title="منتديات التربيه الاسلامية جنين - منتدى اللغة العربية وآدابها - RSS Feed" href="external.php?type=RSS2&forumids=54" /> من دلالات الكلام
  الرئيسية التسجيل خروج  

صفحتنا على الفيس  بوك  صفحتنا على  اليوتيوب  صفحتنا على تويتر  صفحتنا على جوجل  بلس

منتديات التربية الاسلامية جنين ترحب بزوارها الكرام ،،،، اهلا وسهلا بكم ولطفا يمنع نشر اي اعلان او دعاية تجارية هنا مع جزيل الشكر كلمة الإدارة


   
العودة   منتديات التربيه الاسلامية جنين > الأقــســـام الــعـــامــة > منتدى اللغة العربية وآدابها
   

آخر 10 مشاركات علاج التهاب اللثة: كيف تتخلص من الألم وتحافظ على صحة فمك؟ (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          عيوب زراعة الأسنان: ما لا يخبرك به البعض عن هذا الإجراء (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          هل ينمو السن المكسور عند الأطفال؟ الأسباب والعلاج والنصائح الهامة للأهل (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          شرح بالصور التسجيل في الميديا فاير ( رفع الملفات ) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 125 - المشاهدات : 1512 )           »          تصميم تطبيق لمحطات الوقود (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          الاستثمار في الذهب (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - المشاهدات : 3 )           »          الدليل الحصري لتعلم التداول من الصفر خطوة بخطوة (تجربة شخصية ونصائح عملية) (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          خطط 11+12 ف1 (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 2 )           »          ألم حشو العصب: متى يكون طبيعيًا ومتى يستدعي القلق؟ (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          علاج تآكل الأسنان الأمامية: استعادة ابتسامتك بثقة (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )


من دلالات الكلام

منتدى اللغة العربية وآدابها


إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
   
رقم المشاركة : ( 1 )
 
عضو جديد
مهاجر أحمد غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 10053
تاريخ التسجيل : Feb 2024
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 11
عدد النقاط : 10
قوة التقييم :
افتراضي

كُتب : [ 02-15-2024 - 04:47 PM ]


وجزاك أستاذ عبد الله ونفعك ونفع بك .

فكان من ذلك المذهب الذي يُبْطِلُ دلالة النص ، وإن تَلَطَّفَ في النطق ، كان منه ما تَقَدَّمَ من قَصْرِ الخطابِ الشرعيِّ على المدلول اللفظي ، كما خطاب المواجهة الأول في قوله تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ، فإن من الأمر ما أضمر فيه الفاعل وجوبا ، وهو ما يضاهي في الدلالة ضميرَ المخاطب المفرد المذكر ، فذلك أَوَّلُ مَنْ إِلَيْهِ خطاب الوحي قد تَوَجَّهَ ، صاحب الشريعة صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فَلَوِ اقْتَصَرَ الناظر على ذلك وصيره واقعة عين لا تتكرر ، فقد أبطل دلالة الشرع المنزل ، إذ لا يجاوز إلى بقية الجنس المكلَّف ، فَرَدَّ خطاب التشريع الأعم بما كان من خطاب المواجهة الأخص ، وهو كالسبب الذي نَزَلَ عليه العام فلا يخصصه إلا أن يكون ثم قرينة تخصيص تقصر الدلالة على واحد وهو سبب النزول ، كما في خصائص الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فـ : "وَاصَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَنَهَاهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ؟ فَقَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى»" ، فَثَمَّ من وصال الصوم ما يجري مجرى واقعة العين فلا يشرع فيه التأسي ، كما غَيْرٌ من أحكام الشريعة ، فذلك أصل يستصحب ، فـ : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) ، وهو ما دخله التوكيد القياسي ، فَثَمَّ لام ابتداء أخص ، وهي لام الجواب لقسم قد قُدِّرَ صدرَ الكلامِ ، فَلَهَا اسم أعم ، وهو الجنس العام الذي يجرده الذهن ، جنس الابتداء ، وتحته أنواعٌ تَتَمَايَزُ ، ومنها لام الجواب ، جواب القسم المقدَّر ، ومنها ما يتأخر إذا اشتغل المحل بمؤكد أقوى ، كما الناسخ ، وله المثل يضرب بقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) ، فلو سِيرَ بالكلام المسيرَ القياسي المطرد ، لكان من النطق ما يثقل ، إذ اجتمع اثنان من جنس دلالة واحد ، اجتمعا في موضع واحد ، فقيل : لإنه حق اليقين ، فكان من إصلاح المنطق أن يتأخر واحد منهما ، وهو الأضعف ، وذلك ما يواطئ القياس المصرح ، إذ يقدم ما حقه التقديم وهو الأقوى ، فقدم الناسخ ، وَأُخِّرَ ما حقه التأخير وهو الأضعف ، فتلك لام الابتداء التي تأخرت ، فدخلت على الخبرِ ، واصطلح أنها المزحلقة .
فَلَامُ الابتداءِ قد تَتَجَرَّدُ في دلالتها ، فلا تجاوز وضع اللسان الأول ، ولا يكون من القرينة ما يقيد ، فيكسبها من الاسم تاليا يزيد ، كما لام الابتداء في جواب القسم المقدر ، فهي دليل على محذوف أول ، وهو القسم المقدَّر ، وثم قرينة أخص ، فإن لام الابتداء لا تدل على قسم مقدَّر في كل موضع ، إذن لصارت لام الجواب في كل سياق ، وليس ذلك بمتحقق ، بل لا تحمل اسم الجواب إلا في مواضع مخصوصة ، كما هذا الموضع ، إذ ثم من القرينة ما رفد وهو دخول اللام على "قد" التحقيقية التي دخلت على العامل الماضي "كان" ، فحصل من ذلك قرينة مركبة ، إذ ثَمَّ لام ابتداء قد اتصلت بالحرف "قَدْ" ، وهو ما احتمل أضدادا من الدلالة ، فاحتمل ، كما يقول أهل الشأن ، التحقيق إذا دخلت "قَدْ" على الماضي ، والتشكيك إذا دخلت على المضارع ، وإن لم يطرد ذلك في كل موضع ، فذلك مما يجري مجرى الغالب الذي يستصحب حتى يكون ثم من القرينة ما يصرف ، كما في قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ) ، فالله ، جل وعلا ، يعلم ، بداهة ، ما الخلق عليه ، إن علم التقدير الأول الذي أحاط فَاسْتَغْرَقَ ، فيكون من المضارعة في هذا الموضع ما به استحضار صورة لِمَا قَدُمَ في الأزل من علم إحاطة يستغرق المقدورات كافة ، الأعيان وما يقوم بها من الأوصاف والأحوال ، وما تُبَاشِرُ من الأسباب ، وقد يُحْمَلُ العلم في الآية على ما يكون بَعْدًا من علم ظهور وانكشاف تَالٍ فَهُوَ يُصَدِّقُ ما كان أَزَلًا في علم التقدير الأول ، وهو ما له ثالث يؤكد ، فذلك علم الإحصاء الذي يُكْتَبُ في صحف الْمَلَكِ ، فالله ، جل وعلا ، يأمره بالكتب ، وهو يُبَاشِرُ الفعل ، فِعْلَ العلم الذي يُصَدِّقُ ما كان أولا من علم التقدير المحكم ، فَيَكُونُ من ذلك وَصْفُ فِعْلٍ يُنَاطُ بالمشيئة ، فَحُدَّ "يَعْلَمُ" حَدَّ المضارع الذي تحدث آحاد منه في الخارج ، وله نوع أول يقدم ، فإن الله ، جل وعلا ، قد علم العلم الأول ، ثم كان من آحاده تال يصدق إذا وَقَعَ المقدور ، فَيَتَنَاوَلُهُ العلمُ من هذا الوجه ، فذلك الإحصاء والعد ، خلاف أول يتناول التقدير ، فذلك علم محيط يجمع ، وهو ما تناول المحال والأسباب كافة ، وما سُنَّ لها من السنن المحكم الذي عليه تجري بما رُكِزَ في كُلٍّ من القوى ، فقوى السبب تُؤَثِّرُ ، وقوى المحل تَقْبَلُ ، وكل قد قُدِّرَ في الأزل على ماهية مخصوصة ، فذلك أول قد استغرق المقدورات كافة ، وَثَمَّ تال يصدق ، إذ استغرق الموجودات المصوَّرات المدبَّرات كافة ، فذلك تأويل لَمْ يَزَلْ يحدث ، وهو لعلم أول يُصَدِّقُ ، وبه يخرج المقدور من القوة إلى الفعل ، من العدم إلى الوجود ، وكان ثم من مناط العلم تال ، وهو علم الإحصاء الجامع ، وذلك مما تحدث آحاده في الخارج ، وإن كان ثم نوع أول يقدم ، فذلك علم الإحاطة المستغرق ، فتأويله في الخارج : علم إحاطة يستغرق ، أيضا ، فالأول يستغرق المقدورات ، والثاني يصدق إذ يَسْتَغْرِقُ بَعْدًا موجودات في الخارج تحدث ، فيكون من المرجِّح من خارج ما به وجوبها بعد جواز أول ، فذلك العدم الذي يستصحب إذ استوى طرفاه في الاحتمال ، الوجود والعدم ، فلا ينفك يطلب مرجِّحًا من خارج يوجِب ويوجِد ، فيصير من الوجود في الخارج تال يصدق ، ولا يكون ذلك بمحض التحكم ، وهو مما يجافي القياس المصرَّح ، أن الترجيح لا يكون إلا بمرجِّح من خارج ، فكان من ذلك كلم تكوين يحدث ، وهو عن المشيئة النافذة يَصْدُرُ ، وهو تأويل لما كان في الأزل من وصف الكلام الذي قدم نوعه ، فَثَمَّ من آحاد الفعل ما يصدق ، وهو ، أيضا ، تأويل لما قدم من العلم الأول المحيط ، فثم من آحاد المعلومات في الخارج ما يحدث ، إذ ثم من آحاد المقدورات ما يحدث ، ولها وجود تال يصدق ، وهي ، كما يقول أهل الشأن ، مما له في المدلول أخص ، فالمعلوم أعم إذ يَتَنَاوَلُ كُلَّ شَيْءٍ ، ولو الفرضَ المحال الممتنع لذاته ، فَيُفْرَضُ ويكون من العلم ما يُبِينُ عن عاقبته لو حَدَثَ ، ولو الفرضَ المحضَ في الجدل ، كما آي من الذكر المحكم ، فـ : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) ، فلم يكن ثم آلهة إلا الله ، جل وعلا ، ولم يكن ثَمَّ فساد في الكون ، بل قد جرى على السنن المحكم ، وهو ما يُجْرِي ما تَقَدَّم من الآية مجرى الفرض المحض ، تَنَزُّلًا في الجدال مع الخصم ، وذلك دليل أن الحاكم الذي يأمر واحد لا يَتَعَدَّدُ ، فَلَهُ من واحدية الذات وأحدية الوصف الذي به يحكم ، له من ذلك ما به قد انفرد ، فاستوجب التوحيد في التكوين والتشريع كافة ، توحيد ربوبية بأفعاله وتوحيد ألوهية بأفعال عباده ، وذلك التوحيد الذي بشرت به النبوات كافة ، فـ : (مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) ، فالحكومات الكونية التي تُدَبِّرُ والحكومات الدينية التي تُشَرِّعُ ، كُلُّ أولئك مما به امتاز مِنْ غَيْرٍ ، وإن كان ثم آلهة فيهما فهي باطلة ، فلا حكم لها يستقل بالنفاذ ، وإنما هي من جملة الأسباب التي بها تأويل المقدور الأول ، كما الْمَلِكُ من الخلق ، فهو يأمر وينهى ويتصرف في ملكه ، وهو ، مع ذلك ، لا يستقل بذلك ، بل لا ينفك يفتقر إلى أسباب بها يُجْرِي حكوماته ، وهي ما استوجب شرطا يُسْتَوْفَى ومانعا يُنْفَى من منازعة ملك آخر أو عصيان وخروج عن حكمه قد يُفْضِي إلى زَوَالِهِ كما قد تَكَرَّرَ فِي كُلِّ جِيلٍ ، فذلك تأويل الإيتاءِ والنَّزْعِ في محكم الذكر أَنْ : (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، فَرُدَّ الملك المحدَث إلى مالك الملك ، جل وعلا ، فَلَهُ من ذلك وصف أعم ، وهو ما استغرق الملوك كافة ، إذ يَتَصَرَّفُ فيهم تَصَرُّفَ المدبِّر المطلق فلا يفتقر إلى سبب من خارج به إنفاذ حكومته ، ولا يكون ثم مانع من نَفَاذِهِ ، إذ ليس أحدٌ ينازعه ملكه ، كما ملوك الأرض إذ يَتَنَازَعُوَن ، فَيَبْغِي بعضهم على بعض ، وتلك سنة في الخلق تطرد بما جبلوا عليه من الفقر والأثرة والشح ، فـ : (إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) ، فيأكل القوي الضعيف ، وهو ما حد له أهل السياسة المحدثة معيارا لا يَذُمُّ ، بل تلك قاعدة التطور الذي يَرُدُّ الخلق إلى أصل مجرد ، فَيَنْزِعُ عن البشر خاصة التشريف بالعقل ، وما ضُمِّنَ من معيار الحسن والقبح الذي يميز الإنسان من سَائِرِ النَّوْعِ ، فَجُرِّدَ من ذلك أَنْ سُوِّيَ بِغَيْرٍ ، فلا تفضيل ولا تكريم ، وإنما أصل مادي حقير ، قد وجد بلا موجِد ! ، ثم خبط في الحركة فأفضى إلى هذا الخلق المجرد من القيمة والمبدإ ! فقانونه قانون الطبيعة التي لا ترحم ، إذ البقاء فيها للأقوى ، فمن قَدَرَ فَلْيَظْلِمْ ، وإلا كان عاجزا لا يقدر ! ، فإن تجد ذا عفة فَلِعِلَّةٍ لا يظلم ، كما قال أبو الطيب ، فصار الظلم من شيم الملوك ، وهو ما لا يقبح إذ يحكي حكومة الطبيعة الصارمة التي تصدر عن قاعدة تطور يَنْتَخِبُ ، فلا بقاء إلا للأقوى ، وإن بَغَى وَظَلَمَ ، وذلك ما يحكي آخَرَ من التعصب لِعِرْقٍ أو عنصر ، فلا ينفك يستعبد غَيْرًا من البشر ، إن رِقًّا يُصَرِّحُ أو آخر يُكَنِّي ! ، فلا يرى في الإنسان إلا مادة تُسْتَعْمَلُ فلا تجاوز الحس المحدث ، إذ لا تقر بحقيقة منه إلا ما يرصد بالتجريب والبحث ، لا جرم كان من علوم الاجتماع في الجيل المتأخر ما صدر عن وضعية لا تقر إلا بالمحسوس ، فصار المثال في حد القاعدة الاجتماعية : الكلب أو القرد ..... إلخ ، إذ لا يصدر الاجتماع الحديث إلا عن معيار المادة التي يتناولها الحس المحدث ، فذلك الجسد الذي استوى فيه الإنسان والكلب والقرد ! ، فليس ثم حقيقة تَلْطُفُ ، وبها امتاز الإنسان المكلَّف أن كان له من ذلك روح تكمل ، فآثارها تجاوز حياة الحس والحركة ، فَثَمَّ أُخْرَى من الفكرة والشرعة ، وليست تقوم بداهة إلا بعقل تام يدرك من المعاني ما جاوز الحس ، لا جرم كان له من المنطق ما يبين ، وهو حكاية عقل أول يميز ، وذلك تأويل لروح لطيف ، فروح الإنسان المكلَّف محل تكليف أول بما وَقَرَ في الجنان من التصور والإرادة ، وهما باعثا الحركة في الخارج ، إن قولا أو عملا ، إن فعلا أو كَفًّا ، فكان من قواعد الاجتماع المحدَث ما أهدر الخاصة الإنسانية الأشرف ، فكان من ذلك مثال الوضع المحدَث الذي يسلك بالإنسان مسلك المادة المجردة ، فَلَيْسَ إلا شَيْئًا من جملةِ أشياء تُسْتَعْمَلُ ، وقيمته لا تجاوز ما يُنْتِجُ وَيَسْتَهْلِكُ ، فلا يمتاز من الحيوان الأعجم الذي لا يجاوز تصوره مدارك حسه من لذة وألم يباشر ، وقد صار المرجع في باب التحسين والتقبيح دون آخر يجاوز ، فيحكي من القيم والمبادئ ما يَمِيزُ الإنسان ذَا العقل والمنطق من الحيوان الأعجم ، فكان من قواعد الاجتماع المحدَث ما يتبجح أنه يسلك بالإنسان مسلك الحيوان أو المادة الاستعمالية المجردة من الأخلاق والأحكام ، فانحط الاجتماع المحدَث بالإنسان إذ قصره على الجسد فلا يَتَنَاوَلُ من بحثه إلا ما يدرك بالحس ، فأهدر منه الحقيقة المركبة من الروح والجسد ، وله من بواعث الفكرة والشرعة ما يلطف ، فذلك مما يجاوز معيار الحس المحدث ، فليس منه إلا صورة اللحم والدم لا آخر يجاوز مما لطف من مادة الروح وهي مناط الأديان والأخلاق التي تميز الإنسان من سائر الأجناس ، فوحده ذو المنطق الذي يحكي من العقل ما ينصح ، ووحده من له من الأديان والأخلاق ما يأطر على جادة الحكمة ، فَثَمَّ من العقل حَكَمَةٌ تُلْجِمُ النَّفْسَ ، وليست تكمل إلا أن تُرْفَدَ بآخر من حَكَمَةِ الوحي التي تأطر النفس على جادة العبودية الحقة ، وبها تحرير الإنسان من رق المادة التي لا تجاوز مدارك الحس ، فلا غاية من الإنسان إلا أن يُتَّخَذَ آلةً بها تثمير الربح وحصول اللذة ، وهو ما يصدر عنه كُلُّ مثال أرضي يغلو في حقيقة الإنسان ، فهو الإله الذي حلت فيه الروح العليا ، وهو ما يَتَحَكَّمُ بعدا أن يقصر ذلك على جنس أو شعب قد اختير ، فصار له من الْبُنُوَّةِ ما يُسَوِّغُ ، فـ : (قَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ، وذلك أصل عام قد استغرق المقالات المحدثة ، وإن لم يكن لها نسبة إلى الرسالات تثبت ، ولو المبدَّلة ، فكان من ذلك مثال محدث في الجيل المتأخر ، وهو باعث احتلالٍ وانْتِهَابٍ على قاعدة تطور تَرَى في غير أنه لَمَّا يَسْتَكْمِلْ بعد وصف الإنسان الذي تَحَكَّمَ الأقوى فَحَدَّ من ماهيته ما لا يجاوز ذاته ، فغيره ليس بِبَشَرٍ يَكْمُلُ ، فَنَزَعَتْ عنه خاصة التكريم والتفضيل ، فليس إلا المادة التي يستعملها الأقوى في مثال أرضي محدَث ، مع إسراف في القتل والسفك ، فالصالح من الآخر هو الميت ، كما طلائع احتلال أولى قد جازت إلى العالم الجديد فلم تَرَ صالحا من أهله إلا المقتول ، وكذا آخر في الأرض المقدسة ، وله تأويل في الحال يُشْهَدُ ، فَثَمَّ الإسراف في القتل والتبجح بالسفك والهدم فلا يُكَنِّي بل يُصَرِّحُ ، وَيَرَى ذلك ما لا يُعَابُ ولا يَقْبُحُ ، فقد نَزَعَ عن الخصم خاصة الإنسان فاستحل منه ما استحل ، فصدر عن مثال التحكم في الاختيار الذي غلا في الحقيقة الإنسانية لدى المبدإِ ، فقد حَلَّتْ فيها روح إلهية عليا ، ثم كان آخر قد قصر هذه المادة الحلولية على عرق أو عنصر ، قد تحكم في الدعوى أنه الأفضل ، ولو لم يُقِمْ على ذلك دليلا ينصح ، بل دليل الوحي المحكم بضد يشهد ، فـ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ، وذلك المعيار الذي به صلاح الأرض ، لا آخر من حال الخلق إذ يَبْغِي بعضهم على بعض إذا لم يكن ثم مرجع من خارج يجاوز قد سلم من الأهواء والحظوظ كافة ، وتلك مادة فساد في الأرض ، إذ كُلٌّ إلى مُلْكِ غيره يفتقر ، فيكون من ذلك تخاصم وتقاتل ، وليس ثم معيار من خارج يأطر ، وليس ثم مرجع يجاوز من حكومة وحي ناصح يحكم مَا نَفَذَ من سَنَنِ التدافع ، فَثَمَّ من حال الملوك في الأرض ما يدل ضرورة على ضِدٍّ من حال مالك الملك ، جل وعلا ، إذ بِضِدِّهَا تتمايز الأشياء ، فَلَهُ ، عز وجل ، من الغنى ما أُطْلِقَ ، ولهم من ضده : فَقْرٌ ذاتي لا يُعَلَّلُ ، وهو باعث الشح والأثرة وما يكون من البغي والعدوان بغير حق ، وأولئك لا استقلال لهم بالحكم ، بل لا ينفك كُلٌّ يَفْتَقِرُ إلى أدوات إنفاذ ، بل الملك من ملوك الأرض ، هو في نفسه سبب به إنفاذُ قَدَرٍ أول ، ولو في وجودهم لدى المبدإِ ، وهو ما استوجب قَيْدًا يميز في قوله تعالى : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) ، على تأويل : لو كان فيهما آلهة تَسْتَقِلُّ بالفعل والتأثير سوى الرب الحميد المجيد ، جل وعلا ، لو كان ذلك لفسدت السماوات والأرض ، ولكنه لم يكن ، فدل ذلك على انْفِرَادِ واحد بالخلق والحكم .
والشاهد أَنَّ ثم من آحاد المقدورات ما يحدث ، فَلَهَا من العلم مَنَاطٌ أول وهو التقدير في الأزل ، ولها منه مناط ثان ، وهو عِلْمُ الإحصاءِ الذي يستغرق الموجودات كَافَّةً ، فذلك تصديق ما كان أولا من المقدورات في علم محيط في الأزل ، فَلَهُ من وصف القدم ما يضاهي قِدَمَ الذات ، فقد قام بها في الأزل ، فَلَهُ من الأولية المطلقة ما يعدل أولية الذات المطلقة ، وذلك أصل قد استصحب في الإلهيات كافة ، فإن من القدم والأولية ما عم فاستغرق الذات القدسية وما يقوم بها من الوصف ، ومنه وصف الفعل ، وهو ما ينصرف إلى النَّوْعِ ، فإن من الآحاد ما يصدق فيه أنه المحدَث ، لا أنه المخلوق من العدم ، بل له من النوع ما قَدُمَ ، وهو ما حصل في الأزل على حَدِّ الكمال المطلق ، فكان له من ذلك وجود أول ، وذلك أصل في الباب يُسْتَصْحَبُ ، فَإِنَّ قِدَمَ الذات وما يقوم بها من الوصف ، إن وصفَ الذات أو آخر من الفعل بما انصرف ، كما تقدم ، إلى نوع الفعل دون آحاد منه تحدث ، فإن كل أولئك مما ثبت في الأزل على حد الكمال المطلق ، فتلك الأولية في النصوص الإلهية ، وهي ما نَصَّ عليه الوحي نَصَّ الخبرِ المحقق ، فكان من ذلك قصر بتعريف الجزأين يُؤَكِّدُ وهو ما يجري مجرى الحقيقة بالنظر في دلالة الأولية المطلقة في قوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ) ، وهو ما رَفَدَ "أل" إذ تحكي لدى المبدإ : بَيَانَ الجنس المطلق ، وآخر في الدلالة يستغرق وجوه المعنى ، فتلك الأولية المطلقة ، وآحاده ، وهو ما يَرْفِدُ دلالة "أل" أنها عهد خاص يَنْصَرِفُ إلى واحد في الخارج لا نِدَّ له ولا نظير يُضَاهيِ ، وهو أصل يَطَّرِدُ في الأسماء والصفات كافة ، فإن دلالة "أل" في الأسماء الحسنى مما يحكي معنى لا تجوز فيه الشَّرِكَةُ ، وهو الكمال المطلق الذي لا يَتَطَرَّقُ إليه النقص ، من وجه ، فلئن جازت الشركة في الأجناس الدلالية المطلقة كما الأولية والعلم والحكمة .... إلخ ، فلا تجوز في الحقائق الخارجية إذ لكلٍّ منها ما يواطئ ذاته ، فَلَا تُطْلَقُ الأسماء في باب الإلهيات مُحَلَّاةً بالأداة "أل" ، إلا وهي تَنْصَرِفُ إلى كمال مطلق ، وذلك ما لا يصدق إلا في واحد في الخارج ، وهو الرب الخالق ، جل وعلا ، فدلالة "أل" في "الأول" و "العليم" و "الحكيم" ...... إلخ ، تلك دلالة العهد الخاص الذي ينصرف إلى الكمال المطلق ، فلا يكون إلا لواحد في الخارج ، له من المعنى كمال مطلق ، وَأَزَلِيَّةٌ فَهُوَ الثابت لَدَى المبدإِ ، فعنه تصدر المخلوقات المحدثات كافة ، صدور المخلوق عن الخالق الأول بما يكون من كلم تكوين ينفذ ، وذلك مما عم الأشياء كافة ، فهو أصل قد اطرد في المخلوقات المحدثات كلها ، فـ : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) .
وتلك ، كما تقدم ، أولية مطلقة قد تَنَاوَلَتِ الذات والاسم والوصف ، إِنْ وَصْفَ الذات أو وصفَ الفعل ، على التفصيل آنف الذكر ، إِنْ وَصْفَ المعنى أو وصفَ الخبر الذي لا يَثْبُتُ إِلَّا بِالنَّصِّ ، فالعقل ، بادي النظر ، لا يُثْبِتُ ولا يَنْفِي ، بل غايته في الصفات الخبرية أن يُجَوِّزَ ، وذلك مما استوى طرفاه في الاحتمال ، فلا ينفك يطلب المرجِّح من خارج ، وإلا اسْتُصْحِبَ فيه العدم ، عدم العلم فليس دليلا على العلم بالعدم من وجه ، وليس ، من باب أولى ، دليلا على الوجود ، بل العقل يَتَوَقَّفُ في الباب ، فَلَا يُثْبِتُ ولا يَنْفِي ، إذ الجائز يَفْتَقِرُ إلى مرجِّح من خارج ، فيجري ذلك مجرى التأويل إذ يَفْتَقِرُ إلى قرينة الترجيح من خارج ، فلا تكون الدعوى المطلقة هي الدليل ، بل ذلك مما يفسد في الاستدلال إذ يصادر على المطلوب ، فصاحبه يستدل بصورة الخلاف التي لا يُسَلِّمُ بها خصمه ، فكيف يصيرها مقدمة في الاستدلال تَثْبُتُ ، ويصدر عنها في تَرْكِيبٍ وَتَصْنِيفٍ يُفْضِي إلى نَتِيجَةٍ نظرية تُسْتَنْبَطُ ، فَشَرْطُ النظري أن يصدر عن أول هو الضروري ، فيكون من مقدمات الضرورة في الخارج ما يَتَرَاكَبُ في الاستدلال الناصح إذ يُوَاطِئُ مِعْيَارَ العقلِ السالمِ من الآفة ، فلا يسفسط ، المسدَّدِ في القول والعمل ، فلا يجحد ، مع ظهور أدلة تُورِثُ اليقين الجازم ، فمبدأ الاستدلال النظري : مقدمات ضرورية يَنْتَظِمُهَا القياس المصرح ، فهو المنهاج الذي يسلك الباحث لِيَتَوَصَّلَ إلى معلوم نظري يُسْتَنْبَطُ ، فشرطه ، كما تقدم ، أن يصدر عن مقدمات ضرورة تَنْصَحُ ، ولا يكون ذلك إلا أن يسلم بها الخصوم كافة ، فَلَا يُسْتَدَلُّ بدعوى مطلقة هي في نَفْسِهَا تَفْتَقِرُ إلى دليل يُثْبِتُ ، وإلا كان التحكم ترجيحا بلا مرجِّح ، فقد جاوز المستدل ، فَرَجَّحَ في الجائز بلا مرجِّح ، وَأَثْبَتَ من الوجود ما يَزِيدُ ، وليس ثم دليل إلا عين الدعوى ، فحصل من ذلك دور يَبْطُلُ ، وكان منه فساد في الاستدلال يَعْظُمُ ، إذ استدل بصورة الخلاف ، فكان دليل الدعوى هي عين الدعوى دون آخر من خارج يجاوز فهو يُرَجِّحُ فيها ، وهو ما أبان عنه صاحب الإحياء رحمه الله ، إذ لو سَاغَ لِكُلِّ أحدٍ أن يَهْذِي بدعوى الضرورة التي تُوجِبُ ما يَهْوَى ، لَسَاغَ لمخالِف أَنْ يَنْقُضَ دعوى الأول بدعوى ضرورة تُثْبِتُ ضِدًّا ، وليس يفتقر إلى دليل في الباب أخص ، فإن الأول لم يُقِمْ على دعواه دليلا يجاوز ، لِيَتَكَلَّفَ المخالِف نَقْضَهُ ، بل لم يكن منه إلا دعوى تطلق ، وهي مما أَجْزَأَ فِي رَدِّهِ أخرى تُطْلَقُ ، إِذِ اسْتَوَيَا فِي القدرِ وَاخْتَلَفَا في الوجه ، فكان من ذلك تكافؤ فَتَسَاقُطٌ ، وذلك أصل في الجدال يُسْتَصْحَبُ ، كما أبان عنه في موضع آخر ، في باب التقليد ، فَإِنَّ مَنْ تَعَصَّبَ لإمامٍ بلا دليل ، فخصمه يحاجه أن ساغ لآخر أن يُقَلِّدَ إماما يخالفه دونَ دليلٍ في الباب ثابت إلا الدعوى المطلقة أَنَّ الإمام على حق ، ولو لم يُقِمْ صاحبها الدليل ، فيكون من ذلك ، أيضا ، تَكَافُؤٌ فَتَسَاقُطٌ ، فليست دعوى إمامك بأولى بالقبول من دعوى إمامه ، وليس لأحدكما دليل أخص إلا دعوى مطلقة أن الإمام على حق ، وهو ما افْتَقَرَ إلى دليلٍ من خارج يَثْبُتُ ، فلم يكن إلا دعوى في الباب تُطْلَقُ ، وَبَاعِثُهَا ما ذُمَّ من التعصب ، تقليدا بلا دليل يُرَجِّحُ ، فَلَوْ ساغ لِعَجْزِ الناظرِ أن يستدل ، فتلك الضرورة التي تُقَدَّرُ بِالْقَدْرِ ، وشرطها ألا يَتَعَصَّبَ لإمامه في كلِّ قولٍ ، فيزعم له الحق المطلق ، فتلك دعوى عصمة ، والأصل امتناعها في الخلق كافة ، إلا من عُصِمَ من أصحاب الرسالات ، فذلك الاستثناء لا الأصل ، احْتِرَازًا في موضعِ ضرورة تقدر بالقدر ، فلا يَتَوَجَّهُ التكذيب لهم أو الرَّدُّ أنهم قد أَخْطَئُوا في البلاغِ أو البيانِ ، فكان من العصمة ما تَنَاوَلَ كُلًّا ، البلاغ والبيان ، لمكانِ الرسالة في إقامة الحجة ، وإلا ما نصحت في الباب ، ولجاز لمنكِر النبوات أن يحتج باحتمال الخطإ ، وهو ، في هذا الموضع ، وإن استدل بالاحتمال المطلق دون أَنْ يُقِيمَ دَلِيلًا في الباب يُثْبِتُ ، إلا أنه ، من وجه آخر ، قد استدل بأصلٍ في الباب يُسْتَصْحَبُ ، وهو خطأُ البشرِ فلا أحد يعصم ، بِمَا جُبِلَ عليه الإنسان من النسيان والخطإ ..... إلخ من عوارض تطرأ ، فذلك الأصل في المخلوق المحدَث ، وبه استبان القدر الفارق بين الخالق ، جل وعلا ، والمخلوق الحادث ، إذ بضدها تَتَمَايَزُ الأشياء ، فامتاز الخالق ، جل وعلا ، بما تَقَدَّمَ من وصفِ العلمِ المحيطِ الذي اسْتَغْرَقَ ، وهو ما تناول الكليات والجزئيات كافة ، فكان من ذلك تقدير في الأزل هو المحكم ، وكان من تَالٍ ما به تأويل المقدور أن يحدث ، فيكون له من الوجود في الخارج ما يُصَدِّقُ ، فذلك ما يكون بمشيئة تَنْفُذُ ، وَكَلِمِ تكوينٍ عنها يصدر ، وهو ، كما تقدم ، من العلم الذي يُصَدِّقُ بما يكون من إيجاد وتدبير ، فهو التأويل لأول من التقدير ، فَثَمَّ من العلم تال قد استغرق الجليل والدقيق ، كما العلم الأول قد استغرق الكليات والجزئيات في التقدير ، فحصل من ذلك وصف أول يقدم ، مع آحاد له في الخارج تحدث ، وهي تعلق العلم بالموجود المعلوم إذ يصدق أولا من تعلق العلم في الأزل بالمعدوم المقدور ، فإنه مبدأ التقدير ، وإن كان له وصف الثبوت ، فذلك ما تناول العلم الأول المحيط ، فليس له تال من الوجود ، إذ لما يَزَلْ في العدم ، فهو الجائز الذي لمرجح يفتقر ، أن يتأوله فيرجح فيه الوجوب بعد الجواز ، والوجود بعد العدم ، فلا يكون ذلك ، بداهة ، إلا بمرجِّح من خارج الجائز ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الدعوى التي لا يجزئ إطلاقها في إثباتها ، بل ذلك التحكم المحض أَنْ يُسْتَدَلَّ على الشيء بنفسه فيكون من الدور ما يَبْطُلُ ، فلا يستدل بدعوى مطلقة لا يسلم بها الخصم فهي صورة الخلاف فلا يُسْتَدَلُّ بها ، وإنما يُطْلَبُ لها الدليل من خارج ، وكذا الجائز آنف الذكر ، فالدليل يُطْلَبُ له من خارج ، وإلا كان التحكم ، كما التحكم في الدعوى آنفة الذكر ، دعوى الصحة المطلقة في كل قول للإمام المتبوع في الفقه ، فإنها مِمَّا يَفْتَقِرُ إلى الدليل المرجِّح من خارج ، فلا تكون هي الدليل على نَفْسِهَا ، فليس ثم إلا تعصب صاحبها أن غلا في إمامه فاعتقد فيه عصمة ليست لأحد من الخلق إلا من اختصه الله ، جل وعلا ، بالنبوة والوحي ، فَصَنَعَهُ على عينه ، وجعل فيه الرسالة ، فذلك استثناء من أصل ، فَلَا يُقَاسُ عليه ، بل تلك ، أيضا ، ضرورة تقدر بالقدر ، إذ اختص بها آحاد من الخلق ، فليست أصلا في الباب يَعُمُّ ، بل هي الاستثناء وهو ما يَفْتَقِرُ إلى دليل إثبات من خارج ، بل هو في هذا الموضع ، آكد من دليل الترجيح في الجائز ، فإن الجائز مما استوى طرفاه في الحد ، فيطلب المرجِّح من خارج ، وأما دعوى العصمة فهي خلاف أصل أول يستصحب ، فلم يكن منها طرفان قد استويا ، بل ثم راجح مستصحب أن الأصل في الخلق الخطأ وعدم العصمة ، فإذا رام المستدل إثباتَ ضِدٍّ ، فهو يُثْبِتُ الاستثناء الذي يخالف عن الأصل ، فيطلب المرجِّح ، من باب أولى ، بل قَدْ وَجَبَ في هذا الموضع أن يكون الأقوى ، إذ يُقَابِلُ أصلا هو الأرجح ، لا آخر يعدله في الحد ، كما طَرَفَا الجائز مبدأَ النظرِ ، لا جرم كان من رحمة الله ، جل وعلا ، بالخلق ، أَنْ أَقَامَ من أدلة الإثبات والصدق في باب النبوات ما قد بَلَغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ إذ الحاجة إليها أعظم حاجة ، فهي ، كما يقول بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ ، أعظم من حاجة البدن أن يأكل ويشرب وينكح ، وإن كان من تلك حاجات ضرورة تعظم ، فحاجة الروح إلى الوحي أعظم ، بل وحاجة البدن إليه تعظم إذ يبين له عن حكومات في الفقه تَنْصَحُ ، فحاجة الروح أعظم إذ هي المحل الأشرف ، فكان من حاجتها ما رَجَحَ حاجة البدن ، وهو ، مع ذلك ، يفتقر إلى الوحي ، إذ له من حكومات الفقه ما يُحْمَدُ ، فامتثاله مما يُصْلِحُ الشأن كافة ، إن في المأكل أو في المشرب أو في المنكح ...... إلخ من أفعال الجبلة ، فحاجة الخلق إلى النبوة أعظم حاجة ، لا جرم كان من أدلتها ما كَثُرَ ما لم يكثر في غيرها ، فأفاد من التواتر ما يَقْطَعُ ، إذ يفيد من اليقين ما يجزم ، وذلك ما تَنَاوَلَ النَّوْعَ والشَّخْصَ ، كما قَرَّرَ أهل الشأن ، وعمدتهم في ذلك حديث هرقل ، فقد سأل عن مسائل تَتَنَاوَلُ الدعوى ، وذلك مسلك النوع في الاستدلال ، وسأل عن أخرى تَتَنَاوَلُ المدَّعي ، وذلك مسلك الشخص في الاستدلال ، فَحَصَلَ من ذلك ما ينصح في النبوات ، وكان من أولئك ما يُثْبِتُ العصمةَ ، عصمة البلاغ والبيان ، فلا يقول النبي فيهما إلا الحق ، كما في حديث ابن عمرو رضي الله عنهما ، وفيه : "كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالُوا: تَكْتُبُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا؟ فَأَمْسَكْتُ، حَتَّى ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «اكْتُبْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا خَرَجَ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ»" ، وذلك أمر إرشاد ونصح ، ولا يخلو من دلالة الإيجاب ، ولو في الجملة ، فهو مما تَوَجَّهَ إلى المجموع لا الجميع حتى تحصل منه الكفاية التي تجزئ في حفظ الدين المنزل ، وذلك تأويل الخبر في الآي المحكم : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ، وذلك وَعْدٌ يَصْدُقُ ، وهو مما عَظُمَ في الحد ، فَحَسُنَ لأجلِ ذلك الإسناد إلى ضميرِ الجمعِ ، فَثَمَّ مِنَّةُ تَعْظُمُ من التَّنْزِيلِ ، وهو مما ضُعِّفَتْ عَيْنُهُ من العامل "نَزَّلَ" مَئِنَّةَ التكرارِ الذي يَتَنَاوَلُ الآحاد التي تَنَزَّلَتْ منجَّمة ، وثم أخرى قد أطنب بها من الحفظ ، حفظ الذكر المنزل في قوله تعالى : (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ، فكان من التوكيد في الشطر الأول : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) ، كان منه توكيد بالناسخ المؤكد "إِنَّ" ، وآخر باسمية الجملة ، فهي تحكي الديمومة والثبوت ، وثم من الضمير "نحن" ما احتمل ، كما يقول بعض من أعرب ، إذ حَدُّهُ في الاصطلاح أنه ضمير رفع ، وهو ما اسْتُعِيرَ في هذا الموضع تَوْكِيدًا لضميرِ نصبٍ "نَا" الدالة على الفاعلين في "نَزَّلْنَا" ومحلها النصب إذ هي اسم الناسخ ، والقياس أن يُؤَكِّدَ الناصبَ ناصبٌ مثله ، فاستعير المرفوع من الضمير "نحن" ، فهو مما يواطئ "نَا" في الدلالة ، مع آخر يَلْطُفُ ، فإن "نا" مما يتناوله الاحتمال : الرفع والنصب والجر ، فاغتفر لأجل ذلك ورود "نحن" مؤكدا له ، فإن من "نَا" ما احتمل الرفع ، ولو لم يُرْفَعْ في هذا الموضع ، مع آخر يزيد ، فإنه قَبْلَ دخول الناسخ ، مما يقدر بالضمير "نحن" ، فَيَجْرِي مجرى المبتدإ ، وهو فاعل المعنى ، فَجَازَ أن يُؤَكَّدَ بضميرِ رفعٍ يُضَاهِي ، وثم من أجرى "نحن" مجرى الابتداء لجملة هي الخبر ، فيكون من ذلك إطناب يؤكد ، وثم آخر من حَدِّ خبر الجملة : (نَحْنُ نَزَّلْنَا) ، وهو "نَزَّلْنَا" ، من حَدِّهِ جملة أخرى هي الفعلية ، وثم من تكرار الإسناد ما زاد في الدلالة ، فجرى مجرى التوكيد ، إذ كان منه أول وهو فاعل المعنى ، وذلك المبتدأ "نَحْنُ" الذي أسند إليه الخبر "نَزَّلْنَا" ، وذلك من جنس آخر قد تلا ، وهو فاعل اللفظ ، فتلك دلالة "نَا" التي أُسْنِدَ إليها فعل التَّنْزِيلِ ، وثم إطناب آخر يؤكد ، تكرار الناسخ "إِنَّ" في قوله تعالى : (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ، فكان الإطناب في الوعد ، وهو ما حُدَّ ، أيضا ، اسمية تحكي الثبوت والديمومة ، وثم توكيد آخر في اللفظ بما كان من لام الايتداء التي تأخرت فَزُحْلِقَتْ في "لَحَافِظُونَ" ، فمحلها الابتداء وإنما تأخرت في اللفظ وَالْكَتْبِ كراهةَ أَنْ تُزَاحِمَ الناسخ محل الصدارة ، فيجتمع اثنان من جنس واحد في موضع واحد من الكلام ، فتأخر الأضعف وهو اللام إذ "إن" أم الباب فَلَهَا منه الصدارة مطلقا ، وثم من تقديم الظرف "لَهُ" وحقه أن يتأخر ، ثم منه دليل حصر وتوكيد .
ولا ينفك ، ولو من وجه يلطف ، يحكي إنشاء يأمر بحفظ الذكر ، وذلك الاسم الأعم الذي تَنَاوَلَ ما يجاوز المتبادر من ذكر التَّنْزِيلِ المتواتر ، فَثَمَّ ذكر الشريعة ، وهو ما عم الآحاد والمتواتر ، فكان من ذلك خبر يُرَادُ به الإنشاء ، وذلك ما اصطلح في البيان أنه الاستعارة ، وهو مما به يستأنس من يجوز المجاز في اللسان والوحي ، فمنه الاستعارة آنفة الذكر ، ومن ينكر المجاز فهو على أصل أول يطرده في مواضع الخلاف كافة ، أن ذلك مما اشتهر في عرف اللسان المتداول ، فتلك الحقيقة العرفية الأخص التي تَقْضِي في أخرى أعم .
فَثَمَّ أمر بحفظ التَّنْزِيلِ كَافَّةً ، وهو ما تناول الآي والأخبار ، بل لو قُصِرَ عَلَى الآي فلا يتم حفظها إلا بحفظ الأخبار ، وهو مما يرجح في دلالة الأمر في الخبر آنف الذكر أَنِ : "اكْتُبْ" ، ما يرجح فيه دلالة الإيجاب ، ولو بالنظر في المجموع فيجري مجرى الفرض الكفائي الذي يسقط إذا حصل المراد بِفِعْلٍ بعضٍ لا كُلٍّ ، وهو من جملة أدلة قد تَنَاوَلَهَا مَنْ يُثْبِتُ كتابةَ السنة لدى المبدإ ، وهو سابق التدوين الذي جَمَعَ ، فكان من الْكَتْبِ مَبْدَأَ الأمرِ : صحفٌ كما الصادقة ، صحيفة ابن عمرو ، وكما صحف أخرى قد ثَبَتَتْ ، وَثَمَّ من المصنِّفِينَ من رواها كاملة ، أو انْتَقَى منها ما يُوَاطِئُ شَرْطَهُ ، لا أن بَقِيَّتَهَا خطأٌ أو كَذِبٌ ، بل لم تُوَاطِئْ شرطَه الذي اشترط ، إذ كان منه ما عَلَا في الدرجة ، كما الصحيحان .
فكان من الدليل الذي به يَسْتَأْنِسُ مَنِ اسْتَقْرَأَ نصوصًا من الأثر تَثْبُتُ ، وفيها دليل لِلْكَتْبِ يُجَوِّزُ ، كان منها ما تَقَدَّمَ في حديث ابن عمرو إذ أمره صاحب الشرع صلى الله عليه وعلى آله وسلم أَنْ يَكْتُبَ ، فكان من ذلك إرشاد ونصح ، ولا يخلو من لمحِ زجرٍ يُبْطِلُ مَا كَانَ من دعوى القوم إذ نهوا ابن عمرو ، فظنوا من كلام صاحب الشرع صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما لا يُعْصَمُ إذ يَتَكَلَّمُ في الرِّضَا والغضب ، فكان من الأمر ما يُنْكِرُ وَيُبْطِلُ ظَنَّهُمْ ، فذلك لمح الزجر في الأمر آنف الذكر ، فقد نهته قريش ، وذلك ، والشيء بالشيء يذكر ، ذلك مما يجري مجرى المجاز عند من يجوزه في اللسان والوحي ، فذلك من إطلاق كُلٍّ وهو قريش وإرادة بَعْضٍ ، وهم آحاد منها ، فأولئك من آمن من المهاجرين ومن تبع من الطلقاء ، فلم ينهوه جميعا في آن واحد في صعيد واحد ! ، فذلك ، بداهة ، مما لا يُتَصَوَّرُ في العقل الناصح ، وإنما نهاه آحاد منها ، وذلك نهي يُحْمَلُ ، أيضا ، على النصح لا التحريم ، وإن لم يخل من زجر وإنكار ، فإنهم استنكروا ما كان من حاله إذ يَكْتُبُ كُلَّ شيءٍ ، وهو ما صَدَّرَهُ بالكينونةِ الماضيةِ في "كُنْتُ" ، وهي مئنة الديمومة والاستمرار ، وذلك آكد في البيان والإثبات ، وثم من المضارعة في الخبر ما به استحضار صورة قد انْقَضَتْ ، مع آخر يحكي ديمومة واستمرارا بالنظر في حاله الماضية ، فتلك سنته الجارية ، ولا يخلو ذلك ، من إطناب في الخبر ، إذ حُدَّ جملةً ، وهي المضارع "أَكْتُبُ" ، وما اسْتَتَرَ فيه من الضمير وجوبا ، فذلك ضمير المتكلم المستتر ، وتقديره ما يعدله من الضمير البارز ، وهو ضمير المتكلم "أَنَا" ، وثم من أَلِفِ المضارعة صَدْرَ الفعلِ "أَكْتُبُ" ، ثَمَّ مِنْهَا ما يدل على الضمير المستتر ، فهو يُعَيِّنُ جهةَ الكلامِ ، وهي ما يصدر عن المتكلم ، كما التاء في "تَكْتُبُ" تُعَيِّنُ جهة المخاطَب في قولك : تَكْتُبُ الكتابَ ، فالضمير المستتر فيها وجوبا يقدر بضمير المخاطب "أنت" ، فتلك حروف المضارعة وهي ذات مدلول أخص ، وإن لم تبلغ في الحد أن تكون من حروف المعنى الخالصة ، إِنِ العاملةَ أو غيرَ العاملة ، فالألف في "أَكْتُبُ" ، والنون في "نَكْتُبُ" وهي دليل ضمير قد اسْتَتَرَ وتقديره ما يحكي الجمع فَيُقَابِلُ في المظهر "نحن" ، والتاء في "تَكْتُبُ" ، كل أولئك من حروف المبنى ، وإن كان لها وجه من المعنى إذ تحكي عين الضمير المستَتِر في العامل ، فهي القرينة التي تُعَيِّنُ ، وهي مما تقدم في النطق وَالْكَتْبِ ، كَتْبِ العامل فَمَبْدَؤُهُ حرفُ المضارعةِ الذي يحكي دلالة أخص ، وَإِنْ لم يَبْلُغْ بها أن يكون من حروف المعنى التي تخلص لها الدلالة .
وذلك الأصل في القرينة التي تُبِينُ عن المجمل ، فالأصل أَنْ تَتَقَدَّمَ ، فيثبت منها في الذهن مرجع ، وإليه يرجع الناظر في بَيَانِ المجملِ المتأخِّر ، فكان من تقدم هذه الحروف ما أبان عن الضمير المستور ، فدل المذكور المتقدم على المحذوف المتأخر ، وكان من ذلك في "أَكْتُبُ" ما يعدل في النطق ضمير المتكلم "أَنَا" ، فَثَمَّ إطناب في الإخبار بالجملة "أَكْتُبُ" ، فهي الفعل والفاعل المستتر ، وثم مِنَ التَّوْكِيدِ آخر قد اصْطُلِحَ أَنَّهُ تكرار الإسناد ، فَثَمَّ أول وهو تاء الفاعل في "كُنْتُ" ، وصورتها صورة المتكلم ، وذلك فاعل المعنى ، إذ هو المسند إليه مَا تَلَا من الخبر ، فأشبه الفاعل الذي يسند إليه ما يسبق من الفعل ، وثم ما استتر وجوبا في العامل "أَكْتُبُ" ، وذلك فاعل اللفظ ، فحصل من ذلك تكرار في الإسناد ، وهو مما به التوكيد يَزِيدُ ، وثم من العموم ما استغرق كل مكتوب ، فتلك دلالة "كُلَّ" ، وهي نص في الباب ، وهو ما احتمل ، أيضا ، أن يكتب ابن عمرو كل شَيْءٍ يصدر عن صاحب الشرع المحكم صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن في دين أو في دنيا ، واحتمل آخر ، وهو الأرجح ، أن يكتب ما له في الشريعة معنى ينصح ، إن في الخبر أو في الحكم ، فلا يتصور أنه كان يكتب كل شيء يصدر عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وَإِنْ أَمْرَ دنيا فَلَيْسَ بمناط تشريع ، لا في الجملة ولا في التفصيل ، فيجري مجرى أفعال من الجبلة لم يشرع فيها الاقتداء الأخص ، فلا أسوة فيها من هذا الوجه ، وإن كان ثم أخرى تلطف ، فهي أسوة المحبة أن يقلد المحِب من يجب ، فتدخل ، من هذا الوجه ، في عموم الأسوة في قوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) .

والله أعلى وأعلم .

توقيع :

رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدليلية (Tags)
الكلام, دلالات
   

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...

   
   

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات التربية الاسلامية جنين