصيل , ولكل نوع من هذه الأنواع أمثلته الواضحة فى كتاب الله .
2_ إن القصة القرآنية بكل أنواعها التى سبق الإشارة إليها جاءت وافية بالغرض التى سيقت من أجله, فليس قصر القصة بالشئ الذى يشعر القارئ بنقص فيها , بل ربما يذكر فى القصة القصيرة المجملة ما لم يذكر فى غيرها 0
3_ باستقراء تكرار القصص فى القرآن الكريم تبين أنه لا توجد قصة واحدة ذكرت فى موضعين أو أكثر بطريقة واحدة , بل نجد كل قصة فيها ما لم يأت فى الأخرى , ففى كل قصة من المشاهد والجزئيات والأحداث ما تفردت به فى هذا الموطن عن غيره من المواطن , ولاشك أن هناك قضايا مشتركة اقتضاها السياق ولكن هذه القضايا لم تأت على أسلوب واحد 0(راجع قضايا التكرار فى القصص القرآنى د القصبى محمود زلط ط دار الأنصار مصر/ ط1 1987م ، القصص القرانى إيحاؤه ونفحاته د فضل حسن عباس 22- 27 ط دار الفرقان الأردن ط 1 1987م)
آراء العلماء فى قضية تكرار القصص القرانى :
وقبل أن نترك هذا المقام لغيره يجدر أن نعرض لآراء بعض العلماء الذين اشتغلوا بهذه القضية , وباتوا على تنقيحها وأنتجوا فكرا متجددا , يوضح لنا رؤية جديدة فى التعامل مع نصوص القرآن الكريم0
ومن هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم جنودا لكتاب الله يذبون عنه ويدفعون , ويجلونه ويقدمونه للناس تقديما علميا جديرا بالاهتمام والمدارسة إمام من أئمة أهل السنة وهو اللغوي ابن قتيبة حيث يقول رحمه الله : وأما تكرار الأنباء والقصص فإن الله تعالى أنزل القرآن نجوما فى ثلاث وعشرين سنة بفرض بعد فرض , تيسرا منه على العباد , وتدرجا لهم إلى إكمال دينه ووعظ بعد وعظ ، تنبيها لهم من سنة الغفلة , قال تعالى " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا "( الفرقان 32)
ثم يستطرد ابن قتيبة فى بيان حكمة تكرار القصص فى القرآن الكريم فيقول : " وكانت وفود العرب ترد على رسول الله r فيقرئهم المسلمون شيئا من القرآن فيكون ذلك كافيا لهم , وكان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة , فلو لم تكن الأنباء والقصص مثناه ومتكررة , لوقعت قصة موسى إلى قوم , وقصة عيسى إلى قوم , وقصة نوح إلى قوم , وقصة لوط إلى قوم , فأراد الله بلطفه ورحمته أن يشهر هذه القصص فى أطراف الأرض ويلقيها فى كل سمع , ويثبتها فى كل قلب , ويزيد الحاضرين فى الإفهام والتحذير ، وقد أخبر الله عز وجل عن السبب الذى من أجله كرر القصص فى القرآن الكريم فقال : " وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" "( القصص 51 ) 0
وقال تعالى : "وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا"( طه 113 ، وانظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 232_234)
ثم يطالعنا الإمام الزركشى برأي قريب من هذا ، فبعد أن أوضح أن التكرار أسلوب من أساليب العرب, وأن الكلام حينما يكرر , فإنه فى النفوس يقرر , وعاب على الذين ينكرونه , يتطرق بعدها إلى مواضع التكرار فى القصص القرآنى وعلى أى وجه يحمل ، ويطبق كلامه على قصة موسى عليه السلام مع فرعون كمثال لتكرار القصة فى القرآن فيقول : "وإن ظُن أنها لا تغاير الأخرى فقد يوجد فى ألفاظها زيادة أو نقصان وتقديم أو تأخير , وتلك حال المعانى الواقعة بحسب تلك الألفاظ , فإن كل واحدة لابد وأن تخالف نظيرتها من نوع معنى زائد فيه , لا يوقف عليه إلا منها دون غيرها , فكأن
الله فرق ذكر ما دار بينهما وجعله أجزاء ثم قسم تلك الأجزاء على تارات التكرار لتوجد متكررة فيها ، ولو جمعت تلك القصص فى موضع واحد لأشبهت ما وجد الأمر عليه من الكتب المتقدمة , من انفراد كل قصة بموضع , كما وقع فى القرآن بالنسبة ليوسف عليه السلام"(البرهان فى علوم القرآن للزركشى 3/27)
فالزركشى ينفى أن يكون هناك تكرار مذموم فى القصص القرآنى ، ولكن التكرار المحمود موجود ولا ريب , وقد فرق فيه القرآن أحداث القصة على أجزاء ومواطن , يحصل فى كل موطن غاية تختلف عن غيرها , وتعالج فى كل موضع ما لا تعالجه فى موضع آخر .
والأمر لا يختلف كثيرا عند علمائنا المعاصرين أو المحدثين , فإذا انتقلنا من الحديث عن القدامى أمثال ابن قتيبة والزركشى , ونظرنا للقضية ذاتها عند المحدثين من العلماء نجد أن الفكر واحد , بيد أن الأسلوب قد يختلف فى عرض القضية مع اتفاق الجميع على تنزيه القرآن الكريم عن التكرار المذموم وأن القصة وإن تشابهت الألفاظ إلا أنها تقدم طرحا جديدا فى كل موضع , ولنأخذ بعض النماذج من علماء العصر الحديث والذين لم يألوا جهدا فى عرض هذه القضية 0
يقول الشيخ عطية صقر رحمه الله عند معالجته لقضية التكرار فى القصص القرانى خاصة : " قصص القرآن هو أحسن القصص صدقا وبلاغة قال تعالى : " نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ"( الكهف 13) وتتضح حكمة هذا القصص من قوله تعالى : " وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ" ( هود120 )وإذا كان هناك تكرار فى القرآن للقصة فلا ينبغى أن يغيب عن أذهاننا :
1_ أن القرآن الكريم لم ينزل مرة واحدة حتى يعاب التكرار , ولكنه نزل مفرقا على مدى ثلاث وعشرين سنة , تنزل الجملة منه حسب الظروف الطارئة , والقصة الواحدة قد تصلح لكل الظروف , متسقة معها ، مراعاة لمقتضى الحال وذلك هو سر البلاغة التى نزل بها القرآن فى أعلى درجاتها .
2_والنظرة العابرة إلى القصة التى نزلت عدة مرات قد يفهم منها أنها متشابهه متماثلة تماما , لكن النظرة الدقيقة ترينا أن القصة فى موضع يُركز فيها على جانب معين , وتكون الجوانب الأخرى تابعة ومكملة , لأن المقام يقتضى إبراز هذا الجانب , فبينما تراها فى موضع يركز فيها على جانب معين , كان فى غيرها من التوابع المكملة , وذلك لاقتضاء المقام له أيضا , ولذلك قد يهمل فى بعضها لفظ أو
يترك تعيين اسم يوجد له داع للذكر أو التعيين فى مقام آخر , ومن هنا كانت متغايرة وليست متشابهة (انظر مقدمة كتاب القول الفصل د عباس حسن تقديم الشيخ عطية صقر ص 7).
فالشيخ يقرر وجود التكرار فى القرآن الكريم لكن يدرك أن له علة وحكمة لا يمكن أن يستغنى عنه بغيره , فالتكرار ليس عيبا ولا ذما فى القرآن الكريم بل هو شاهد صدق على إعجاز القرآن الكريم , وجمال أسلوبه .
أما الشيخ مناع القطان صاحب المباحث المشهورة فى علوم القرآن فيتحدث عن القصة وتكرارها وحكمة هذا التكرار فيقول : يشتمل القرآن الكريم على كثير من القصص الذى تكرر فى غير موضع , فالقصة الواحدة يتعدد ذكرها فى القرآن الكريم وتعرض فى صور مختلفة فى التقديم والتأخير , والإيجاز والإطناب , وما شابه ذلك , ومن حكمة هذا :
1_ بيان بلاغة القرآن فى أعلى مراتبها , فمن خصائص البلاغة إبراز المعنى الواحد فى صور مختلفة والقصة المتكررة ترد فى كل موضع بأسلوب يتمايز عن الآخر , وتصاغ فى قالب غير القالب, ولا يمل الإنسان من تكرارها , بل تتجدد فى نفسه معان لا تحصل له بقراءتها فى المواضع الأخرى .
2- الاهتمام بشأن القصة لتمكين عبَرها فى النفس , فإن التكرار من طرق التأكيد وأمارات الاهتمام0
3_ اختلاف الغاية التى تساق من أجلها القصة , فتذكر بعض معانيها الوافية بالغرض فى مقام , وتبرز معان أخرى فى سائر المقامات , حسب اختلاف مقتضيات الأحوال .( مباحث فى علوم القرآن لمناع القطان ص 281)
ويقول الشيخ محمد سعيد البوطى : " وقد يحدث أن يتكرر عرض القصة نفسها , أو عرض الجانب الواحد منها بحسب الظاهر ولكن تلك القصة أو ذلك الجانب منها ينطوي على عبر وعظات متعددة فيقتضى الغرض الديني أن يعاد ذكرها عندما تأتى مناسبة كل عبرة من عبرها ، فتلبس القصة فى كل مرة من الأسلوب والإخراج التصويري ما يناسب المعنى الذى سيقت بصدده ، حتى لكأنك منها أمام قصة جديدة لم تتكرر على مسامعك , ولم تعرض أحداثها على خاطرك من قبل" (من روائع القرآن تأملات علمية وأدبية محمد سعيد البوطى ص 196 ط مؤسسة الرسالة).
وأعلام التفسير فى العصر الحديث لم يكونوا بمنأى عن دراسة مثل هذه الظاهرة فى القرآن الكريم وتسجيل ملاحظاتهم عليها .
يقول الطاهر ابن عاشور فى تفسيره: القرآن يأخذ من كل قصة أشرف مواضيعها ويعرض عما عداه ليكون تعرضه للقصص منزها عن قصد التفكه بها . من أجل ذلك كله لم تأت القصص في القرآن
متتالية متعاقبة في سورة أو سور كما يكون كتاب تاريخ بل كانت مفرقة موزعة على مقامات تناسبها(التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور 1 /36)
إذن فكل موطن يعالج جانبا فقط من الجوانب ،وهذا يحتاج إلى إنعام نظر وحسن استقراء لباقى المواطن رابطا كل هذه بما قبله وما بعده من الآيات القرآنية
ويستمر ابن عاشور فى طرحه لهذه القضية مفندا احتمالات الخصم فيقول : وعلى فرض أن هناك تكرار فى إيراد القصة ،أليس الأسلوب فى كل موطن يختلف عن الموطن الآخر وأسلوبه ؟
ثم أليس هذا إعجازا وبلاغة فى أرقي صورها فى القرآن ، وصدق الله " وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القرآن مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ"( النمل 6)

ثم يتساءل ابن عاشور : لماذا لم يقع الاستغناء بالقصة الواحدة في حصول المقصود منها ، وما فائدة تكرار القصةفي سور كثيرة ؟


ويجيب عن هذا التساؤل فيقول : إن القرآن هو بالخطب والمواعظ أشبه منه بالتآليف ، وفوائد القصص تجتلبهاالمناسبات ، وتذكر القصة كالبرهان على الغرض المسوقة هي معه فلا يعد ذكرها مع غرضها تكريرا لها لأن سبقَ ذكرها إنما كان في مناسبات أخرى ، وهذا مقام تظهر فيه براعة الخطباء ، مع ما فيه من مقاصد أخرى منها :


أولا : رسوخها في الأذهان بتكريرها0


ثانيا : أن يسمع اللاحقون من المؤمنين في وقت نزول القرآن ذكر القصة التي كانت فاتتهم مماثلتها قبل إسلامهم أو في مدة مغيبهم فإن تلقي القرآن عند نزوله أوقع في النفوس من طلبه من حافظيه0

وهكذا أبدع ابن عاشور فى توضيح وجهة النظر فيما يظن أنه تكرار فى القرآن وليس كذلك (الموضوع بتمامه فى التحرير والتنوير لابن عاشور 1/37،38)
كذلك لم يفت الأستاذ سيد قطب فى ظلاله أن يشير إلى موضع تكرار القصة فى القرآن الكريم ولو فى إشارات سريعة دون استطراد أو إطناب فيقول : " يرد القصص فى القرآن فى مواضع ومناسبات , وهذه المناسبات التى يساق لها القصص من أجلها هى التى تحدد مساق القصة والحلقة التى تعرض منها , والصورة التى تأتى عليها والطريقة التى تؤدى بها , تنسيقا للجو الروحي والفكري والفني الذى تعرض فيه وبذلك تؤدى دورها الموضعي وتحقق غايتها النفسية وتلقى إيقاعها المطلوب , ويحسب أناس أن هناك تكرارا فى القصص القرآنى , لأن القصة الواحدة قد يتكرر عرضها فى سور شتى ولكن النظرة الفاحصة تؤكد أنه ما من قصة , أو حلقة من قصة قد تكررت فى صورة واحدة , من ناحية القدر الذى يساق , وطريقة الأداء فى السياق وأنه حينما تكررت حلقة كان هناك جديد تؤديه ينفى حقيقة التكرار " .( فى ظلال القرآن الكريم لسيد قطب 1/27)

لا تنسونا من خالص دعائكم

توقيع :

رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
عضو ذهبي
رقم العضوية : 550
تاريخ التسجيل : Sep 2012
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,645
عدد النقاط : 10

فاطمة قبها غير متواجد حالياً

افتراضي

كُتب : [ 04-01-2013 - 08:31 PM ]


أسلوب في الطرح رائع وشفاف ومعبر بأعلى درجة
شكرا لك اخي أبو محمد على الموضوع القيم
لا حرمنا الله من حضورك
دمت بحفظ الله ورعايته


رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
المدير العام
رقم العضوية : 37
تاريخ التسجيل : Sep 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 3,583
عدد النقاط : 10

عبد الله زيد غير متواجد حالياً

افتراضي

كُتب : [ 04-02-2013 - 08:40 AM ]


[frame="1 80"]مرورك اسعدني

مشكوووووورة[/frame]


رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 4 )
مشرف
رقم العضوية : 399
تاريخ التسجيل : May 2012
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,130
عدد النقاط : 10

سعاد 12 غير متواجد حالياً

افتراضي

كُتب : [ 04-03-2013 - 07:05 PM ]


[frame="7 80"]
يعجز لساني عن الشكر اخي الكريم عبد الله زيد لما في موضوعك من فاااااائده

احترامي وتقديري لجهودك اخي الفاضل
طاب قلمك
ودام إبداعه

فتح الله عليك

دمت برعايه الرحمن
[/frame]

رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 5 )
المدير العام
رقم العضوية : 37
تاريخ التسجيل : Sep 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 3,583
عدد النقاط : 10

عبد الله زيد غير متواجد حالياً

افتراضي

كُتب : [ 04-03-2013 - 09:09 PM ]


[frame="1 80"]مشكوووورة على الاطراء

باااارك الله فيك

وجزاك الله خيرا[/frame]


رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدليلية (Tags)
التكرار, القرآن, اسرار
   


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...

   
   

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات التربية الاسلامية جنين