رمضانيات (9)زكاة الرواتب والأجور ونصاب الزكاة .

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
زكاة الرواتب والأجور ونصاب الزكاة
• إن التكييف الفقهي الصحيح لهذا الكسب، "الرواتب والأجور" أنه مال مستفاد، وهو ما يستفيده المسلم ويملكه ملكاً جديداً بوسيلة من وسائل الكسب المشروع.
• ذهب جماعة من الصحابة ومن بعدهم إلى وجوب تزكية المال المستفاد _ ومنه الرواتب والأجور _ في الحال _ عند قبضه _ دون اشتراط حولان الحول، منهم سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما وابن مسعود ومعاوية وجعفر الصادق والباقر وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري والزهري ومكحول والأوزاعي وداود الظاهري. (انظر المغني لابن قدامة 2/ 6، المحلى لابن حزم6/ 83، نيل الأوطار للشوكاني4/ 148، سبل السلام للصنعاني 2/ 129).
وتبنى هذا القول ورجحه بعض العلماء المعاصرين، منهم الدكتور يوسف القرضاوي، الدكتور محمد أبو زهرة، والدكتور عبد الوهاب خلاف، والدكتور علي السالوس، والدكتور مصطفى الزرقا، والدكتور محمد عثمان شبير. ( القرضاوي، فقه الزكاة، 1/464 ). وهذا القول الذي نختاره ونرجحه للأدلة التالية:
• قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض }(البقرة 267 ) تحدّث الشق الأول من الآية عن زكاة ما يكسبه الإنسان، وتحدّث الشق الثاني عن زكاة الزروع والثمار، وقرن النظم القرآني بين الشقين بواو العطف، والعطف يفيد الاشتراك في الحكم، ومعلوم أن زكاة الزروع والثمار تُؤدى عند حصادها، فكذا الرواتب والأجور تُزكى عند قبضها، ولأنها تدخل في المفهوم العام لقوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده}( الأنعام 141 ).
• إن عدم اشتراط حولان الحول أقرب إلى عموم النصوص وإطلاقها من اشتراط الحول، إذ النصوص الموجبه للزكاة في القرآن والسنة جاءت مطلقة وعامة كقوله صلى الله عليه وسلم: "هاتوا ربع عشر أموالكم" (رواه أبو داود )، وحديث: " في الرقة ربع العشر ". وما رواه الإمام مالك في الموطأ: " صح عن ابن عباس إيجاب الزكاة في كل مال يزكى، حين يملكه المسلم "، والخبر صحيح عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما كما قال ابن حزم.
[frame="1 80"]
• إن اشتراط حولان الحول في الرواتب والأجور، يعني إعفاء كثير من كبار الموظفين وأصحاب المهن الحرة، من وجوب الزكاة، وإعفاء الذي يبعثر ماله ذات اليمين وذات الشمال في الكماليات، كتغيير أثاث البيت واستبدال السيارة...، ومعنى هذا ضياع حق الفقراء والمساكين وجعل الزكاة على المقتصدين فقط. ومن المستبعد أن يأتيَ الشرع بشرط يخفف عن المسرفين ويضع الواجب على المقتصدين.
[/frame]
• ما رواه ابن أبي شيبة عن هبيرة قال: " كان ابن مسعود يزكي أعطياتهم من كل ألف خمسة وعشرين" أي أنه كان يزكي العطاء عندما يعطيه لصاحبه، والأثر رجاله رجال الصحيح خلا هبيرة فإنه ثقة.
• ما رواه ابن أبي شيبة عن عمر بن عبد العزيز أنه " كان يزكي العطاء – الرواتب – والجائزة ".
أما نصاب الزكاة : فهو مقدار معين من المال محدد شرعا لا تجب الزكاة في أقل منه.
لقد ذهب أكثر الفقهاء والعلماء المعاصرين، إلى تقدير نصاب الزكاة في النقود المتداولة، اعتمادا على نصاب الفضة، أي أن النصاب هو ما بلغ قيمة 595 غرام من الفضة. وذلك نظرا للفارق الكبير بين سعري الذهب والفضة في زماننا، فأفتوا بضرورة الأخذ بأقل النصابين لمصلحة الفقراء، وإحياء لركن من أركان الإسلام، متبعين قول الإمام الشافعي في المسألة، ورجحوا الأخذ بنصاب الفضة للإعتبارات التالية:
أولا: لأن نصاب الفضة مجمع عليه عند جميع الفقهاء، بخلاف نصاب الذهب المختلف فيه.
ثانيا: لأن النصوص الشرعية التي تحدد نصاب الفضة بخمس أواق أو مائتي درهم، أكثر وأصح، بخلاف النصوص التي تحدد نصاب الذهب، إذ لم تسلم أسانيدها من مقال وضعف.
ثالثا: لأن معظم النقود المتداولة في عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، كانت نقودا فضيّة، وهذا يعني أن الفضة هي التي راج استعمالها في عصر النبوّة.
رابعا: ولأن التقويم بالفضة، هو الأنفع للفقراء والمساكين ويحقق ويراعي مصالحهم ومصلحة الأغنياء في نفس الوقت، ومراعاة مصلحة الطرفين معا، من أهداف الشريعة الغراء، لما فيه من الاحتياط في جانب الدين.
ويحسب نصاب الزكاة كما يلي: 595غرام فضة × 3.45 شاقلا ( سعر الغرام الواحد من الفضة بتاريخ 8-7-2012) = 2053 ( ألفين وثلاثة وخمسين شاقلا )، فمن ملك هذا النصاب وجب في ماله الزكاة، وهو الصحيح والراجح والله أعلم.
للمراجعة: ( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء - 9/257 - 9/254 )، (كتاب مجموع فتاوى ابن باز -14/125 )، ( كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين - 6/145)، ( فتاوى الدكتور عبد الملك السعدي – موقع الأمة الوسط )، ( كتاب زكاة رواتب الموظفين – اليزيد الراضي، ص 13).
إصدار : المركز الإعلامي لطريقة القاسمي الخلوتية الجامعة ، باقة الغربية ، ص.ب 62
www.alqasimy.com