[align=center][tabletext="width:70%;background-image:url('http://www.islamicteacher.org/backgrounds/12.gif');background-color
urple;border:7px double rgb(46, 139, 87);"][cell="filter:;"][color=rgb(220, 20, 60)][align=center]- بسم الله الرحمن الرحيم
- قصة الغلام والراهب والساحر
- عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ إِنِّى قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَىَّ غُلاَمًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلاَمًا يُعَلِّمُهُ فَكَانَ فِى طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلاَمَهُ فَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالَ إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ حَبَسَنِى أَهْلِى. وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ حَبَسَنِى السَّاحِرُ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ فَقَالَ الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِىَ النَّاسُ. فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ أَىْ بُنَىَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّى. قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَىَّ . وَكَانَ الْغُلاَمُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَيُدَاوِى النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاءِ فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِىَ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ مَا هَا هُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِى فَقَالَ إِنِّى لاَ أَشْفِى أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ. فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ قَالَ رَبِّى. قَالَ وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِى قَالَ رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلاَمِ فَجِىءَ بِالْغُلاَمِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَىْ بُنَىَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ . فَقَالَ إِنِّى لاَ أَشْفِى أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ فَجِىءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِىءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِىءَ بِالْغُلاَمِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِى قُرْقُورٍ فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ.
- فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ.
- فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِى حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تَجْمَعُ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِى عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِى ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ.
- ثُمَّ ارْمِنِى فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِى. فَجَمَعَ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ. ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِى صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِى صُدْغِهِ فِى مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَ النَّاسُ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ.
- فَأُتِىَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِى أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا. أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ. فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِىٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلاَمُ يَا أُمَّهِ اصْبِرِى فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ ». رواه الامام مسلم في صحيحه
- __________
- معاني بعض الكلمات :
- المئشار : المنشار
- الأخدود : الشق العظيم فى الأرض
- القرقور : السفينة قيل الصغيرة وقيل الكبيرة
- تقاعست : توقفت ولزمت موضعها وامتنعت عن التقدم
- الكنانة : وعاء السهام
- من الدروس المستفادة من هذا الحديث
- 1- كيف ان الحكام (في غير الإسلام) يسيطرون على شعوبهم، حيث كان يسيطر عليه بالسحر، وهكذا حكى القرآن أيضا عن فرعون "فإستخف قومه فأطاعوه"، فالتحذر الشعوب وتنتبه لما يراد لها من التغييب.
- 2- وأيضا ما قد يظن أنه سئ في الظاهر، لربما يكون فيه صالح الإنسان، فكما رأينا ان الصبي قد تم إختياره لتعلم السحر وهو شيء سيء، ولكن الله غالب على أمره، وعليه فقد كان ذهابه إلى الساحر سبب في تعريفه بالراهب، وكان ذلك سبب هدايته مع ما أعده الله له من كرامة في الدنيا والآخرة، وكذا كما حكى القرآن عن سيدنا يوسف عليه السلام، فإن ساقي الملك نسيه ولكن كان هذا بجانب أنه تعليم له كنبي ألا يلجأ لغير الله، فهو 3- أيضا كأنه حفظ له حتى حينما يحلم الملك حلمه ويتذكر الساقي، فإنه سوف يجد سيدنا يوسف في السجن، وبالتالي يخرج إلى ما أعده الله له من الكرامة والرفعة في الدنيا، أما إذا خرج فسوف يرجع إلى أهله في منطقة أخرى ولن يجدوه.
- 4- وأيضا لابد أن يعمل الإنسان عقله فيما يسمع ولا يأخذه على علاته، وهكذا فعل الغلام "مع صغر سنه" فإنه حينما سمع كلام الراهب وأعجبه صار يستزيد منه ليعرف أكثر.وأيضا نرى عقله الراجح أنه لما كان يتأخر على الساحر فيضربه، فإنه لم يذكر للساحر سبب تأخره، لأنه علم أنه سوف يمنعه لأن الحق والباطل لا يتفقان.
- 5- وأيضا لا مانع من أن يطلب الإنسان النصيحة ولا يكابر، فهكذا فعل الغلام حينما لم يجد حل لمعاقبة الساحر له، فإنه سأل الراهب ماذا يفعل، فأرشده إلى الحل.
- 6- وأيضا نرى كيف هداه عقلة الراجح لكيفية معرفة الحق من الباطل حينما وجد الدابة تعترض طريق الناس، ولأنه كان يشعر أن الراهب أفضل، ولكيلا يقع في قلبه الشك، فإنه جعل موت الدابة بحجر "وهو الإختيار الأصعب" معناه أن الراهب أفضل، لأن الطبيعي ألا تموت الدابة الكبيرة التي تخيف الناس من ضربه بيده الضعيفة وهو بعده غلام.
- ثم نرى ذكاء الراهب وعلمه بسنن الله في الإبتلاء، حيث أن سنة الله أنه كلما إرتفع المرء في الإيمان كلما كثر إبتلائه، فمن رحمة الله أنه لا يضيع إيمان أحد، فلا يدعي أحد أن الله إبتلاه بأكثر من قدرته، ولذا فإن الراهب ذكر للغلام أنه سيبتلى.
- 7- أيضا من السنة ألا نتمنى لقاء العدو، ولكن إذا لقيناه نثبت، فإن الراهب طلب من الغلام ألا يدل على إسمه، ولكن حينما مسكه الملك الظالم وعذبه ليكفر، فإنه رفض الكفر وصبر على التعذيب حتى مات، برغم أنه نشر بالمناشير.
- 8- أيضا نرى كيف كان الصبي يدعوا إلى الله بكل الطرق الشرعية المتاحة، حيث كان يشترط على من يريد منه المساعدة من علاجه من الأمراض أن يؤمن بالله أولا.
- 9- وأيضا نرى كيف لم يصب الغلام بالغرور نتيجة إستجابة الله لدعائه في شفاء المرضى، وإنما كان يقول أن الشافي هو الله، وذلك تأسيا بسنن الأنبياء والصالحين مثل نبي الله سليمان حينما رأي عرش ملكة بلقيس أمامه فإنه قال"فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ".
- أيضا نرى كيف كان الغلام يبتغي بما يفعل رضى الله ولم يغتر بالأموال التي أتى بها جليس الملك له، وإنما طلب منه لكي يدعوا له بالشفاء أن يؤمن بالله أولا، ولأنه قال له أن الشافي هو الله ولم يدعي أنه هو الشافي، وقد أراد الله له الكرامة، لذا فقد آمن الجليس بالله حقا، ودليل ذلك ذكره للملك أن من شفاه هو ربه ورب الملك، كما انه تحمل العذاب لفترة قبل أن يدل على الغلام، وكذلك صبر حتى مات شهيدا.
- 10- أيضا نرى كيف أن الملك بدأ الحديث مع الغلام باللين "أي بني" لأنه يريده كساحر لمساعدته في خداع شعبه.
- 11- أيضا نرى كيف أن الغلام برغم قوة إيمانه وكراماته وإستجابة الله لدعائه في شفاء الأمراض، إلا أنه لم يتحمل العذاب ودل على الراهب، لأنه بشر في النهاية وهذا لا يقدح في إيمانه، وهكذا قال الرسول لعمار إبن ياسر رضي الله عنه حينما أبلغه انه تحت التعذيب قد قال للكفار ما أرادوا فقال له "إن عادوا فعد" أي إن عادوا لتعذيبك ولم تستطع الإحتمال فعد إلى القول الذي يريدون مادام قلبك عامر بالإيمان، ولكن ههنا فائدة أنه لم يدل على الراهب حتى عذبوه ولم يستطع الإحتمال، وهكذا عمار "إن عادوا فعد".
- 12-وهنا فائدة أيضا انه لما تعلق الأمر بنطق كلمة الكفر فإن قدرات الناس تتفاوت، ولذا نرى الغلام الذي لم يتحمل العذاب ليدل على الراهب، فإنه تحمل العذاب لكي لا يقول كلمة الكفر "التخويف الذي تعرض له هو نوع من العذاب النفسي الشديد"، وأيضا تحمل الراهب العذاب ليكي لا يقول كلمة الكفر برغم وجود رخصة في إمكانية قولها إذا لم يتحمل العذاب، وهذا هو حال كبار الدعاة في تحملهم العذاب ليكونوا قدوة لمن بعدهم.
[/align][/color][/cell][/tabletext][/align]