لا شك أن المعرفة نور والجهل ظلام، ولا غرو أن يكون العلم منارة لهداية البشر على مرّ الشهور وكرّ الدهور.
العلمُ يرفعُ بيتًا لا عماد له = والجهلُ يهدمُ بيت العز والشرف
ومن هنا كانت دعوة ربِّنا - عزَّ وجلَّ - لرسولنا - عليه السلام -: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]، بل لقد أكَّد - سبحانه - على حقيقة الطريق الموصِّل إلى العلم، وهو تقوى الله، فقال - تعالى -: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282]؛ ولذا كان أولى الناس خشية لله - عزَّ وجلَّ - هم العلماء، بقوله - تعالى -: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
وقد أنعم الله - تعالى - على طالب العلم بتيسير الأمور، وبركة الأيام، ونفع الأنام، وهداية الناس، وتربية الناشئة، وتوجيه البشرية لخيرها في الدنيا والآخرة، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله - تعالى - به طريقًا إلى الجنة))؛ رواه مسلم.
وعلى هذا النهج سار أبناؤنا الطلبة وبناتنا الطالبات؛ إذ كان حلم الطلبة دومًا أثناء مراحل التعليم العام، خاصة أن يصبحوا طلاب يُشار إليهم بالبنان، وكان أهالي أولئك الطلبة يأملون في اولادهم أن يكونوا مبدعين متفوقين دراسيًّا.
وغير خافٍ ما يحظى به طلابنا اليوم من توافر وسائل طلب العلم النظرية والتطبيقية، إلى جانب الوسائل التقنية والاتصالات والمواصلات.
ولكن للأسف، فقد أشارت إحدى الاستبيانات الحديثة إلى أن متوسط ما يقرأه معظم الطلبة هو ثلاث صفحات يوميًّا فقط، وذلك نظرًا لازدحام جدولهم اليومي بأمور أخرى، ربما كانت أكثر أهمية من الدراسة في نظر اؤلئك الطلبة.
إن قلق الاختبارات يتجدد مع كل اختبار؛ سواء كان دراسيًّا أم وظيفيًّا، بيْدَ أن الجاد المنظم لا يعنيه هذا القلق كثيرًا؛ فقد أمضى من أيامه وأسابيعه وأشهره الوقت الكافي للاستذكار والمراجعة، والاستعداد لأي اختبار.
لقد قيل: مَنْ جدّ وجد، ومنْ زرع حصد، وقيل: عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان، وقيل: منْ طلب العلا، سهر الليالي. إن هذه الأقوال تؤكد ضرورة الاستعداد المبكر والمذاكرة الجادة، والمتابعة الدقيقة؛ حتى لا يضطر الطالب إلى أن يكتوي بنار القلق.
أخواني الطلبة:
قيل: اسأل مجرِّب؛ لذا فإني أوصيكنّم بأن تسألوا أخواتكم وزملائكم ومعلموكم عن جدوى التنظيم والاستذكار المبكر، وعن مآسي الكسل والتواني، اسألوهم عن تحصيلهم وعن معدلاتهم، عن مستوياتهم، واعرفوا الأسباب التي أوصلت المتفوق إلى ذُرى التفوق، وهوت بالكسول إلى مستنقع التأخر والتقهقر.
ختامًا أقول:
إن الدراسة والعلم مكسب، وأيّ مكسب؛ فَهُما الطريق الصحيح للمعرفة النيّرة، بيد أن طريق العلم يستلزم إعداد العدة، والاستذكار والمراجعة؛ حتى نسلم من قلق الاختبارات، ونكون جيلاً مؤمنًا من المثقفين الواعين الحريصين على الجد والنظام، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم، إلا وضعت له الملائكة أجنحتها؛ رضًا بما يصنع))؛ رواه الترمذي وصححه، وابن ماجه، واللفظ له، والحاكم، وابن حِبَّان.