الطلاق عبر الجوال وابريد الالكتروني

تقول السائلة:إن زوجها مسافرٌ وقد أرسل لها رسالة عبر جوالها أنها طالق، فهل هذا الطلاق واقع، أفيدونا ؟

الجواب: نبه الإسلام الرجال والنساء إلى حسن اختيار الشريك والشريكة في الزواج عند الخطبة، فقد ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم) رواه ابن ماجة وحسنه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 1/333.

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(تزوجوا الودود الولود) رواه أحمد والبهيقي وابن حبان وصححه وقال الهيثمي إسناده حسن،وحسنه العلامة الألباني في آداب الزفاف ص 1.

وسُئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(ما حق الولد على أبيه؟ قال:أن ينتقي أمَّه ويحسنَ اسمَه ويعلمَه القرآن). وهذا الانتقاء للزوجة يشمل الصفات الخلقية والمعنوية، ويتفق مع قول النبي صلى الله عليه وسلم:(تُنكح المرأة لأربعٍ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)رواه البخاري ومسلم.

وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأةً فقال النبـي صلى الله عليه وسلم:(انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) رواه النسائي والترمذي وابن ماجة وغيرهـم،وهو حديـثٌ صحيح كما قال العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم 96، ومعنى يؤدم بينكما:أن تقع الألفة والملائمة بينكما.

كما ثبت في الحديث المذكور آنفاً من قوله صلى الله عليه وسلم:(تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثرٌ بكم الأنبياء يوم القيامة). وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأولياء النساء:( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير) رواه الترمذي وهو حديث حسن كما قال العلامة الألباني في إرواء الغليل 6/266. إلا أن ذلك كله-على أهميته- قد لا يضمن استمرار السعادة والاستقرار بين الزوجين،فربما قصَّر أحد الزوجين في الأخذ بما تقدم،وربما أخذا به،ولكن جدَّ في حياة الزوجين الهانئين ما يثير بينهما القلاقل والشقاق، كمرض أحدهما أو عجزه، وربما كان ذلك بسبب عناصر خارجة عن الزوجين أصلاً، كالأهل والجيران وما إلى ذلك، وربما كان سبب ذلك انصراف القلب وتغيره، فيبدأ بنصح الزوجين وإرشادهما إلى الصبر والاحتمال، وبخاصة إذا كان التقصير من الزوجة، قال تعالى:{ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }سورة النساء الآية 19 إلا أن مثل هذا الصبر قد لا يتيسر للزوجين أو لا يستطيعانه، فربما كانت أسباب الشقاق فوق الاحتمال، أو كانا في حالة نفسية لا تساعدهما على الصبر، وفي هذه الحال: إما أن يأمر الشرع بالإبقاء على الزوجية مع استمرار الشقاق الذي قد يتضاعف وينتج عنه فتنة، أو جريمة، أو تقصير في حقوق الله تعالى، أو على الأقل تفويت الحكمة التي من أجلها شرع النكاح، وهي المودة والألفة والنسل الصالح، وإما أن يأذن بالطلاق والفراق، وهو ما اتجه إليه التشريع الإسلامي، وبذلك عُلم أن الطلاق قد يتمحضُ طريقاً لإنهاء الشقاق والخلاف بين الزوجين؛ليستأنف الزوجان بعده حياتهما منفردين أو مرتبطين بروابط زوجية أخرى، حيث يجد كل منهما من يألفه ويحتمله،لذلك شرع الإسلام الطلاق عندما يتعذر الاستمرار في الحياة الزوجية،فإذا وقع بين الزوجين شقاقٌ تقطعت به علائق الزوجية وحلت محلها الكراهية والنفرة، ولم يتمكن المصلحون من إزالتها، فإن الدواء لمثل هذه الحالة الطلاق، وإلا انقلبت الحياة الزوجية إلى عكس الغرض المطلوب، فإنها ما شرعت إلا للجمع بين اثنين تنشأ بينهما مودة ورحمة، لا للجمع بين عدوين لا يستطيع أحدهما أن ينظر إلى الآخر، قال الله تعالى{وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً }سورة النساء الآية 130، وانظر الموسوعة الفقهية الكويتية 29/9-10.

ولكن يجب أن يُعلم أنه قبل الوصول إلى الطلاق، وهو آخر الدواء، فينبغي أن تسبقه خطواتٌ عديدةٌ،

أولها الوعظ قال الله تعالى:{وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ}سورة النساء الآية 34، ويكون الوعظ بالكلام الطيب مع تكرار ذلك، فإن لم يأت الوعظ بنتيجة، تكون الخطوة التالية وهي الهجر، قال الله تعالى:{وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}فإن لم تنفع العظة، تكون الخطوة التالية وهي الضرب، يقول الله تعالى:{وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً}سورة النساء الآية 34.قال الإمام القرطبي:[قوله تعالى{وَاضْرِبُوهُنَّ} أمر الله أن يبدأ النساء بالموعظة أولاً، ثم بالهجران، فإن لم ينجعا فالضرب، فإنه هو الذي يصلحها ويحملها على توفية حقه، والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح] تفسير القرطبي 5/172. وليس المقصود بالضرب إلحاق الأذى بالزوجة كأن يكسر أسنانها أو يشوه وجهها، وإنما المقصود بالضرب هو إصلاح حال المرأة،قال النبي صلى الله عليه وسلم:(اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح)رواه مسلم. وقال عطاء:[الضرب غير المبرح بالسواك ونحوه]،وقال الحافظ ابن حجر:[إن كان لا بد فليكن التأديب بالضرب اليسير]فتح الباري11/215 .

فإذا تحقق الهدف من هذه الخطوات فبها ونعمت ويجب الوقوف عند ذلك حينئذ، قال تعالى:{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً}. وإن لم تأت الخطوات السابقة بفائدةٍ فيصار بعدها إلى التحكيم قال الله تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً}سورة النساء الآية 35.فإذا حقق التحكيم هدفه بالإصلاح بين الزوجين فبها ونعمت، وإن تعذر الإصلاح فيصار إلى الحل الأخير ألا وهو الطلاق، قال الله تعالى{وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً }سورة النساء الآية 130.

هذه هي الخطوات التي تسبق الطلاق، وقد ذكرتها لأبين مدى إساءة كثير من الأزواج في استعمال حق الطلاق، وخاصة عبر استخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة، وأن كثيراً منهم يستخدمونه بطريقة غير شرعية ومخالفة للسنة النبوية، فالطلاق السني كما قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[ معنى طلاق السنة الطلاق الذي وافق أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في الآية والخبرين المذكورين وهو الطلاق في طهر لم يصبها فيه، ثم يتركها حتى تنقضي عدتها. ولا خلاف في أنه إذا طلقها في طهر لم يصبها فيه ثم تركها حتى تنقضي عدتها أنه مصيب للسنة مطلقٌ للعدة التي أمر الله بها] المغني 8/236.

إذا تقرر هذا فإن الطلاق يقع باللفظ ويقع بالكتابة أيضاً، ولكن لا بد من النية مع الكتابة،قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[ إذا كتب الطلاق فإن نواه طلقت زوجته، وبهذا قال الشافعي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك]المغني 8/412. وجاء في الموسوعة الفقهية:[إذا كتب الزوج إلى زوجته كتاباً بطلاقها، فإن كتب إليها:يا فلانة أنت طالق، أو كتب: هي طالق، طلقت في الحال سواء وصل إليها الكتاب أو لم يصل، وهذا باتفاق، لكن قال المالكية والشافعية إذا كتب لزوجته ناوياً الطلاق حين الكتابة وقع الطلاق؛ لأن الكتابة طريق في إفهام المراد كالعبارة وقد اقترنت بالنية، فإن لم ينو لم تطلق؛ لأن الكتابة تحتمل الفسخ والحكاية وتجربة القلم والمداد وغيرها، وأضاف الشافعية أنه إذا قرأ ما كتبه حال الكتابة أو بعدها، فصريح، فإن قال قرأته حاكياً ما كتبته بلا نية طلاق صدق بيمينه.وقال ابن رشد من المالكية:إن كتب مستشيراً أو متردداً وأخرج الكتاب عازماً على الطلاق أو لا نية له، وقع الطلاق لحمله على أنه نوى الطلاق،وإن كتب الطلاق غير عازمٍ عليه، بل كتبه متردداً أو مستشيراً ولم يخرجه، أو أخرجه متردداً، فلا يقع الطلاق إلا إذا وصل الكتاب إلى الزوجة، وإن لم يصل لا يقع الطلاق] الموسوعة الفقهية الكويتية 34/174. والمعمول به في المحاكم الشرعية في بلادنا أن الطلاق يقع بالكتابة إذا نواه الزوج،وعلى ذلك نص قانون الأحوال الشخصية الأردني لسنة 2010 في المادة رقم 83 [لا يقع الطلاق بالكتابة إلا بالنية]

وبناءً على ذلك فالطلاق عبر استخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة كالهاتف والجوال والفاكس والإنترنت عبر ما يسمى- الشات أو الإيميل،البريد الإلكتروني- جائز، ويقع الطلاق بهذه الوسائل، بعد التثبت والتحقق من كل ذلك،لأن هذه الوسائل عرضةٌ للتزوير والتلاعب والغش والخداع والمكائد والانتحال،لذلك فعلى السائلة أن ترفع أمرها إلى القضاء الشرعي ليجري التثبت من أمر الطلاق، حيث إن المحاكم الشرعية لها طرقها في التثبت من قضية الطلاق قبل إصدار الحكم به. وعلى كل حالٍ فالطلاق الذي أرسله زوجك برسالة على الجوال يُعد من قبيل الطلاق بالكتابة فيقع إذا قصده ونواه، وإن لم يقصده فلا يقع، والبت في ذلك راجعٌ للمحكمة الشرعية.

وخلاصة الأمر أن الطلاق أمره عظيم ، وقد شرعه الإسلام عند استنفاذ كافة الوسائل لرأب الصدع والإصلاح بين الزوجين، ولا يجوز التلاعب بالطلاق لما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( ثلاث جِدُهن جِدٌ وهزلهن جِد، النكاحُ والطلاق والرجعة) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم، وهو حديث حسن كما قال العلامة الألباني في إرواء الغليل 6/228. والطلاق كما يقع باللفظ، فإنه يقع بالكتابة مع النية، وعليه فإن الطلاق عبر الوسائل الإلكترونية مثل الإميل والشات والفاكس والهاتف والجوال يقع، ولكن لا بد من رفع الأمر للمحاكم الشرعية التي تبت فيه بعد إجراءات التحقق والتثبت. د.حسام الدين عفانة

وفقك الله لكل خير اخي الكريم

سبحان الله جعل الزواج شئ مقدس وله روابط واسس متينة

فشرع الطلاق في حالة مخصوصة للتخلص من المكاره الدينية والدنيوية، وذلك لأن الطلاق أبغض الحلال إلى الله تعالى. لم يشرع إلا في حالة الضرورة والعجز عن إقامة المصالح بينهما لتباين الأخلاق وتنافر الطباع، أو لضرر يترتب على استبقائها في عصمته، بأن علم أن المقام معها سبب فساد دينه ودنياه، فتكون المصلحة في الطلاق واستيفاء مقاصد النكاح من امرأة أخرى

وما نراة في يومنا هذا استهتار وتلاعب من قبل بعض الناس حتى بموضوع الطلاق

بارك الله فيك أخي الكريم
سلمت يمناك على النقل....جزى الله شيخنا حسام الدين خير الجزاء
انصح أخوتي جميعا ,وأظنك تتفق معي أخي ابو أحمد أن يقتنى لدةى كل واحد منا أجزاء "يسألونك"
للدكتور الفاضل
وان ارادها بعض الاخوة الكترونية فهي موجودة عندي
نسأل الله ان يجنبنا شرور الطلاق ...فالعلاقة الزوجية وصفها القران بالميثاق الغليظ
وهو وصف النبوة لاهميتها

بارك الله فيك أوافقك الرأي لأن فقه الدكتور حسام الدين يوثق به، أنصح بإنزال أجزاء يسألونك على منتدى الكتاب بما أنها معك.

• ما شاء الله عليه الدكتور حسام باخد برأيه بلا جدال
• دكتورنا بالجامعة كم راينا منه من خير الامور والتشدد في الدراسة والمساقات
• لكن الحمد لله ربنا يجزيه الخير على منحنا اياه من علم
• جزيت الجنة عل النقل اخي ابو احمد ، واخي ابو الارقم يا ريت تنزل يسألونك في المنتدى بما انها موجودة عندك
• ******************************
• نلتقي وفي طاعة الله نلتفي