نكمل بقية الحديــث
4 - " ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا ، كلما دنا من حوض منع وطرد ، فجاءه صيام شهر رمضان
فأسقاه وأرواه "، وهذا دليل على شدة الموقف يوم القيامة ، وقد تكون أعمال ذلك الرجل ضعيفة ، يضيّع كثيراً من الحقوق ، فلم يؤهله رصيده الأخروي للدنوّ من الحياض إلا بشفاعة أو إذن ، فلما وصله الدعم الإلهي والرحمة الربّانيّة - وقلْ : وصلته بطاقة السماح ، وهي الصيام ،كما قال تعالى : في الحديث القدسي : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " لما للصيام من ثواب كبير وأجر عظيم – جاءه الفرج فروى ظمأه ، نسأل الله تعالى أن يروينا بيد الحبيب المصطفى شربة لا نظمأ بعدها أبداً.
5- " ورأيت رجلا من أمتي ورأيت النبيين جلوسا حلقا حلقا ، كلما دنا إلى حلقة طرد ومنع ، فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي " وهذا موقف يدل على مكانة الطهارة المادية والمعنوية في الإسلام ، والنبيون الكرام رمز تلك الطهارة ، فهم أنبياء الله تعالى والمخلـَصون من خلقه لا يجلس معهم ولا يدنو منهم – في ذلك الموقف - إلا الطهور قلباً وبدناً ، وهذه لفتة كريمة إلى الطهارة ألا ترى معي كيف علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ندعو للميت " اللهم اغسله بالماء والثلج والبرَد ، ونقـّه من الخطايا كما يُنّقـّى الثوب الأبيض من الدنس "؟ فإذا بالطاهر من أمة النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه الله تعالى أن ينال حظوة ما بعدها حظوة وهي الجلوس قرب الحبيب صلى الله عليه وسلم ونيل شرف التقرب إليه . اللهم ارزقنا تلك الحظوة واحشرنا في زمرته صلى الله عليه وسلم .
6- " ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة ، ومن خلفه ظلمة ، وعن يمينه ظلمة ، وعن يساره ظلمة ، ومن فوقه ظلمة ، وهو متحير فيه ، فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور ، " تصوير مخيف ، مخيف لرجل يحيط به من كل مكان ظلام دامس ، لا يستطيع عنه فكاكاً ، ولا منه خلاصاً ، إنه موقف رهيب ، فقد يتحرك خطوة تودي به في حفرة من حفر النار – والعياذ بالله - ، فما المخرج ، وإلى أين الملجأ ؟ يدعو الله تعالى أن يبصّره ليمضي إلى حيث الأمان والنجاة .. وإذا بالحج والعمرة ينقذانه مما هو فيه . إنه تحمّل مشاق الحج وصعوبة العمرة من بذل للمال ، وتحمل لمشاق السفر ، يرجو بذلك رضوان الله تعالى والنجاة من النار والفوز بالجنة ، والله تعالى "لا يظلم مثقال ذرة ، وإن تكُ حسنة يضاعفها ، ويؤت من لدنه أجراً عظيماً " فإذا بركن الإسلام الخامس ينقل العبد إلى حيث النور ، ومن كان في النور فقد وصل بر الأمان ولندعُ كما كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يدعو ( اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي بصري نورا ، وفي سمعي نورا ، وعن يميني نورا ، وعن يساري نورا ، وفوقي نورا ، وتحتي نورا ، وأمامي نورا ، وخلفي نورا ، واجعل لي نورا( .
يتبـــع