بارك الله فيك أخ محمد واسمح لي بالإضافة
أقوال العلماء في البسملة في الفاتحة وسائر السور
السؤال
يوجد أمر محيرني بشدة من فترة والمشكلة أني ما سألت أحدا عنه هذا الأمر وهذه أول مرة أسأل عنه هنا ...
وهو لماذا تُحسب البسملة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في بداية سورة الفاتحة كآية ؟ أي بعد بسم الله الرحمن الرحيم نجد رقم واحد رغم أنها بسملة وهذا الموضوع غير موجود إلا في سورة الفاتحة .
وشكرا.ً
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اتفق أهل العلم على كتابة البسملة في المصحف بداية كل سورة ماعدا سورة براءة، وقد اختلفوا في عدها آية من بداية كل سورة، أو هي آية من الفاتحة دون غيرها من السور، أو هي آية نزلت للفصل بين السور وليست آية من الفاتحة ولا من غيرها، أو ليست من القرآن أصلا؛ إلا ما في آية النمل: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ{النمل:30}. وإنما يؤتى بها للتبرك باسم الله تعالى وهو أضعف الأقوال.
هذا؛ وقد قال ابن العربي المالكي: من قال إنها ليست بآية في أوائل السور لم يكفر لأنه موضع خلاف، ومن قال إنها ليست من القرآن كفر لوجودها في آية النمل، وعلى هذا؛ فمن أخذ بالعد المدني لا يعد بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة ولا من غيرها، ومن أخذ بالعد الكوفي عدها آية من الفاتحة دون غيرها، ونجد الإشارة إلى هذا التفصيل في المصاحف المطبوعة برواية حفص عن عاصم فهي تعد البسملة آية من الفاتحة، وهذه المصاحف هي المنشرة في المشرق. أما المصاحف المكتوبة برواية قالون وورش عن نافعفإنها لا تعد البسملة آية من الفاتحة، ومصاحف قراءة نافع أكثر انتشار في بلاد المغرب. مع اتفاقهم على كتابتها في بداية كل سورة ـ كما أشرنا ـ ما عدا براءة، واتفاقهم على أن الفاتحة سبع آيات، فمن عد البسملة آية لم يعد: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ.آية ، والذين لا يعدون البسملة آية يعدون: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، آية وبعدها: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ...
والحاصل أن الذي جعلهم يحسبون البسملة آية من بداية الفاتحة دون غيرها هو اتباعهم للعد الكوفي الذي طبعت عليه المصاحف التي بين أيدينا، وهو يوافق العد المكي في عدها آية من الفاتحة. وعدد الآيات القرآنية توقيفي يعتمد فيه على الرواية والأخذ من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين أقرأهم القرآن.
صليت بالناس إماما وقد نسيت أن أقرأ البسملة في الفاتحة والسورة التي تليها سراً وقد سجدت للسهو فهل عليّ شيء؟.
السؤال
صليت بالناس إماما وقد نسيت أن أقرأ البسملة في الفاتحة والسورة التي تليها سراً وقد سجدت للسهو فهل عليّ شيء؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اتفق القراء على وجوب قراءة البسملة في بداية الفاتحة، سواء كان القارئ مبتدئًا القراءة أو في أثنائها. كما اتفقوا على وجوب الإتيان بها في ابتداء ما سوى الفاتحة من السور إلا سورة التوبة، فإنها لا تبتدأ بها. قال ابن بري : ولا خلاف عند ذي قراءة=====في تركها في حالتي براءة وذكرها في أول الفواتح=====والحمد لله لأمر واضح وقال الشاطبي: ومهما تصلها أو بدأت براءة=====لتنزيلها بالسيف لست مبسملاً ولابد منها في ابتدائك سورة=====سواها وفي الأجزاء خُيِّـر من تلا وقد اختلف في عدها آية من آيات الفاتحة وفي عدمه كُـتّابُ المصاحف مع اتفاقهم جميعًا على كتابتها، وعلى أن الفاتحة سبع آيات، فهي آية من الفاتحة في المصحف المكي والمصحف الكوفي، وليست آية مستقلة في المصحف المدني والشامي والبصري. قال عبد الفتاح القاضي في نظم عد الآي: والكوفِ مع مكٍ يعد البسملة=====سواهما أولى عليهم عدله فإذا علمت كلام القراء فيها، فاعلم أن الفقهاء اختلفوا في كونها آية في الفاتحة، لا تتم الفاتحة إلا بها، وعليه فلا تصح الصلاة دونها، وفي كونها ليست آية منها، فذكر ابن قدامة في المغني، والنووي في المجموع، وابن حزم في المحلى: أن الشافعي وابن المبارك وأحمد في رواية عنه جعلوها آية مستقلة، ولا تصح الصلاة دونها. ورجح هذا المذهب النووي وابن حزم. ومن أوضح حجج هذا المذهب حديث الدارقطني والبيهقي : إذا قرأتم الحمد لله، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم الكتاب والسبع المثاني، بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها. والحديث صحيح، كما قال الألباني في صحيح الجامع، وصحح ابن حجر كونه موقوفًا. وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد -في رواية ذكر ابن قدامة في المغني أنها الرواية المنصورة عند أصحابه- إلى أن البسملة ليست آية مستقلة في الفاتحة. ومن أوضح ما احتجوا به ما أخرجه الإمام مالك في الموطأ، والإمام مسلم في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك وتعالى : قَسَمْتُ الصلاَةَ بَـيْنِي وَبَـيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: اقْرَأُوا يَقُولُ الْعَبْدُ (الْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ). يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: حَمَدَنِي عَبْدِي... محل الشاهد أنه بدأ الفاتحة بالحمد لله رب العالمين، ولم يذكر البسملة. ويضاف إلى هذا ما استفاض من عدم جهر الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه بها في الصلاة، كما في حديث أنس رضي الله عنه قال: صَلّيْتُ خَلْفَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. فَكَانُوا يستَفتحونَ بِـ(الْحَمْدُ لله رَبّ الْعَالَمِينَ)، لاَ يَذْكُرُونَ (بِسْمِ الله الرّحْمَنِ الرّحِيمِ) فِي أَوّلِ قِرَاءَةٍ، وَلاَ فِي آخِرِهَا. رواه مسلم ، وفي روايةابن خزيمة : يُسِرُّونَ. وفي رواية لأحمد وابن حبان -صححها الأرناؤوط-: لا يَجْهَرون بِـ(بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ). ومن هنا يعلم السائل أن مسألة البسملة في الفاتحة وما يترتب على تركها من المسائل الخلافية التي بحث فيها العلماء قديمًا ولم يصلوا فيها إلى ما يقطع النزاع ويرفع الخلاف. وعليه فمن قلد من لم ير أنها آية من الفاتحة فلا يسجد لتركها لا في الفاتحة ولا في السورة بالأولى، ومن قلد مخالفيه أعاد الصلاة إذا لم يتذكر أنه تركها، إلا بعد فوات التدارك، ولا يكفي السجود عنها. والله أعلم.