وآخرون يسخرون من أناس بسبب ألوانهم
وغيرها من المسببات الواهية
التي لاتولد إلا الكره والبغض والحقد
والحزازيات التي تزيد الفرقه
وتشق الصف وتورث البغضاء بين المسلمين
الذين ينبغي أن يكونوا أمة واحدة
على قلب رجل واحد يسعى بذمتهم أدناهم.
ونظراً لأن هذاالأمر خطير وأن عاقبتهم سيئة
فقد حذرنا ربنا تبارك وتعالى منه
ونادانا بنداءالإيمان :
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ))) :
نداء تلطف ورحمة
أي يامن اتصفتهم بهذه الصفة العظيمة
التي اجتمعتم عليها وانطويت تحت لوائها
وهي صفة الإيمان
لا الحسب
ولا النسب
ولا المال
ولا الجاه
ولا اللون
ولا غيرها
((لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ)) :
أي لايهزأ جماعة بجماعة ،
ولا يسخر أحد من أحد
فقد يكون المسخور منه خيراً عند الله من الساخر
((وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ))
وأيضا لايسخر نساءٌ من نساءٍ
فعسى أن تكون المحتقرة خيراً عندالله وأفضل من الساخرة
((وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ )):
أي ولايعب بعضكم بعضا
ولايدع بعضكم بعضاً بلقب السوء
وإنما قال أنفسكم
لأن المسلمين كنفس واحدة
بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ
أيبئس أن يسمى الإنسان فاسقاً بعد أن صار مؤمناً،
قال البيضاوي :
وفي الآية دليل على أن التنابز فسق
وأن الجمع بينه وبين الإيمان مستقبح
وفي الحديث :
(يامن آمن بلسانه
ولم يفض الإيمان إلى قلبه
لا تغتابوا المسلمين
ولاتتبعوا عوراتهم
‘ فإنه من يتبع عورة أخيه
يتبع الله عورته
ومن يتّبع الله عورته يفضحه
ولو في جوف بيته) أخرجه الحافظ
. وختم الآية بقوله تعالى:
(( وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ))
أي ومن لم يتب عن اللمز والتنابز فأولئك هم الظالمون
حيث أنهم قد ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب
بسبب إقحامها في معصية الله وارتكاب ماحرم عليها.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم
أن يحرم أجسادنا وأجسادكم
ولحومنا ولحومكم على النار
وأن يعف ألسنتنا عن أعراض المسلمين
وأن يحفظ ألسنتنا من الغيبة والنميمة
ومساوئ الأخلاق
وأن يعفو عن خطأنا ونسياننا
وأن يلهمنا رشدنا
ويغفر ذنوبنا
ويسترعيوبنا في الدنياوالآخرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.