title="منتديات التربيه الاسلامية جنين - منتدى اللغة العربية وآدابها - RSS Feed" href="external.php?type=RSS2&forumids=54" /> من دلالات الكلام
  الرئيسية التسجيل خروج  

صفحتنا على الفيس  بوك  صفحتنا على  اليوتيوب  صفحتنا على تويتر  صفحتنا على جوجل  بلس

منتديات التربية الاسلامية جنين ترحب بزوارها الكرام ،،،، اهلا وسهلا بكم ولطفا يمنع نشر اي اعلان او دعاية تجارية هنا مع جزيل الشكر كلمة الإدارة


   
العودة   منتديات التربيه الاسلامية جنين > الأقــســـام الــعـــامــة > منتدى اللغة العربية وآدابها
التسجيل مركز التحميل الروابط الإضافية المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث
   

آخر 10 مشاركات 🌀 أخطاء تمنعك من الحصول على متابعين على تيك توك (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          الفرق بين المتابعين الحقيقيين والروبوتات 🤔 (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          حديد سور خارجي (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          علاج التهاب اللثة: كيف تتخلص من الألم وتحافظ على صحة فمك؟ (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          عيوب زراعة الأسنان: ما لا يخبرك به البعض عن هذا الإجراء (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          هل ينمو السن المكسور عند الأطفال؟ الأسباب والعلاج والنصائح الهامة للأهل (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          شرح بالصور التسجيل في الميديا فاير ( رفع الملفات ) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 125 - المشاهدات : 1512 )           »          تصميم تطبيق لمحطات الوقود (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )           »          الاستثمار في الذهب (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - المشاهدات : 3 )           »          الدليل الحصري لتعلم التداول من الصفر خطوة بخطوة (تجربة شخصية ونصائح عملية) (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 )


من دلالات الكلام

منتدى اللغة العربية وآدابها


 
   
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
   
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
 
 رقم المشاركة : ( 13 )
عضو جديد
رقم العضوية : 10053
تاريخ التسجيل : Feb 2024
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 11
عدد النقاط : 10

مهاجر أحمد غير متواجد حالياً

افتراضي

كُتب : [ 05-30-2024 - 06:56 PM ]


وجزاكم وباركم فيكم ونفعكم ونفع بكم أستاذنا الكريم .

وَثَمَّ من ذلك ، كما تقدم في موضع ، ما اقْتَرَحَ بَعْضٌ في مُثُلِ السياسة المحدَثة ، فكان منه ما اصْطُلِحَ أَنَّهُ الدولة الإله التي حَلَّ فيها المطلق الأعلى ، أو قد حَلَّ في عِرْقٍ أو فِي عُنْصُرٍ ، أو شَعْبٍ قد اختاره فَصَيَّرَهُ السيد ، ولو تحكما في الدعوى ، فكان من ذلك أطروحة في السياسة المحدَثة قد حملت اسم نهاية التاريخ والإنسان الأخير ، فَثَمَّ تحكم في مقالِ تَطَوُّرٍ محدَث ، لم يجاوز حَدَّ الفرض المجرد في الذهن ، فقد نشأ هذا الكون المحدَث من مادة أولى تدقُّ ، وهي بسيطة غير مركبة ، قد وجدت دفعةً بلا موجِد ، ثم كان من الخبط والعشواء ما لا محرِّك له ، ولو المحرِّك المجبور بلا إرادةٍ تُرَجِّحُ ، فَثَمَّ من الجبر ما لا علم له يَسْبِقُ ، فيكون من ذلك تقدير أول ، فذلك في نَفْسِهِ حكاية الاختيار ، فمنه التقدير قَبْلَ التَّرْجِيحِ ، فالتقدير لا يخلو من إِرَادَةٍ تُخَصِّصُ ، وثم أخرى بَعْدًا تُرَجِّحُ ، فيكون من كلٍّ اختيارٌ يَمِيزُ المقدورَ من غَيْرٍ ، فلم يكن ثم علم أول يَسْبِقُ ، ولا إرادةٌ بَعْدًا تُخَصِّصُ ثُمَّ تُرَجِّحُ ، فليس ثم إلا مادة أولى بسيطة لا حياة فيها ولا اختيار بإرادة ، فذلك ما استوجب علما أول يُقَدِّرُ ، ثم إرادةً بَعْدًا تُرَجِّحُ ، فَثَمَّ موجود بسيط ساذج قد وُجِدَ بلا موجِد أول هو الفاعل ، وَثَمَّ آخر من التحكم تَرْجِيحًا بلا مرجِّح أن كان ثَمَّ حركة في هذا الأول البسيط الساكن ، فَثَمَّ حركة بلا محرِّك ، وثم انقسام بلا مقسِّم ، وَثَمَّ تَرَاكُبٌ بلا مركِّب ، وثم تخصيصٌ في الخلق بلا إرادةٍ تُخَصِّصُ ، ولا علم أول يقدر الموجودات على ماهيات مخصوصة بَعْضُهَا من بَعْضٍ يمتاز ، فَثَمَّ التخصيصُ بِعِلْمِ التقديرِ الأول ، وثم آخر بالإرادةِ الَّتِي تُرَجِّحُ ، فهي تميز الموجودات في الخارج فَرْعًا عَنِ امْتِيَازِ المقدوراتِ في العلم الأول المحيط ، فَيَكُونُ مِنَ الإرادةِ التي تُرَجِّحُ : تأويلٌ لِمَا سَبَقَ مِنَ العلمِ المقدِّر ، فَثَمَّ من الفرض ما لا يخلو من جُمَلِ تَحَكُّمٍ لو تدبرها الناظر ما انْقَضَى منه العجب ! ، مع آخر قد ظهرت آثاره في السياسة المحدَثة ، فإنها تأويل لأول من الفكرة الباعثة ، فَعَنْهَا تصدر القوى الفاعلة ، فهي الحكم ولا بد له من تصور أول ، فذلك العلم الذي يسبق ، فالإرادة بعدا تصدق بما يكون من آحاد منها تحدث ، وبها خروج المقدور من العدم إلى وجودٍ تَالٍ يُصَدِّقُ ، وذلك أصل قَدْ اطَّرَدَ فِي كُلِّ فعلٍ ، فلا بد من أول من العلم ، وإلا كانت الحركة طبعا بلا عقل ، فهي الاضطرار في الحركة والسكون ، كما النار التي تحرق بالطبع ، فلا إرادة لها تُرَجِّحُ ، وإنما الإرادة إرادة من يحرق بها فَيُسَلِّطُهَا على محروق دون آخر ، فَلَهُ علم أول يقدر ماذا يحرق ، ولم يحرقه ، وما يكون من نِتَاجِ الحرق ، أينفع أم يضر ، أيحسن أم يقبح ، أيحل أم يحظر ..... إلخ من المعاني الأخص التي لا تقوم بداهة بعلة فاعلة بالطبع ، فلا تقوم هذه المعاني إلا بِحَيٍّ له من العلم ما به تقدير أول ، وله من الإرادة بعدا ما يخصص ويرجح ، فالعلم يقوم بالحارق ، لا بالنار التي تحرق ، فهي المسلَّطة التي تحرق بما ركز فيها من القوى طبعا ، فلا عِلْمَ به تُقَدِّرُ ، ولا إرادة بها تُرَجِّحُ ، فإذا سُلِّطَتْ على ما اسْتَحَقَّ الحرق أو كان حرقه يَنْفَعُ ، فهي تحرق بالطبع المركوز فيها ، وإذا سُلِّطَتْ على آخر لم يستحق أو كان حرقه يضر ، فهي تحرق ، أيضا ، بالطبع ، فلا تميز بداهة الحسن من القبيح ، المباح من المحظور ..... إلخ ، وَقُلْ مِثْلَهُ فِي السِّكِّينِ الَّتِي تَقْطَعُ بِمَا رُكِزَ فِيهَا من القوة والطبع ، فإذا سُلِّطَتْ لِتَذْبَحَ باسم الله هديًا بالغَ الكعبةِ أو آخر من الأضحية أو العقيقة ..... إلخ ، مما شُرِعَ ذبحه قُرْبَةً أو آخر يُذْبَحُ للأكلِ أو الصدقةِ ، فإذا سُلِّطَتْ لِتَذْبَحَ على هذا الوجه ، فهي تذبح ، وهو مما يحمد ، لا حَمْدًا إِلَيْهَا يَتَوَجَّهُ ، وإنما يُمْدَحُ الذَّابِحُ ، وكذا من يعالج بها ظالما في موضع قصاص أو دفع لصائل أو جهاد لعدو غاصب ، أو آخر من الطلب الذي يجاوز ، فيكون منه فَتْحٌ وَنَصْرٌ للديانة ، فكلُّ أولئك مما يُحْمَدُ ، وإذا سُلِّطَتِ السكينُ نَفْسُهَا أَنْ تَذْبَحَ بِاسْمِ آخر سوى الرب الخالق ، جل وعلا ، أو تَذْبَحَ لغيره ولو جهرت باسمه ، فَثَمَّ من النية والقصد ما يخالف الإهلال الظاهر ، أو أن تقتل أو تطعن ظُلْمًا ، فذلك مما يَقْبُحُ ، والسكين هي السكين ، فلم يَتَبَدَّلْ من مَاهِيَّتِهَا شيءٌ ، فَمَا حَسَّنَ فِعْلَهَا في موضع وَقَبَّحَهُ في آخر ، إلا أن يكون ثم مرجع من خارج يجاوز هذا الجماد الذي لا حياة فيها ولا إرادة ، فلا بد من أول يمسكه ، وله من العلم ما به يُقَدِّرُ الغاية من الذبح أو الطعن ، وله من الإرادة ما يُرَجِّحُ ، فلا يكون الفعل إلا عن أول له من الحياة وصف أول ، والحياة أصل الصفات كافة ، الذاتيةِ أو الفعليةِ ، وله من العلم بَعْدًا ما به التقدير ، وله من الإرادة تال به الترجيح ، وبه خروج المقدور من العدم إلى الوجود المصدِّق ، وليس ذلك مما يحدث في الخارج ، فيواطئ أولا من علم الحارق أو الذابح ، فقد فَكَّرَ وَقَدَّرَ ، وكان من العلم بالغاية والعاقبة ما عنه يصدر ، صَحَّ العلم أو فَسَدَ ، فَقَدَّرَ تقديرَ الحكيم أو تَعَجَّلَ فهو السفيه ، فَلَهُ من العلم أول ، ولو ساذجا لا ينصح كما الصغير الذي يَلْهُو بالنار أو يمسك السكين فَيَجْرَحُ يدَه أو قدمَه ...... إلخ ، وثم من الإرادة تال يُرَجِّحُ ، فَهُوَ يَتَأَوَّلُ ما قام بالنفس من العلم والتصور ، فحركة الخارج له تصدق ، وهي تأويل في الخارج يَنْصَحُ التقدير الأول ، فَثَمَّ العلم الذي يُقَدِّرُ ، صح أو فسد ، وثم الإرادة التي ترجح ، وثم المقدور في الخارج فهو بعدا يحدث ، وهو لتقدير أول يصدق ، ولا يكون إلا أن يُسْتَوْفَى شرط من خارج ، وَيَنْتَفِيَ المانع ، فلا يكون من ذلك ما يمنع النار أن تحرق ، سواء أكان ذلك سببا في العادة يطرد ، كما معالجة النار لجرم صلب من جوهر أو نحوه ، فلا تُؤَثِّرُ فيه النار ، أم كان منه إعجاز ، فتلك آية أو كرامة ، كما النار لم تحرق الخليل ، عليه السلام ، إذ كان من المانع أَنْ : (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا) ، وذلك من القول الذي يثبت باللفظ والمعنى ، فَثَمَّ من المقول بعدا ما يبين عما أجمل مبدأَ القول ، وذلك مقام إعجاز يخالف عن العادة ، فكان منه الآية الباهرة ، وهو ما حَسُنَ لأجله الإسناد إلى ضمير الجمع ، فَثَمَّ تعظيم في الوصف ، وثم آخر يحكي من الوصف ما تعدد ، وإن كان ثم موصوف واحد في الخارج يثبت ، فهو الرب المهيمن ، جل وعلا ، فثم من قوله الأعم ما استغرق المقدورات الكونية كافة ، فـ : (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ، وثم آخر أخص كما في هذا الموضع ، وذلك ما لا يكون إلا بعلم أول يقدر ، وتال من الإرادة يرجح ، ولا يخلو من دلالة الحكمة الأخص ، الحكمة في التقدير ، وآخر من القدرة ينفذ ، وإن خالف عن المطرد من العادة ، كما إبطال القوة الحارقة في النار بل وصيرورتها على ضد من البرد الذي استوجب القيد سلامةً وإلا تأذى الخليل ، عليه السلام ، من بَرْدِهَا ، فالآية قد أعجزت إذ خالفت عن الأصل الأول ، بل وآلت إلى ضد يَنْقُضُ ، فصار من النار بَرْدٌ لا حر ، سلامة لا أذى ، فكان من ذلك ، أيضا ، رحمة بالخليل ، عليه السلام ، فَثَمَّ من كل أولئك : وصف يكثر وإن كان الموصوف واحدا في الخارج لا يَتَعَدَّدُ ، وهو الرب الخالق ، جل وعلا ، فالحقيقة تحصل في الخارج بما يكون من الذات وما يقوم بها من الوصف ، إن جمالا أو جلالا ، وبهما الكمال المطلق في الخارج يثبت ، وهو محل انفراد قد وجب إفراد الله ، جل وعلا ، به توحيدا في الاسم والوصف والفعل والحكم .

فذلك مانع تكوين ينفذ بما يكون من آي عناية بأبي الأنبياء ، عليه السلام ، وهو إمام التوحيد الذي نَصَحَ ، فكان من آي التكوين النافذ ما نَصَرَ ، وإن خالف عن العادة التي تطرد ، وكذا ما كان من ذبح إسماعيل ، عليه السلام ، فأجرى الأب السكين على رَقَبَةِ الابن ، وشد واجتهد ، فلم تُقْطَعْ آيةً أخرى تُعْجِزُ ، وكان من الفداء ما عَظُمَ في القدر والوصف ، فـ : (فَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) ، فصدق الخليل ، عليه السلام ، الرؤيا ، وهي من الأنبياء حق ، فذلك وحي ، وإن رؤيا في المنام لا اليقظة ، فتلك خاصة من خصائص النبوة ، فمن وحيها الرؤيا كَمَا استقرأه أهل الشأن من الآي والخبر ، وعمدته ما كان من الذكر المحكم ، فـ : (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) ، والقصر فيه ، لو تدبر الناظر ، مما يجري مجرى الإضافة إذ يَتَنَاوَلُ الأنواع الرئيسة ، فلا يقصر الحقيقة على المذكورات ، فَهِيَ الأنواع الرَّئِيسَاتُ ، فَثَمَّ أخرى دونها في القدر والوصف ، قد عُلِمَتْ باستقراءِ نصوصِ من الخبرِ والأثرِ تَصْدُقُ ، فكان من ذلك الاستقراء الناصح الذي اجتهد في الجمع ، إن من الآي أو من الخبر ، حتى حصل من ذلك قسمةٌ في الخارج تَتَنَاوَلُ أنواع الوحي ، ومنه الرؤيا آنفة الذكر التي صَدَّقَهَاَ الخليل ، عليه السلام ، فكان من ذلك التكليف الذي بَاشَرَ ، وإن لم يقع الفعل مصدِّقا في الخارج ، إذ ثم من المانع ما ثَبَتَ ، وإن خالف عن الطبع الذي اسْتَقَرَّ ، فتلك الآية المعجِزة ، إن في الحرق أو في الذبح آنف الذكر ، ودونها كَرَامَةٌ لولي كما أبو مسلم الخولاني ، وقد رام الأسود العنسي حرقه ، فَنَجَّاهُ الله ، جل وعلا ، فكانت كرامة لولي ، بل قد يكون ثم ثالث تعظم به البلوى لمن لا حظ له من العلم الذي يميز الصحيح من الباطل ، فقد يكون من ذلك خارقة تجري على يد غَوِيٍّ ، فَيُبْتَلَى بها الخلق أيميزون الباطل من الحقِّ ، فَيَنْظُرُونَ في حاله أَعَلَى الجادة أم عنها يخالف ، وقد يكون من ذلك مانعٌ يُدْرَكُ بالحسِّ ، وإن خفي على الجمع الناظر ، فيعالج صاحب الخارقة جسده بما يُبْطِلُ أَثَرَ النار ، وهو مما دَقَّ وَلَطُفَ من الدهان أو نحوه ، كما تحدى بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ جَمْعًا من أولئك قد عالجوا أجسادهم قبل دخول النار بما يمنع أَثَرَهَا ، فتحدى أَنْ يَغْتَسِلَ كلٌّ بما يُذْهِبُ الأثرَ ، كالخل أو نحوه فهو يُبْطِلُ ما عالجوا به أبدانهم ، فَنَكَصُوا إذ ثَمَّ الافتضاحُ والاحتراقُ ! ، والشاهد أن ثم المجموع المركب الذي عنه الفعل الإرادي يَصْدُرُ ، فَثَمَّ المحل الذي يعالج ، وثم السبب الذي يُبَاشِرُ ، وثم الشرط الذي يُسْتَوْفَى ، وثم المانع الذي يُنْفَى ، وثم علم أول يُقَدِّرُ قَبْلَ الشروع في الفعل ، وثم إرادةٌ بَعْدًا تُرَجِّحُ ، ولا بد لها ، أيضا ، من شرطٍ يُسْتَوْفَى ومانعٍ يُنْفَى ، فذلك المجموع المركب الذي اصطلح أنه العلة ، ولا بد لها من أولى تَسْبِقُ ، فهي العلة المفتقِرة إلى أَجْزَائِهَا ، فَبَعْضُهَا يُكْمِلُ بَعْضًا ، وفواتُ بَعْضٍ يُبْطِلُ الأثر ، كالشرط الذي يَلْزَمُ ، وإلا تخلَّف المشروط إذ تخلَّف شرطه ، فهي العلة المفتقرة إلى شرط من خارج يجب استيفاؤه ، وإلى مانع يجب انتفاؤه ، وهي ، أَيْضًا ، مِمَّا يَفْتَقِرُ إلى علة أولى تَسْبِقُ ، وهو ما تَسَلْسَلَ حَتَّى انْتَهَى ضرورةً إلى سقفٍ من الشهادة لا يجاوز ، وليس به حسم المادة التي تمتنع في الذهن ضرورةً ، مادة التسلسل في المؤثرين أزلا ، فلا بد من أول لا أول قَبْلَهُ ، فكان من ذلك سبب مغيَّب ، وهو ، أيضا ، مما يَتَسَلْسَلُ حتى يَنْتَهِيَ ضرورةً إلى أول لا أول قَبْلَهُ ، وبه حسم مادة التسلسل ، ولو في آحادٍ من فعلِ البشر كَحَرْقٍ أو قَطْعٍ ! ، فلا يكون إلا عن أول حَيٍّ له من العلم ما به التقدير ، وله من الإرادةِ مَا بِهِ التَّرْجِيحُ ، وهو ما يَبْلُغُ بِهِ النظر المحكم أولا لَا أَوَّلَ قَبْلَهُ ، فهو العلة التامة التي لا تَفْتَقِرُ إلى غير ، بل كلٌّ إِلَيْهَا يَفْتَقِرُ أَنْ يُوجِدَ وَيُدَبِّرَ بما يجري من السنن المحكم ، ولا يكون ذلك ، بداهة ، عن عِلَّةٍ فاعلةٍ بالطبع مجرَّدةٍ من الوصف ، فلا علم به التقدير ولا إرادة بها التخصيص والترجيح ، وإنما عشواء تخبط ! ، فذلك مما لا يستقيم ، ولو في آحادٍ مِنْ فعلِ البشرِ تَحْرِقُ أو تَقْطَعُ ، فَلَيْسَ من النار أو السكين إلا عِلَّةٌ فاعلة بالطبع والقوى التي فيها قد رُكِزَتْ ، فَهِيَ الأسباب التي تَفْتَقِرُ إِلَى أول يُقَدِّرُ ، فَيُعَالِجُ بها المحال ، ولا يكون ذلك إلا بِإِرَادَةٍ تُرَجِّحُ ، فَتُخْرِجُ المقدورَ من العدمِ إلى وجودٍ تال يُصَدِّقُ ، فَوَجَبَ الرَّدُّ إلى علمٍ وإرادةٍ ، وَإِنْ مخلوقانِ محدَثان ، فَلَا يَنْفَكُّ كُلٌّ يَطْلُبُ أَوَّلًا من العلة يَسْبِقُ ، وهو ما يَتَسَلْسَلُ حَتَّى يَنْتَهِيَ ضرورةً إلى علة تامة لها من أولية الفعل والتأثير ما أُطْلِقَ ، فكل علة دونها فهي تَنْقُصُ ، إذ تَفْتَقِرُ إلى أول يَسْبَقُ ، وإلى شرطٍ يُسْتَوْفَى ، وإلى مَانِعٍ يُنْفَى ، لا كما العلة الأولى التامة ، وليس من تمامها بداهة أن تكون فاعلة بالطبع مجردة من الوصف ، فلا علم ولا إرادة ، فذلك ما يعدل في الحد : العدم ، وإن تَلَطَّفَ بَعْضُ مَنْ جَرَّدَهُ فِي الذهنِ أَنْ أَثْبَتَ له كُلِّيًّا من العلمِ ، فهو المجمل الذي لا يحيط بالمقدورات ، وَأَثْبَتَ له من الفعل : التَّرْجِيحَ بالاضطرار لا بالاختيار ، فذلك ، لَوْ تَدَبَّرَ الناظر ، عدم أول ، إذ قد غَلَا في التجريد حتى أَثْبَتَ منه المطلق بشرطِ الإطلاقِ ، فأنى يكون له في الخارج حقيقة تُصَدِّقُ ، فهي لِمَا أُطْلِقَ في الذهن تُقَيِّدُ ، فلا يوجد في الخارج إلا المقيَّدات التي تحصل من الذات وما يقوم بها من الاسم والوصف والفعل والحكم ، ولو أَدْنَى مخلوقٍ يَصْدُقُ له في الخارج وجود ، فلا بد من قَيْدٍ ، فَلَيْسَ ثَمَّ مُطْلَقٌ بِشَرْطِ الإطلاقِ إِلَّا فِي الذهن الذي يُجَرِّدُ ، فذلك على وصفِ العدمِ حتى يكون ثم في الخارج قيد يميز ، فهو كالفصل في الحد والتعريف إذ يُقَيِّدُ ما يكون أولا من جنس عام في الحد والتعريف ، فيكون من الفصل ما يميز آحاد المحدودات المعرَّفات في الخارج ، وإن كان ثم اشتراك في الجنس الدلالي المجرد في الذهن ، فلا يلزم منه آخر في آحاد تَثْبُتُ فِي الخارجِ ، فلا يكون ثَمَّ وجودٌ تَالٍ يُجَاوِزُ إلا أن يكون ثم من القيد ما يميز ، فهو يميز آحاد الجنس المجرد في الذهن ، كما المثل يُضْرَبُ بِجِنْسِ الوجودِ المجرَّدِ في الذهن ، فَلَيْسَ ثم في الخارج وجود بشرط الإطلاق ، بل ثم من القيد ما يميز ، كما الوصف ، فَثَمَّ وجود واجب ، وآخر هو الجائز ، فَامْتَازَ الخالقُ الأوَّلُ ، جل وعلا ، وهو واجب الوجود لذاته ، من الجائز وهو ما سِوَاهُ مِنْ هَذَا الوجود المخلوق المحدَث ، وذلك أصلٌ به إِبْطَالُ ما قد عَمَّتْ به البلوى في كُلِّ جيلٍ ، الحلول والاتحاد ، إن في الحس أو في المعنى ، وهو محل شاهد تقدم بما كان من غلو بعض في الجيل المتأخر ، فكان الغلو في مُثُلٍ من السياسةِ المحدَثة كما الدولة التي احتكرت أسباب الحياة في الخارج ، فَلَا يَثْبُتُ مولود إلا في قَيْدِهَا ! ، وإلا فَهُوَ عَدَمٌ لم يوجد ، وَإِنْ وُجِدَ في الخارج وُجُودًا يُدْرَكُ بالحسِّ ، فَلَيْسَ ثَمَّ تال من الإثبات في القيد والسجل ! ، فهو المعتبر في مثال الدولة إذ احتكرت الأسباب كَافَّةً ، فكان من ذلك وصف الإله الذي الْتَمَسَ له المتألِّه ! ، مثالا من الفكرة يُبَرِّرُ ، فكان من ذلك حلول المطلق الأعلى في مثال الدولة الذي لا يُدْرَكُ بالحسِّ ، وَإِنْ وَجَدَ الناظرُ آثارَه في الخارج بما احتكرت الدولة من أسباب القوة والتأثير ، فلم يكن من الجمع إلا قَطِيعٌ تسوق ، ولو إلى المهالِك والحتوفِ ، فَقَدْ جُرِّدَ من أسباب بها يَظْهَرُ ، وَلِطُغْيَانِ السلطةِ يَدْفَعُ ! ، فلم يكن إلا العبد المذلَّل الذي استبدل الذي هو أدنى من العبودية المحدَثة بالذي هو خير من العبودية المنزلة ، وهي ما جاءت به الرسالة فَأَبْطَلَتْ مَا اقْتَرَحَتِ الحداثة من مِثَالِ الحلولِ والاتحادِ الذي لا يميز الواجب من الجائز ، فيخالف عن الضرورات والبدائه ، إن في الخلق أو في الحكم ، فَثَمَّ من المثال مَا تَنَاوَلَهُ أهل الشأن في باب الخلق ، وهو أول ، بما تَقَدَّمَ مِنْ قِصَّةِ الحداثةِ في الخلق الأول ، وقد خالفت فيها عن مقدماتِ ضرورةٍ في العقل والفطرة ، بل والحس الذي اتخذته مرجعا في الإثبات والنفي ، فإنه يعالج من الموجودات فِي الخارج مَا امْتَازَتْ أَعْيَانُهُ ، وإن كانت جَمِيعًا من الجائز ، فَثَمَّ من العلم ضرورةً أن أعيانها تمتاز مِنْ بَعْضٍ ، فليست واحدة بالعين ، وإنما يصدق فيها أنها واحدة بالجنس بالنظر في جنس الوجود المطلق الذي يُجَرِّدُهُ الذِّهْنُ ، وواحدة بالنوع ، بالنظر في نوع الوجود الجائز المحدث ، فَثَمَّ قَيْدُ الجائز إذ استوى طرفاه في الاحتمال ، وَاسْتُصْحِبَ منه عدم أول في الخارج ، وإن كان ثَمَّ تَقْدِيرٌ أول يَثْبُتُ ، فهو من علم التقدير الذي يسبق ، وذلك ما تَنَاوَلَ المقدورات كافَّةً في الأزل ، فكان منه قديم القدمَ المطلق ، فذلك علم التقدير الأول ، وهو حتم لازم إذ به ما تَقَدَّمَ في مواضع من حسمٍ لمادة في القياس المصرح تَمْتَنِعُ ، مادة التسلسل في المؤثرين أزلا ، فلا بد من أول لا أول قَبْلَهُ ، وَلَهُ مِنَ الوصفِ : وصف الواجب لذاته ، فلا يفتقر إلى سبب من خارج ، وَأَوَّلِيَّتُهُ مما عَمَّ فَاسْتَغْرَقَ الذاتَ وما يَقُومُ بِهَا من الاسم والوصف والفعل والحكم ، وَإِنْ أَنْوَاعًا من الفعل والحكم تَقْدُمُ ، فإن من آحادها بَعْدًا ما يحدث ، وَمَرَدُّهُ إلى مَشِيئَةٍ تَنْفُذُ ، وفيها ، أيضا ، يَصْدُقُ وصف الفعل أنه مما قَدُمَ في النوع ، وَحَدَثَ من آحادِه في الخارج بَعْدًا ما يُصَدِّقُ ، فَثَمَّ أصل في باب الأفعال الإلهية يُسْتَصْحَبُ ، وهو قِدَمُ النَّوْعِ وَحُدُوثُ آحادٍ بَعْدًا تُصَدِّقُ ، ومنها آحاد المشيئة ، وبها تَرْجِيحٌ في الأفعال والأحكام ، فمردها جميعا إلى كلمات ، فَثَمَّ من المشيئة آحاد تَنْفَذُ ، وعنها آحاد من الكلمات تصدر ، وهي العلة الأولى في الخلق والشرع ، فلا عِلَّةَ لها تَسْبِقُ ، وهي التامة فلا تفتقر إلى غير ، كما أخرى دونها ، فَهِيَ ناقصة تَفْتَقِرُ إلى أول يسبق ، وثم من الشرطِ ما وَجَبَ اسْتِيفَاؤُهُ ، والمانعِ ما وَجَبَ انْتِفَاؤُهُ ، عَلَى تَفْصِيلٍ تَقَدَّمَ في مثالِ الحرقِ بالنارِ والقطعِ بالسكينِ ، وعلى هذا فَقِسْ فِي سَائِرِ الْعِلَلِ الناقصة ، سواء أكانت فاعلة بالطبع كما النار والسكين ، أم فاعلةً بِعِلْمٍ يُقَدِّرُ وإرادة بَعْدًا تُخَصِّصُ وَتُرَجِّحُ ، فَكُلُّهَا مما تَرَكَّبَ من أجزاء بَعْضُهَا يَفْتَقِرُ إِلَى بَعْضٍ ، فَثَمَّ المحل الذي يعالج ، والسبب الذي يُبَاشِرُ ، والشرط الذي يجب استيفاؤه ، والمانع الذي يجب انتفاؤه ، وكلٌّ يَفْتَقِرُ إلى أول يسبق ، فَثَمَّ من العلة ما يَتَسَلْسَلُ ، وثم من علم الخلق إذ يُقَدِّرُونَ ، وإرادتهم إذ يُرَجِّحُونَ ، ثم من ذلك ما لا يوصف بالكمال المطلق ، فلا علم لآحاد من الخلق يحيطُ وَيَسْتَغْرِقُ ، ولا إرادة لهم تطلق ، فتلك علة ناقصة ، وإن كان لها من الوصف ما يزيد ، فليست الفاعلة بالطبع المجردة من الوصف التي اقترحتها الحكمة الأولى في قصة الخلق ، فالعلة الناقصة من أفعال الخلق ، اضطرارا كما النار والسكين ، أو اختيارا كما فعل الحارق بالنار والقاطع بالسكين ، العلة الناقصة لَا تَنْفَكُّ تطلب أولى تسبق ، وكلٌّ من الجائز الذي يطلب أولا هو الواجب ، فيكون من ذلك امتياز يُبْطِلُ ما تَقَدَّمَ من دعوى الحلول والاتحاد التي عمت بها البلوى في كلِّ جيلٍ ، فلا بد من علة تامة إليها تُرَدُّ العلل كَافَّةً ، فالجائز من المخلوق المحدَث ، لا ينفك يطلب واجبا أول عنه يصدر ، فامتازَ كُلٌّ في الحقيقة ، فالجائز على قَيْدِ عَدَمٍ أول ، إذ استوى طرفاه في الاحتمال ، فلا يكون الترجيح بلا مرجِّح ، بل ثم من المرجِّح ما يَتَسَلْسَلُ حَتَّى يَنْتَهِيَ ضرورةً إلى مرجِّح أول لا مرجِّح قَبْلَهُ ، وفعلُه في الترجيح ليس العشواء والخبط ، فذلك ما انْتَفَى ضرورةً في العقل والفطرة ، وتال من الحس ، وهو ، كما تقدم ، لدى الحداثة الْعُمْدَةُ فِي الإثباتِ والنفيِ ، فَثَمَّ من معالجة الحس لِخَلْقٍ قد أُتْقِنَ ، وَسَنَنٍ قد أُحْكِمَ فَعَلَيْهِ يجري ، ثم من ذلك ما يدل ضرورة على أول له من العلم ما عَمَّ فَاسْتَغْرَقَ ، فذلك علم التقدير المحكم الذي تَنَاوَلَ الكليات والجزئيات كافة ، فَلَيْسَ يَقْتَصِرُ على ما أثبتت الحكمة الأولى من العلم بالكليات المجملة ، وله ، أيضا ، من الإرادة ما عَمَّ فاستغرق ، فلا رَادَّ لَهَا من الإرادات المحدثة ، فجميعها عنها يصدر ، فكيف تخالف عنها في التأثير ، وإن كان لإراداتِ الخلقِ أَثَرٌ معتبر في الفعل والترك ، وبه يُنَاطُ التكليف بالأمر والنهي ، وإلا كان الجبر الذي يُبْطِلُ التكليف سواء أَنَفَى إرادة الفاعل المكلف صراحة أَنْ تَلَطَّفَ فَأَثْبَتَ إرادةً كَلَا إرادةٍ فَهِيَ تَقْرِنُ المفعول ولا تُؤَثِّرُ في إيجاده ، فَثَمَّ من إرادة الفاعل المكلف ما يُؤَثِّرُ ، وهو ، مع ذلك ، ليس التام في التأثير ، فلا ينفك يطلب سَبَبًا يسبق حَتَّى يَنْتَهِيَ ضرورةً إلى إرادة أولى هي التامة ، فَلَا تَفْتَقِرُ إلى سبب من خارج ، بل الإرادات جميعا إليها تَفْتَقِرُ ، كما الوحي المحكم قد أخبر ، فـ : (مَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) ، فمعالجةُ آحادٍ من المخلوقات المحدَثة في الخارج ، معالجتها بالحس الظاهر شاهد ضرورة أنها تصدر عن علم أول يُقَدِّرُ ، وهو ما عم فَاسْتَغْرَقَ الجليل والدقيق ، وآية ذلك مَا يعالجُ الحس من إتقانٍ في الخلقة ، وإرادةٍ بَعْدًا تخصِّص وترجِّح ، فعنها الفعل يصدر ، صدور الاختيار عن فاعل أول ، فَثَمَّ من آحاد الفعل سنن محكم ، وآية ذلك ما يعالج الحس ، أيضا ، من إحكام في السنة ، فكل أولئك مما يُثْبِتُ ضرورةً : الأول الذي عنه المقدورات جميعا تَصْدُرُ ، فَثَمَّ العلم المحيط المستغرق ، وثم من الإرادة والمشيئة ما يُرَجِّحُ ، وثم من الكلمات ما عنها يصدر ، فهي ، كما تقدم ، العلة التامة التي لا تَفْتَقِرُ إلى سببٍ من خارج يسبق ، وعنها الأشياء كافة تصدر ، فـ : (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ، وهو ، أيضا ، مما حَسُنَ فيه الإسناد إلى ضمير الفاعلين حكايةَ التعظيمِ في موضع جلال يبين عن إرادة تَنْفُذُ ، فَلَا رَادَّ لها ، فكلُّ ما سِوَاهَا فَعَنْهَا يصدر ، وبها يحدث ، وإن كان له أَثَرٌ في الخارج ، فهو الناقص الذي يطلب أَوَّلًا يسبق حتى يَنْتَهِيَ ضرورة إلى العلة الأولى التامة ، فلا علة لها تسبق ، وبه حَسْمُ مَا امْتَنَعَ ضرورةً في الذهن من التسلسل في المؤثرين أَزَلًا ، فانتهت الأعيان المخلوقة بعد عدم ، والأسباب والإرادات الجارية على السنن المحكم ، والمعارف المحدَثة بعد جهل ..... إلخ ، انْتَهَتْ جَمِيعًا إلى أول لا أَوَّلَ قَبْلَهُ ، فَلَهُ من العلم ما أحاط فاستغرق ، وله من الإرادة والمشيئة ما بَعْدُ يَنْفُذُ ، فيكون من آحاده في الخارج ما يُصَدِّقُ أولا من علم التقدير إِذْ بالإرادة والمشيئة تأويل له يحدث ، وَثَمَّ من آحادِ الكلماتِ واسطة تَصْدُرُ ، وبها الأشياء كافة تكون ، فكل أولئك من وصف الكمال المطلق ، إِنْ جمالَ العلم المحيط المقدِّر ، أو جلالَ إرادةٍ ومشيئة تَنْفُذُ ، فكل أولئك مما حَسُنَ فيه الإسناد إلى ضمير الفاعلين حكاية التعظيم ، ولا يخلو من مثال في العدد يكثر ، لا آحادا من القدماء تَثْبُتُ ، وإنما كثرة الوصف الذي يقوم بموصوف واحد في الأزل ، فهو الأول الذي لا أول قَبْلَهُ ، وبه حسم الممتنع من مادة التسلسل في المؤثرين أزلا ، وبه تصديق أخص لما عالج الحس من آي الإتقان والحكمة ، فلا تكون عن علة فاعلة بالطبع مجردة من الوصف ، وإنما تكون عن علم أول يحيط ، وَتَالٍ من الإرادة وبها الترجيح والتخصيص ، وثم الكلمات آنفة الذكر ، وبها ، لو تدبر الناظر ، تأويل لمعلوم أول في الأزل ، إن في الخلق أو في الأمر ، فالأول تأويل لشطر من التوحيد الذي جاءت به النبوات ، توحيد الخالق الأول ، ربوبيةً لأفعالِ الإيجادِ والرَّزق والتدبير تَسْتَغْرِقُ ، فـ : (هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) ، والثاني ، وهو الأمر ، تأويل لشطر ثان من التوحيد يَلْزَمُ ، فَثَمَّ ملزوم أول عنه يصدر ، وهو توحيد الرب الخالق ، جل وعلا ، الذي انفرد بأفعال الخلق والرَّزق والتدبير ، فلازمه آخر من توحيد في الأمر بما يكون من كلمات الخبر والإنشاء ، فـ : (إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) ، فَثَمَّ الخبر الصادق إن في الإثبات أو في النفي ، وثم الحكم العادل ، إن في الأمر أو في النهي ، وكلٌّ قد قام بذاتِ الخالق ، جل وعلا ، وَصْفًا ، فكان من الوحي المحكم وَصْفٌ له يثبت ، فهو من العلم الأول الذي أحاط فاستغرق المقدورات كافة ، فمنها الكونية ومنها الشرعية ، والوحي من كلمات التشريع مرجعا من خارج يُجَاوِزُ قد سَلِمَ مما لم تسلم منه المراجع المحدثة في الأرض من الهوى والحظ ، فكان من ذلك توحيد يحكي انفراد الرب ، جل وعلا ، بالخلق ، وانفراد الإله ، جل وعلا ، بالأمر ، وهو ما حُدَّ ، كما تقدم في مواضع ، حد القصر بتقديم ما حقه التأخير في آي من الذكر الحكيم : (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) ، وكلٌّ بالكلمات يُتَأَوَّلُ في الخارج ، فالكلمات تأويل لعلم أول قد عَمَّ فاستغرق المقدورات كافة ، الكونية والشرعية ، فكان من ذلك توحيد قد أجزأ ، إذ واطأ ما جاء به الوحي المحكم من انفراد الرب الحق بالخلق والتدبير ، فَلَا رب سواه ، وانفراد الإله الحق بالحكم والتشريع ، فلا معبودَ بحقٍّ سواه ، فذلك توحيد النبوات الذي أجاب عن سؤالات العلم والعمل ، ومنها سؤال الخلق ، وهو محل شاهد تقدم ، فأجاب بما يواطئ العقل والفطرة والحس ، وأجابت الحداثة بآخر من فرض التطور لم يخل من جُمَلِ تَحَكُّمٍ تخالف عن مقدمات الضرورة في القياس المحكم ، فثم الوجود المحدَث بلا موجِد أول ، وثم الفعل بلا فاعل ، وثم الحياة بلا مُحْيٍ ، والحركة بلا محرِّك ، ولو الخابط الذي يعبث ، وثم الانقسام والتراكب لا عن أول له من العلم تقدير يسبق ، وله من الإرادة تال يُرَجِّحُ ، فيكون من ذلك تخصيص وترجيح في جائز من المقدور الأول أن يخرج من العدم إلى وجود تال يصدق ، وبه حد يميز ضرورة بين الجائز الذي يفتقر إلى موجِب أول يسبق ، فامتاز من الواجب الأول ، واجب الوجود لذاته ، وذلك وصفه الذي يلازم فَلَهُ من ذلك أولية تطلق ، فَلَا يَفْتَقِرُ إلى سبب من خارج يسبق ، فهو يوجبه ، بل وجوب الأول المطلق : وجوب ذاتي لا يُعَلَّلُ ،، وله بعدا من وصف الفعل ما يرجح ، فهو الموجِب لا بذات مجردة من الوصف فاعلة بالطبع ، بل هو الموجِب بما تَقَدَّمَ من علم تقدير أول ، ومشيئة بَعْدًا تُرَجِّحُ ، وعنها كلمات التكوين تصدر ، فيكون من المخلوق بها ما يُصَدِّقُ علم التقدير الأول ، فَثَمَّ من ذلك ما يحكي ضرورةً الحد الذي يفصل ويميز : الواجب من الجائز ، وبه إبطال دعوى الحلول والاتحاد المحدثة ، فإنها مما عمت به البلوى في مثال الدولة الإله ، وآخر من الجنس الأرقى والشعب المختار ، فَلَهُ من وصف العرق والعنصر ما هو أَنْقَى ، وله من الدرجة ما هو أَرْقَى على قاعدة تَتَحَكَّمُ في الانتخاب الذي يصدر عن خبط عشواء ، فقد انتخب العرق الأعلى لا عن علم وإرادة ، وإنما خبطُ عشواء ، وكان من ذلك دعوى تَتَحَكَّمُ ،إذ اختصت العرق الأبيض بذلك أنه آخر حلقات التطور ، وبه نهاية التاريخ بإنسان هو الأخير ، فهو الأبيض الناصع ، وهو العاقل النابه ، فَثَمَّ من خصال الكمال في الْخَلْقِ الظاهر وَالْخُلُقِ الباطن ، ثم منها ما هاجر فَفَارَقَ الجنوب إلى الشمال حتى استقر فِي أمصار عليا يَقْطُنُهَا الْعِرْقُ الأرقى ، وليس ثَمَّ ، لو تدبر الناظر ، دليل إلا عَيْنُ الدعوى ، تحكما في تَرْجِيحٍ بلا مرجِّح ، فهو يصادر على المطلوب بدور باطل يُصَيِّرُ الدعوى هي الدليل ، فَلَيْسَ ثَمَّ دليل من خارج يجاوزها ، وهي صورة الخلاف التي لا يُسَلِّمُ بها المخالف ، فقد يقترح أخرى تضاهي وتعدل في الحد ، وتخالف في الوجه ، فما يمنع أن يكون العرق الأحمر أو الأسود أو الأصفر هو الأرقى ؟! ، فتلك دعوى تُطْلَقُ ولا دليل لها يُثْبِتُ ، وهي ، مع ذلك ، تجزئ في رَدِّ أخرى لا دليل لها يُثْبِتُ ، فَثَمَّ الاستواء في القدر ، والمخالفة في الوجه ، وبه التَّسَاقُطُ ، فَيَرْجِعُ الأمرُ أخرى إلى عدم ، فكلٌّ يصدر عن دعوى مجردة ، ولا دليل لها يشهد ، وكلٌّ قَدِ اتهم في دعواه بما كان من الهوى والحظ المحدث أَنْ يَعْلُوَ في الأرض ، ولو ظلما بلا حق ، فيكون هو الأرقى الذي اخْتُصَّ بأوصاف السيادة المطلقة ، بل والألوهية التي نَطَقَ بها بَعْضٌ فَأَفْحَشَ إذ قال : (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) ، فهو الإله الحاكم المشرِّع وهو أولا يَضَعُ التصور الذي يُحَسِّنُ وَيُقَبِّحُ ، والجمع له يتبع في مثال هرم هو القياس في حكومة الجور والاستبداد ، فَثَمَّ واحد بالعين ، وهو طاغوت ذو شخص في الخارج يثبت ، فَلَهُ من ذلك حقيقة في الخارج تُدْرَكُ بالحس ، فهو الحاكم المتحكِّم الذي يخالف عن مرجع من خارج هو المحكَم ، فَثَمَّ من المرجع الذاتي الذي لا يجاوز ، ثم منه ما تَشَابَهَ ، فإن الحكام على أنحاء تختلف إِذْ رُدُّوا إلى ذوات أرضيةٍ محدَثة ، فالمرجع هوى وذوق ، وإن تَلَمَّسَ لذلك دليلا من العقل ، بل ثم من يَحْتَجُّ بِأَدِلَّةٍ من النَّقْلِ قد صح لَفْظُهَا ، فيكون من التأويل ما يَحْرِفُهَا عن نَصِّهَا القاطع أو ظاهرها الراجح ، فَثَمَّ من التأويل ما تَرَاوَحَ بين البعيد والباطن ، وهو ما فتح ذَرَائِعَ بها النص يُحَرَّفُ ، فيخالف عن مراد المتكلم الأول ، إذ له من الكلام غاية وقصد ، وهو ما اتصل إسناده فَلَا يَنْقَطِعُ ، فَلَا يُنْسَخُ المعنى الأول أَنْ كَانَ ثَمَّ انقراض لجيل أول قد وَرَدَ هذا النص بِعُرْفِهِ المتداوَل في الكلام ، فَلَمَّا انْقَرَضَ فَعُرْفُهُ قَدِ انْقَرَضَ ، وَانْقَرَضَ معه مُرَادُهُ من الكلام الذي تَرَكَ ، فلم يَتْرُكْ إلا رمزا يُنْطَقُ أو آخر يُكْتَبُ ، وهو الوعاء الدلالي الذي أُفْرِغَ من مدلوله ، فَمَاتَ المتكلم الأول ، ومات معه المراد : عُرْفُ كلامٍ يُتَدَاوَلُ ومعنى هو المراد من الألفاظ ، إِنِ المفردةَ أو المركبة ، فَنُسِخَ معجم الألفاظ ، وَنُسِخَ قانون النظم في النطق ، وَمَا أُثِرَ عن الجيل الأول : خَطًّا في كِتَابٍ ، أو صَوْتًا يَقْرَعُ الآذان دون مدلول يتبادر بما يكون من ظاهرِ كلامٍ مفرَدٍ أو مركَّبٍ ، فَيُفِيدُ من الظن ما يغلب ، فهو ما يُسْتَصْحَبُ حتى يكون ثَمَّ قرينة من خارجٍ تُرَجِّحُ المؤول ، ولها من الشرط ما اعتبر ، فلا يكون من ذلك تحكم محض يُرَجِّحُ بلا مرجِّح ، أو يقترح من المعنى المؤول ما ظَهَرَ بطلانُه ضرورةً إذ يَفْرِضُ من المحال الممتنع لذاته ما لا وجود له يثبت في الخارج ، فليس إلا الفرض المحض تَنَزُّلًا في الجدال مع الخصم ، فَثَمَّ من المعنى : نَصٌّ يَقْطَعُ ، وثم آخر من ظاهرٍ يَرْجُحُ ، وهو ما يفيد ظنا يَغْلُبُ ، وذلك مما في الاستدلال يُجْزِئُ ، حتى يكون ثم قرينة معتبرة من خارج تُرَجِّحُ ضِدًّا هو المؤول ، فلا يكون المصير إليه بادي النظر تحكما فِي الاستدلال يخالف عن ظاهر أول قد ثَبَتَ ، فذلك ما استوجبَ ضرورةً الرجوع إلى مرجِعٍ محكَم من خارج يُبِينُ عن مدلولات الدوال الكلامية ، إن المفردة أو المشتقة أو المركبة أو رابعة أخص بما يكون من بَيَانٍ يدق بما اشتهر من عرف يُؤَدِّي المعنى بوجه من الكلام يَلْطُفُ ، كما الاستعارة والكناية ..... إلخ ، والعرف فيها يظهر ما لا يظهر في غير ، إذ لكلِّ لسانٍ طُرُقٌ مِنَ البيانِ الأخص ما يميزه من غير ، وهو ما يحصل فيه تفاوت آخر في اللسان الواحد ، فلكلِّ جِيلٍ من طُرُقِ البيانِ ما يَرْجِعُ إلى عرفه المتداول في الكلام ، وهو ما يطرأ عليه التغير ، وإن بعضا ، فذلك مما يخالف عن أصل أول ، وهو استقرار الدلالة في اللسان الواحد ، فَثَمَّ مواضع يَتَبَدَّلُ فيها المعنى إذ العرف يَتَبَدَّلُ ، فيكون منه تال يحدث ، وهو ، بداهة ، لا يصح دليلا على أول من الكلام قد ثَبَتَ ، بل العرف في جِيلٍ بِعَيْنِهِ لا يصح حكما في أول قد تَقَدَّمَ ، بل لا يحكم في كلام الأول إلا عُرْفُهُ الذي به نطق ، فَلَا يُحَمَّلُ كلامُه ما لا يحتمل من عرفٍ حادث بعد زَمَنَ النطق ، لا جرم وجب الرجوع إلى مأثور من كلامه المنقول بالسمع أو المدوَّن في الكتب ، إن المنظومَ أو المنثورَ ، وهو ما تقصدت الحداثة أَنْ تُبْطِلَ ، فَتَنْسَخَ منه ما اسْتَقَرَّ ضرورةً لدى المبدإِ ، فكان من ذلك تكذيبٌ أو تشكيكٌ في إِرْثٍ أول قد ثَبَتَ ، إِنْ مِنْ نَصِّ وحيٍ قد تَنَزَّلَ ، أو من ديوان كلام قد تحقق ، فيكذب النص الذي يخبر أو يشرع ، ويكذب المرجع الذي يُفَسِّرُ وَيُبَيِّنُ ، فلا يكون من الكلام إلا رَمْزٌ مجمَل ، لا مدلولَ له ، بادي النظر ، يَثْبُتُ ، إِنْ نَصًّا يَقْطَعُ ، أو ظاهرًا يَرْجُحُ ، فَثَمَّ من آثار من تَقَدَّمَ ، إن وحيَ سماءٍ أو آخر من كلام في الأرض قد حدث ، ثم منه : دالة ومدلول ، دَالَّةُ لفظٍ ، ومدلول هو المعنى الذي يحكيه اللفظ ، ولا بد له من أول من المرجع يَثْبُتُ ، إن من المعجم أو من الاشتقاق أو من النحو المركب أو تال من البيان يلطف ، على تفصيل قد تقدم .

والله أعلى وأعلم .


رد مع اقتباس
 
   
الكلمات الدليلية (Tags)
الكلام, دلالات
   


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...

   
   

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات التربية الاسلامية جنين