بسم الله الرحمن الرحيم
صناعة المعلم القرآني.. أولاً !
تعد عملية تأهيل معلم القرآن الكريم، وإعداده إعداداً خاصاً، الخطوة الأولى لتخريج حفظة كتاب الله على مستوى عالٍ من الإتقان، وقد يتوفر لبعض المعلمين الإلمام بعلوم القرآن، وتجويده، وترتيله، ولكنه يفتقد لبعض المهارات الأساسية التي تعينه على أداء عمله، وتهيئة طلابه في أقل وقت، وأقل جهد، ليضمن عدم تسرب الطلاب، والانشغال عن الاستماع..... فما دور الجمعيات والمؤسسات والمنظمات الإسلامية، والمراكز في تأهيل معلمي القرآن الكريم، وتزويدهم بالمهارات؟
لذا فأن عملية تأهيل معلم القرآن تكون من خلال عدة وسائل منها: وضع برامج علمية لمعلمي القرآن تهدف إلى تنمية مهارات التدريس والتعامل مع الطلاب، وإصدار المواد والمراجع العلمية التي تخدم معلمي القرآن، وإجراء البحوث والدراسات المتخصصة في نفس مجال الحلقات، وكذلك تنظيم دورات علمية في المجالات التي تساعد معلمي القرآن على القيام بواجبهم خير قيام مثل: تزويد المعلم بالمعلومات الأساسية في علوم القرآن كالتفسير والتجويد والقراءات، وتوجيه المعلم للاستفادة من التقنيات الحديثة في التعليم كالحاسب الآلي، وتوجيه المعلم لوسائل غرس حب القرآن في نفوس الطلاب وتعريفهم بعظمته وتربيتهم على تعاليمه وآدابه
ومن هناعندما نتحدث عن صناعة معلم القرآن الكريم أقصد بكل ما تعنيه كلمة صناعة من دلالات لتأهيل معلم القرآن ليكون قادراً؛ لأن تعليم القرآن الكريم تكليف وتشريف الجهد الذي يبذل لتأهيل معلم للقرآن الكريم
إن عملية تأهيل المعلم تبدأ من إتقانه تلاوة وحفظ وتجويد القرآن الكريم فهي الأساس المتين والشرط الأول لتكليفه بهذه المهمة قبل تسليمه مسؤولية الطلاب وأمانة تربية الناشئة ثم بعد ذلك معرفة سلوكه ومظهره العام ومن ثم متابعات الإشراف التربوي للمعلمين ومعرفة جوانب التفوق والقصور والقوة والضعف .
لذلك لا بد من معرفة احتياجات المعلم لدورة معينة أو توجيه مباشر أو برنامج متخصص يزيد مهارته التعليمية وينمي خبرته في فن إدارة الحلقة ويتعلم كيفية التواصل مع هذا العدد من الطلاب الذين يختلفون عن بعضهم في السمات والفوارق الكثيرة وذلك يتطلب وجود معلم حاذق يعرف كيف يتعامل مع كل حالة على حدة حتى ينهض بالجميع نحو التفوق في أقصر وقت وبأقل جهد وأخفض تكلفة.
يتحقق بتأهيل معلم القرآن الكريم فوائد كثيرة تعود ثمرتها على الطلاب والمجتمع وأيضاً على المعلم نفسه الذي يكتسب مزيداً من الخبرات والمهارات وكل ذلك يصب في خدمة كتاب الله الكريم وتعليمه، أعطني معلماً مؤهلاً أعطك طلاباً متفوقين، قال عليه الصلاة و السلام: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) فقد كان -عليه الصلاة والسلام- خير معلم للقرآن الكريم وقال -عليه الصلاة والسلام-(إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)، وهذا دليل على أن خير المعلمين وأفضلهم من تعلم القرآن الكريم وعلمه والخيرية تربط بين التعلم والتعليم.
أن عمل أيام دراسية لتعليم القرآن الكريم لا يقتصر على تنمية الرصيد في حفظ النص القرآني في ذاكرة الطالب فحسب، بل القرآن الكريم حفظ وعلم وعمل وأخلاق وتربية ودعوة وسلوك. وهذه الإشكالية التربوية في حلقات تعليم القرآن الكريم نحتاج في معالجتها إلى إعادة صياغة معلمي القرآن الكريم في تلك الدروس ليكونوا قادرين على تطويرها وتحسين أدائها ورفع مستواها وتجويد مُخْرَجاتها.
كيف نطالب المعلمَ بتطوير غيره وهو عاجزٌ عن تطوير ذاته ؟! ومعلومٌ أن فاقد الشيء لا يعطيه. وكما نحن بحاجة إلى تأصيل الجانب العلمي لدى معلمي القرآن؛ كذلك نحن بحاجة مماثلة إلى تأصيل الجانب التربوي لديهم, فلا يُعَيَّن المعلم إلا بعد إعداده وتأهيله علمياً وتربوياً لإدارة حلقة تعليم القرآن الكريم والتدريس فيها والقيام بمهامها على المستوى المأمول, كذلك لابُدَّ من تعاهدهم - بعد تعيينهم- بالدورات التعليمية والتربوية والتثقيفية لتعزيز دورهم ومهمتهم آخذين في اعتبارنا ملاءمة هذه الدورات لطبيعة عملهم بعيداً عن الإغراق في الفلسفات التربوية التي لا تتوافق مع مجالهم، أو لا تجد لها في الواقع مساحة لتطبيقها, كذلك معتبرين الجانب الزمني والبيئة المناسبة لإقامة هذه الدورات.
وفي الوقت ذاته كما نطالب المعلمين بما سبق؛ يجب علينا أن نعطيهم كامل حقوقهم من توفير احتياجاتهم المادية والمعنوية, وإذا كان الطبيب يعطى شهرياً مرتبات عالية لأنه يعالج الأبدان فإن معلمي القرآن الكريم يقومون بمعالجة الروح والخُلُق والسلوك، ثمَّ إنَّ الطبيب عندما يعالج شخصاً فإنَّه يصلح فرداً، أمَّا معلم القرآن فإنَّه يُعدُّ ويُصلح أمَّة.
ومن هذا المنطلق ينبغي على وزارة التربية والتعليم ممثلة باشرافها التربوي أن تعقد دورات تدريبية، وعلمية تحتوي على برامج معدة من أهل الاختصاص في علوم القرآن، وتجويده، وترتيله، وطرق الحفظ المختلفة المناسبة، وكذلك ما يكون من أساليب التربية، وسبل التوجيه والإرشاد المتعددة، ويضاف إلى هذا أيضاً ما ينبغي أن يكون عليه مدرسوا القرآن من طرائق التعليم، وكيفية إيصال المعلومات بطريقة صحيحة ومناسبة لكل الأعمار من الطلاب، وذلك كله يطلب من المؤسسات والمراكز العالمة في حقل القرآن الكريم حفظاً وتلاوة وتعليماً وأدباً وسلوكاً، مما يعين على تأهيل معلمي الحلقات القرآنية....بالاضافة ان يكون معلم التربية الاسلامية للمرحلة معلم متخصص وان لايسند تعليمها لمعلم تربية ابتدائية لان تعليم القرآن بما هو مطلوب لهذه الصفوف الأولى يكون لبنة اساسية في تشكيل شخصية الطفل حسب الرؤية الاسلامية في بناء الشخصية وزرع بذرة حب القرآن عنده ....وهذه امانة في رقبة المسؤولين وأصحاب الشأن من مشرفين وغيرهم.
اخوكم ..محمد قبها