السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" لمسات بينانية في سورة الضحى "
(والضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)
ما هي دلالة القسم في قوله تعالى (والضحى)
يذكر أهل التفسير أن الوحي أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً فشق ذلك
عليه وقيل له: إن ربك قلاك، فأنزل الله تعالى هذه السورة رداً على المشركين
وإكراماً للرسول صلى الله عليه وسلم، فلماذا حزن الرسول الكريم وجزع لانقطاع
الوحي مع ما يلقاه في سبيل الوحي من العنت والجهد؟
في الحقيقة انه اختبار من الله تعالى للرسول الكريم:
هل هو حريص على الوحي وما فيه من مشقة أم انه سيرتاح من هذا الوحي الثقيل؟
وهذا فيه توجيه إلى الدعاة أنه عليهم أن يصبروا ويثبتوا في الدعوة مهما لاقوا من
مشقة وعنت في سبيل الدعوة إلى الله.
الضحى في اللغة :هو وقت ارتفاع الشمس بعد الشروق .
سجى في اللغة : لها ثلاث معاني ، فهي بمعنى سكن، أو اشتد ظلامه أو غطى مثل تسجية الميت.
أقسم الله تعالى بالضحى والليل إذا سجى انه ما ودع رسوله وما قلاه، والضحى هن
ا يمثل نور الوحي وإشراقه كما قال المفسرون ، والليل يمثل انقطاع الوحي وسكونه
والدنيا من غير نور الوحي ظلام ولذلك قدم سبحانه الضحى هنا لأنه ما سبق من
نور الوحي وأخر الليل لما يمثل من انقطاع الوحي.
وقال بعض المفسرين أن القسم يشير أن الانقطاع يمثل الاستجمام والسكون كما
يرتاح الشخص المتعب في الليل ومن معاني سجى السكون وهو يمثل الراحة وهو
نعمة. فالقسم هنا جاء لما تستدعيه الحالة التي هو فيها.
ما اللمسة البيانية في كلمة (سجى) وليست في كلمتي غشي أو يسر ؟
كما في قوله (والليل إذا يغشى) (والليل إذا يسر) سبق القول أن من معاني سجى:
سكن وهذا يمثل سكون الوحي وانقطاعه وهذا هو السكون، والانقطاع ظلمة وهذا
المعنى الثاني لسجى فكلمة سجى جمعت المعاني كلها التي تدل على انقطاع الوحي
وسكونه. أما كلمة يغشى أو يسر فهما تدلان على الحركة وهذا يناقض المعنى للقسم
في هذه السورة. وعليه فان القسم (والضحى والليل إذا سجى) هو انسب قسم للحالة
التي هو فيها من نور الوحي وانقطاعه وكل قسم في القرآن له علاقة بالمقسم به.
ما الحكم البياني في استخدام كلمة (والضحى) بدل والفجر أو النهار؟
الضحى هو وقت إشراق الشمس أما النهار فهو كل الوقت من أول النهار إلى آخره،
والضحى يمثل وقت ابتداء حركة الناس يقابله الليل إذا سجى وهو وقت السكون
والراحة. والفجر هو أول دخول وقت الفجر (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط
الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ولا يكون هناك ضوء بعد أو نور كوقت
الضحى بعد شروق الشمس.
- قوله ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ).