استراتيجية لعلاج أمراض القراءة
ما الطلاقة؟
يقول المعجم الوسيط في مادة "ط ل ق"، في جزئه الثاني، ص563:
"* طَلَق يطلُق طلوقا وطلاقا: تحرر من قيده ... * طلُق يطلُق طلوقة وطلاقة: طلَق".
أي أن الطلاقة هي التحرر من القيود، والانطلاق من دون عائق يعيق ولا قيد يقيد.
وما العوائق التي يمكن أن تعيق القارئ في القراءة؟
إنها أمراض القراءة التي تعبر عنها بعض كتب تدريس اللغة العربية بـ"العسر القرائي" أو "صعوبات القراءة".
ما أعراض هذه الأمراض القرائية؟
قسمها كلٌّ من الدكتورة هويدا محمد الحسيني والدكتور عادل عجيز في كتابهما "محاضرات في طرائق تدريس اللغة العربية" المقرر على طلاب دبلوم خاص مناهج وطرق تدريس بكلية التربية، جامعة المنوفية، في العام الدراسي 2014/2015م، ص ص40-44- الأقسام الآتية:
(1- الضعف في تعرف المفردات: ويشمل: التعثر في النطق من دون مساعدة، وضعف التهجي، والخلط بين الحروف المتقاربة صوتيا كالتاء والداء، والعجز عن التمييز بين الكلمات المتشابهة مثل "بيت وبنت"، و... إلخ.
2- الضعف في القراءة الجهرية: ويشمل: التردد في القراءة أي القراءة المتقطعة، ، والبطء القرائي، وعدم الاحتفاظ بمكان القراءة، وتتبع الكلمات بالإصبع، وتكرار بعض الكلمات وبعض الجمل المقروءة سابقا، و... إلخ.
3- الضعف في القراءة الصامتة: ويشمل: تحريك الشفتين، والعجز عن الاحتفاظ بمكان القراءة، وتتبع الكلمة بالإصبع، وعدم التمييز بين الفكر الرئيسة والفرعية، وعدم ملاحظة التفاصيل، و... إلخ).
وهي مقلوب المهارات المطلوب وجودها في القراءة ومعكوسها؛ فالمهارات عنوان الصحة القرائية، وعدم وجوده دليل المرض القرائي، وقد ذكرت تلك المهارات في مقال "القرائية في أدلتها الإرشادية ودوراتها التدريبية تتجاهل ما لا يجب تجاهله".
وقد ذكر الدكتور حسن شحاتة في كتابه "تعليم اللغة العربية بين النظرية والتطبيق" ص168 بعضا من عوامل هذا الضعف القرائية، فذكر أن منها "الأسباب الجسمية ومنها عيوب الغدد والسمع والبصر، والذكاء".
وقد يكون من أسبابها اضطرابات الكلام التي قسمها مؤلفو كتاب "سيكلوجية ذوي الاحتياجات الخاصة" المقرر على طلاب الدبلوم العام بكلية التربية، جامعة المنوفية، ، ص ص 186-207 في العام الدراسي 2012/2013م- أقساما هي:
1- العيوب التعبيرية أو الأفيزيا نتيجة خلل ما في الجهاز العصبي المركزي، وهي تنقسم أقساما، هي: أفيزيا حركية أو لفظية وتعني عدم القدرة على التعبير الحركي الكلامي نتيجة وجود حُبْسة، وأفيزيا حسية أو فهمية تعني عدم فهم الكلام المنطوق للعمى السمعي وعدم القراءة الصحيحة للعمى اللفظي، و... إلخ.
2- العيوب النطقية التي تشمل الإبدال والحذف والقلب أي الديلكسيا، والتشويه أي الكلام الطفلي بأنواعه المختلفة.
3- العيوب الصوتية وتعني اضطرابات خاصة بشدة الصوت ونعومته وحدته ودرجته.
4- العيوب الإيقاعية وتعني اضطراب إيقاع الكلام وانسيابه من سرعة شديدة أو بطء وتوقف ومد وتكرار المقاطع، مثل اللجلجة.
(2)
ما العلاج؟
ما علاج تلك الأسباب المانعة من الطلاقة القرائية التي سبق ذكر بعضها؟
تذكر كتب تعليم القراءة وتدريس اللغة العربية الحل متمثلا في القراءة العلاجية التي تنهض على تكرار التجربة، وتهيئة سمات خاصة للمطبوعات المستخدمة في العلاج، وغير ذلك من أمور.
لكنها لا تذكر الطلاقة القرائية من بين وسائل العلاج.
لماذا؟
لأنهم قد يتوهمون أن الطلاقة تخص المتميزين الماهرين لا المتعتعين، لكن الأمر على خلاف ذلك.
كيف؟
إن تجربة الطلاقة مع إتاحة بيئة تعليمية آمنة تجعل التحسن القرائي ملحوظا.
كيف؟
يهيئ المعلم البيئة الآمنة بتهيئة الأمور الآتية:
1- يَمنع تعليق التلاميذ على زميلهم القارئ.
2- يَمنع توقف القارئ عن القراءة لأي سبب؛ فلو عجز عن قراءة كلمة فليتخطها.
3- يَمنع التوقف لمحاولة الفهم.
4- يعتمد التعزيز الإيجابي مهما كانت النتيجة.
5- يلتزم بالوقت من أول محاولة، وهو الدقيقة أي ستون ثانية.
6- يُحدد الكم القرائي النهائي الذي يطمح إليه القارئون، وهو 250 كلمة في الدقيقة.
7- تبدأ المحاولات المهيئة بـ40 كلمة، ثم ترتفع في الجلسة ذاتها إلى 60 كلمة، ثم تزداد كلما حقق القارئون الكم بيسر وسهولة.
8- يشترك في القراءة الجيدون وغيرهم ممن يراد تدريبهم.
9- يبين للجميع سنة الله في خلقه المتمثلة في الفروق الفردية، ويهيئهم لتقبل قدراتهم، ويذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في القارئ الماهر والقارئ المتعتع الذي روته أمنا عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ) [رواه مسلم].
(3)
ما المنطلق في اعتماد الطلاقة القرائية استراتيجية علاجية لضعيفي القراءة؟
إنه تقوية ثقة ضعيفي القراءة بأنفسهم من خلال تجارب عملية يسمعون أنفسهم فيها منطلقين بالقراءة المتجاوزة التي قد تتجاوز عن كلمة أو أكثر للصعوبة في البداية، وعملا بالقول الحكيم: "إن عجزت عن المشي فَاجْرِ حتى يكون المشي شيئا ميسورا هينا".
إن هذه التجربة تلهب حماسة الجميع قويهم وضعيفهم، وتغدو مطلبا للجميع يحرص عليها الضعيف قبل القوي كما رأيتُ ذلك من خلال تجربة ممتدة على أسنان تبدأ من الصف الثالث الابتدائي حتى الثالث الإعدادي مرورا بما بينهما.
__________________