القواعد الأصولية اللغوية : الحقيقة ، المجاز ، الصريح ، الكناية .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد :
فاللفظ باعتبار استعماله في المعنى الموضوع له أو في غيره ينقسم إلى أربعة أقسام ، هي : الحقيقة ، والمجاز ، والصريح ، والكناية. وتفصيلها كما يلي :
تعريفها : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له.
وبالاستقراء والتتبع ثبت أنالحقيقة تنقسم إلى أربعة أقسام : حقيقة لغوية ، وحقيقة شرعية ، وحقيقة عرفية خاصة ، وحقيقة عرفية عامة.
- الحقيقة اللغوية :
هي اللفظ المستعمل في معناه اللغوي الموضوع له ، كالشمس والقمر والنجوم ، فهذه ألفاظ موضوعة لغة لهذه الأجرام المضيئة المعروفة.
- الحقيقة الشرعية :
هو اللفظ الذي غلب المعنى الشرعي فيه على ما وضع له في اللغة.
مثل : الصلاة : لغة الدعاء ، ولكنها في الشرع : احد أركان الإسلام الخمسة المبتدأة بالتكبير المختتمة بالتسليم.
والحج : لغة القصد ، وفي الشرع استعمل لأمر آخر .
والزكاة : في اللغة الزيادة ، وفي الشرع لها معنى آخر ، وكذلك الطلاق والزواج والخلع.
- الحقيقة العرفية الخاصة :
هو استعمال اللفظ في معنى عرفي خاص.
بمعنى : استعمال اللفظ على النحو الذي يتعارف عليه أهل كل علم أو حرفة.
فأصحاب كل علم أو مهنة يستخدمون الألفاظ ويضعون لها معان خاصة بهم.
فمثلا كلمة (صحيح) عند أهل مصطلح الحديث : تعني الحديث المتصل الإسناد من أوله لمنتهاه برواية العدل الضابط من غير علة ولا شذوذ.
وهذه الكلمة (صحيح) تعني عند الأطباء خلو الشخص من الأمراض .
وعند النحاة تعني خلو الفعل من حروف العلة .
وعند أهل الرياضيات : تعني خلو العدد من الكسر ، وهكذا.
- الحقيقة العرفية العامة :
وهي الألفاظ التي غلب استعمالها في عرف الناس عامة على ما وضع له في اللغة.
فإذا قيلت الكلمة سبق الفهم إلى ما غلب إليه دون ما وضع لها في اللغة .
مثل : كلمة (دابة) فهي في اللغة اسم لكل ما يدب على الأرض ، ثم غلب استعمالها في الحيوانات ، وحاليا في أهل القرى عندما تطلق يُقصد بها الحمار .
والغائط : في اللغة المنخفض من الأرض ، ثم غلب استعماله فيما يخرج من الإنسان.
إذا جاء لفظ قد وضع في اللغة لمعنى ، وفي العرف لمعنى ، حُمل اللفظ على معناه في العرف ؛ لأنه طارئ على اللغة ، وهو ما يسبق إليه فهم الناس فكان الحكم له.
وإن كان وضع في اللغة لمعنى ، وفي الشرع لمعنى ، حُمل على ما أراده الشرع لأنه طارئ على اللغة ؛ ولأن القصد بيان حكم الشرع فالحمل عليه أولى.
****
تعريفه : هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة بينهما( ) مع قرينة تمنع إرادة المعنى الحقيقي للفظ.
كقولك : زيد أسد ، فأنت لا تريد أن تقول بأن زيد هو ذلك الحيوان المفترس المسمى بالأسد ، ولكن تقصد تصوير زيد في شجاعته بشجاعة الأسد ، فعلى هذا العلاقة الجامعة بين زيد والأسد ، علاقة المشابهة وهي مشابهة زيد للأسد في الشجاعة.
أنواع العلاقة التي تكون بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي.
وهي نوعان : إما علاقة مشابهة ، وتتمثل في الاستعارة و التشبيه ، أو علاقة مجازية ، وتتمثل في المجاز المرسل وعلاقاته.
- علاقة المشابهة : ويقصد بها الاشتراك في وصف معين بين المعنى الحقيقي للفظ وبين معناه المجازي المستعمل فيه ، كما سبق وقلنا زيد أسد ، فالوصف المشترك أو الجامع بين زيد والأسد هو الشجاعة.
وكما يقال حامد ثعلب ، فالوصف المشترك أو الجامع بينهما المكر والخديعة.
- العلاقة المجازية : وهو ما يسمى المجاز المرسل ، ولها صور كثيرة منها :
1- تسمية الشيء بما كان عليه :
أي تسميته بما كان متصفا به قديما ، مثل قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ) [النساء : 2] المقصود البالغين الراشدين الذين كانوا يتامى ، فسماهم بما كانوا عليه.
2- تسمية الشيء بما يكون في المستقبل ، كقوله تعالى (إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا) [يوسف : 36] أي : أعصر عنبا فيكون خمرا.
3- ذكر المحل وإرادة الحال : كقوله تعالى (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا) [يوسف : 82] والمقصود : اسأل أهل القرية ، ومثله قولك : جرى النهر ، أي : ماؤه.
4- إطلاق الجزء ويراد الكل أو العكس.
فمن الأول قوله تعالى (فَكُّ رَقَبَةٍ) [البلد: 13] وقوله (تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) [المائدة : 89] والمراد : الشخص الرقيق .
ومن الثاني قوله تعالى (يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ) [البقرة : 19]
... يتبع