* اختلاف النظم في العبارات ذات المعنى الواحد:
كذلك هناك اختلاف للنظم في العبارات ذات المعنى الواحد، مثل قوله تعالى: { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } [ الأنعام: 151 ]، وقوله تعالى: { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ } [ الإسراء: 31 ].ففي الحالة الأولى كان الفقر واقعًا فعلًا فكان مناسبًا أن يبدأ بالآباء، أما في الحالة الثانية فكان الفقر لم يقع بعد ويخشى أن يقع مع وجود الولد، فكان مناسبًا أن يبدأ بالأولاد ثم الآباء.
ومثل قوله تعالى: {.. وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [ إبراهيم: 34 ]، وقوله تعالى: { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } [ النحل: 18 ]؛ فالسورة الأولى – سورة إبراهيم – موضوعها " كفر الإنسان بنعمة الله " فكان مناسبًا أن يكون التعقيب - الفاصلة – عن كفر الإنسان، أما السورة الثانية – سورة النحل – فموضوعها " تعدد نعمة الله على الإنسان " فكان مناسبًا أن يعقب بقوله: { إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } أي أنه تعالى سيغفر لكم عدم إحصائكم لها، لكثرتها.
وعلى ذلك فقس كل القرآن، أما الأشد عجبًا فتحدي النظم القرآني بالحرف لا الكلمة فحسب.