بسم الله الرحمن الرحيم
قد تسكن في أرقى بيت في الأرض، هناك أغنياء بالعالم عندهم يُخوت في البحار، طائرات خاصَّة، عندهم أملاك مخيفة، ومع ذلك ماتوا وتركوا كل شيء في ثانيةٍ واحدة، العبرة أن يكون لك عند الله مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر، العبرة أن يكون لك حظٌ في الآخرة،
أن يكون لك شيء ينتظرك في الآخرة، أما أن تعيش للدنيا ؛ وأما أن تكون كل مكتسباتك في الحياة الدنيا فأنت أكبر مُقامر، لأن كل شيء تملكه (وكلامي دقيق جداً) منوطٌ بلمعة الشريان التاجي، هذه اللمعة مليمتر فإذا ضاقت انتهت الحياة، كل شيء تملكه منوطٌ بسيولة الدم فإذا تجمَّد الدم انتهى كلُّ شيء، كلُّ شيءٍ تملكه منوطٌ بنمو الخلايا فإذا اضطرب نمو الخلايا فقدت كل شيء، والحياة بين أيديكم، وقِصَص المرض والموت بين أيديكم كل يوم بالمئات، إذاً معنى ويل الهلاك، الهلاك المدمِّر.
﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) ﴾
( سورة الكهف)
فالمؤمن يصبح و أكبر همه الآخرة، فمن أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شَمْلَه وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه وشتت عليه شمله ولم يؤته من الدنيا إلا ما قُدِّر له .
لاعيش إلاعيش الاّخرة:
هناك مثل يقول: لا تضع البيض كله في سلةٍ واحدة، إذا الإنسان كل شيء يملكه وضعه في الدنيا ولم يعبأ بالآخرة هذا أكبر مقامر.
رجل حدَّثني عنه أخ كريم أراد أن يسكن في بيت فخم فاشترى بلاطة (بتعبير تجَّار الأبنية ) في شارع الميدان في الطابق الثاني عشر، وبقي يكسو هذين البيتين سنواتٍ عديدة حتى اكتملت كسوة هذين البيتين وأصبح البيتان كجنةٍ على وجه الأرض، بعد أن انتهت كسوة هذين البيتين وافته المَنِيَّة بعد أسبوعٍ من انتهاء العمل، هذه هي الدنيا، تغرُّ وتضرُّ وتمر، وكان عليه الصلاة والسلام إذا رأى بيتاً فخماً إذا رأى شيئاً فارهاً يقول:
(( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ))
[ رواه البخاري عن سهل بن سعد]
﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) ﴾
( سورة الصافات)
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) ﴾
( سورة المطففين )
الفوز الحقيقي أن يكون لك مكان في الجنة:
سباق الدنيا سباقٌ أحمق، لأن الموت ينهي كل شيء، في الدنيا لا يوجد فائز، لأن الغني سيموت والفقير سيموت والموت يجمع بينهما، والقوي سيموت والضعيف سيموت والموت يجمع بينهما، والصحيح سيموت والمريض سيموت والموت يجمع بينهما، لا يوجد فوز، الفوز أن تصل إلى دار السلام بسلام، الفوز أن تحجُز مكان في الجنة، هذا هو الفوز،
الحياة الأبدية وعطاء الله عزَّ وجل عطاءٌ أبدي ولا يليق بحضرة الله عزَّ وجل أن يكون عطاؤه في الدنيا، هذه الدنيا لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى الكافر منها شربة ماء، دعاء سيدنا إبراهيم:
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آَمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) ﴾