بسم الله الرحمن الرحيم
أول من نصر الإسلام امرأة
لما بدأت بوادر هذا الدّينولما حلّ برسول الله صلى الله عليهوسلم ما حلّونزل به ما لو نزل بالجبال لدكّها دكّـاًرجف فؤاد الحبيب صلىالله عليه وسلموارتعدت فرائصهوخاف مما نزل به وطرأ عليهلم يجدقلبا أقرب من قلب خديجةولم يلجأ بعد الله إلا إليهافعاد إليها وهو يقول : زمّلوني زمّلوني ... دثّروني دثّروني
فوَقَفَتْ خديجة رضي الله عنها إلىجانب النبي صلى الله عليه وسلم في موقف يعجز عنه آحاد الرجال وَقَفت صامدةثابتةلقد وقفت موقف الثبات
حالفة بالله لا يُخزي الله رسول الله صلى اللهعليه وسلم
ولكنها لمتُبادره بالسؤال بل زملته حتى ذهب عنه الروع
فلما قال عليه الصلاة والسلام لحبيبته وحليلته : أي خديجة ! ما لي؟لقد خشيت على نفسي . ثمأخبرها الخبر .
فانبرتْ تحلف وتُقسِم بالله بل وتُبشِّره ! : كلا ، أبشر ، فو الله لا يخزيكالله أبدا .
ثم طيّبت نفسهوعلّلت قسمها ، بل وأتبعته بقسم آخرفقالت :
فو الله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكلّ ،وتكسِب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .
ثم لم تكتفِ بذلك بل انطلقت به خديجة رضي الله عنهاحتى أتت به ورقة بن نوفل وهو ابن عم خديجة
فقالت له خديجة : أي ابن عم اسمع منابن أخيك .
فقال ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟فأخبره النبي صلى الله عليه وسلمما رأى ، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا أكونحيا حين يُخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوَ مخرجيّ هم ؟! فقالورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي ، وإن يُدركني يومك أنصركنصرا مؤزرا . والقصة في الصحيحين .
فمن تمام نُصرة خديجة لرسول الله صلىالله عليه وسلم أن هدّأت روعه وفعلت به ما طلب من التّغطية ، ثم طيب نفسه بما تعرفهعنه من خصال البِـرّ والخير ، ثم ذهبت به إلى من تعلم منه النّصح لها ولزوجها ،ذهبت به إلى رجل صالح ، هو ورقة بن نوفل الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين . رواه الحاكم وصححه .
فَحُقّ لخديجة بعد ذلك أنلا ينساها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعد موتها بل حفظ لها العهد والودّ
ولما أكثر النبي صلى اللهعليه وسلم مِن ذكر خديجة قالت عائشة رضي الله عنها وقد غارت : ما أكثر ما تذكرهاحمراء الشدق ! قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها . قال : ما أبدلني الله عز وجلخيرا منها ؛ قد آمَنَتْ بي إذ كفر بي الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستنيبمالها إذا حرمني الناس ، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء . رواهالإمام أحمد .
بل ويرتاحعليه الصلاة والسلام ويهتز سرورا لاستئذان أشبه استئذان خديجة ! ولصوت أشبه صوتخديجة رضي الله عنها
ففيالصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسولالله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة ، فارتاع لذلك ، فقال : اللهم هالة ! قالت : فَغِرْتُ ، فقلت : ما تذكر من عجوز من عجائز قريش ! حمراء الشدقين ! هلكت فيالدهر ، قد أبدلك الله خيرا منها .
قال العيني رحمه الله : قوله : فعرفاستئذان خديجة " أي تذكر استئذانها لشبه صوتها بصوت خديجة وقوله " فارتاع لذلك " منالرّوع أي فزع ، ولكن المراد لازمه وهو التغير ، ويُروى " فارتاح " بالحاء المهملةأي اهتز لذلك سروراً . اهـ .
قلت : رواية " فارتاح " رواها مسلم .
ومنوفاءه صلى الله عليه وسلم لها أنه كان يشتري الشاة فيذبحها ثم يبعث بها لصواحبخديجة رضي الله عنها .قالت عائشة رضي الله عنها : ما غِرت على امرأة ما غِرت علىخديجة ، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها ، ولقد أمرهربّه عز وجل أن يبشرها ببيت من قصب في الجنة ، وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلىخلائلها . رواه البخاري ومسلم .
فبُشِّرت ببيت في الجنة لأجل ما وقفته منمواقف في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولتثبيتها له .
فأول نصر لهذاالدّين كان على يد امرأة
منقول