لماذا لم يقسم سبحانه بالليل إذا سجى أولاً ثم الضحى؟
الضحى هو نور الوحي وكان السكون بعد الوحي وكان القسم على اثر انقطاع الوحي
فانقطاع الوحي هو الذي تأخر وليس العكس لذا جاء قسم الضحى أولاً ثم الليل.
لماذا تكررت كلمة ربك في هذه السورة؟
الرب معناه انه هو المعلم والمربي والمرشد والقيم وكل آيات السورة مرتبطة بكلمة
الرب (ألم يجدك يتيماً فآوى....) اليتيم يحتاج لمن يقوم بأمره ويرعاه ويعلمه
ويوجهه ويصلح حاله وهذه من مهام الرب واليتيم يحتاج هذه الصفات في الرب أولاً
ثم إن الضال يحتاج لمن يهديه والرب هو الهادي والعائل أيضاً يحتاج لمن يقوم على
أمره ويصلحه ويرزقه فكلمة الرب تناسب كل هذه الأشياء وترتبط بها ارتباطاً
أساسياً ، وكثيراً ما ارتبطت الهداية في القرآن الكريم بكلمة الرب (ربنا الذي أعطى
كل شيء خلقه ثم هدى) (يهديهم ربهم بإيمانهم) (الحمد لله رب العالمين....اهدنا
الصراط المستقيم)
لماذا حذف المفعول للأفعال: فآوى ، فأغنى، فهدى مثلما حذف في فعل قلى؟
ذكر المفسرون هنا عدة آراء منها : أن الحذف هو لظهور المراد لأنه تعالى كان
يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم والمعنى واضح ، وقسم قال إنها مراعاة
لفواصل الآيات حتى لا يقال آواك وأغناك وهداك فتختلف عن فواصل باقي الآيات
ولكن كما سبق آنفاً قلنا إن القرآن الكريم لا يراعي الفاصلة على حساب المعنى مطلق
اً وهي قاعدة عامة في القرآن: المعنى أولاً ثم الفاصلة القرآنية ومثال ذلك الآية في
سورة طه ( إلهكم واله موسى فنسي) وكانت الفاصلة في باقي السورة مختلفة
وعليه فان الحذف هنا جاء للإطلاق والدلالة على سعة الكرم. فآوى بمعنى فآواك
وآوى لك وآوى بك وأغناك وأغنى لك وأغنى بك وهداك وهدى لك وهدى بك ، فلو
قال سبحانه وتعالى فوجدك عائلا فأغناك لكان الغنى محصوراً بالرسول صلى الله
عليه وسلم فقط لكن عندما أفاد الإطلاق دل ذلك على انه سبحانه أغنى رسوله
وأغنى به وبتعليماته فيما خص الإنفاق وغيره خلقاً كثيراً وأغنى له خلقاً كثيراً
وكذلك آوى الرسول صلى الله عليه وسلم وآوى به خلقا كثيراً بتعاليمه الكثيرين
وتعاليمه كانت تحض على رعاية اليتامى وحسن معاملتهم واللطف بهم وآوى لأجله
الكثير من الناس لان من الناس من يؤوى اليتامى حبا برسول الله وطمعا في صحبة
الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة كما ورد في الحديث: أنا وكافل اليتيم كهاتين
وأشار إلى إصبعيه. وكذلك بالنسبة للهداية فالله تعالى هدى رسوله الكريم وهدى به
خلقاً كثيراً ( وانك لتهدي إلى صراط مستقيم) وهدى له ولأجله من أراد سبحانه
وتعالى ، إذن خلاصة القول أن الحذف هنا جاء لظهور المراد وفواصل الآيات وسعة
الإطلاق كلها مجتمعة لا يتعارض احدها مع الآخر. وكذلك تناسب سعة الإطلاق هنا
قوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى). فالحذف هنا جاء للعموم والإطلاق في
المعنى.
لماذا ترتيب الآيات على هذا النحو؟
" أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى (8) "
هذا هو الترتيب الطبيعي في الحياة. اليتم يقال لمن فقد والديه أو احدهما وهو دون
سن البلوغ فإذا بلغ انتفت عنه صفة اليتم ، وإذا بلغ دخل في سن التكليف الشرعي
فهو يحتاج إلى الهداية ليتعلم كيف يسير في الحياة قبل أن يكون فقيراً أو غنياً وكيف
يجمع المال الحلال لأن كل مال جمع من غير طريق الهداية هو سحت ثم تأتي العيلة
وهي أمر آخر بعد البلوغ ؛ من الناس من يكون فقيراً أو غنياً وعلى الاثنين أن يسيرا
وفق التعاليم التي تعلماها بعد البلوغ مباشرة وهذا طبيعي ويمر به كل الخلق فهذا
هو التسلسل الطبيعي في الحياة.لذا فقد بدأ سبحانه بالحالة الأولى (اليتم) ثم إذا بلغ
تأتي الهداية في المرتبة الثانية ، وثالثاً العائل والغني يجب أن يسيرا على الهداية.
- قوله ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)
القهرفي اللغة : هو التسلط بما يؤذي ولا تقهره بمعنى لا تظلمه بتضييع حقه ولا
تتسلط عليه أو لا تحتقره أو تغلب على ماله ،كل هذه المعاني تدخل تحت كلمة القهر.
السائل اختلف المفسرون فيها فقال بعضهم : هو سائل المال والمعروف والصدقة
ومنهم من قال : انه سائل العلم والدين والمعرفة وقسم قال انه مطلق ويشمل
المعنيين ، فسواء كان السائل سائل مال وصدقة أو سائل علم ومعرفة يجب أن لا
ينهر مهما كان سؤاله. لا يصح أن يزجز أو ينهر سائل المال أو سائل العلم والدين .
إذا كان سائل مال أعطيناه أو رددناه بالحسنى وسائل العلم علينا أن نجيبه ونعلمه
أمور الدين.
أما النعمة فقال بعض المفسرين إنها النبوة وتعاليمها وقال آخرون إنها كل ما أصاب
الإنسان من خير سواء كان في الدنيا أو الآخرة. وقال آخرون إنها نعمة الدين (اليوم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (ما أنت بنعمة ربك
بمجنون) والواقع أن النعمة هنا أيضاً تشمل كل هذه المعاني فهي نعمة الدين يجب
أن يتحدث بها ويبلغ عنها وهي نعمة الدنيا والله سبحانه يحب أن يرى اثر نعمته
على عباده وان يتحدث الإنسان بنعم الله عليه وان يظهرها والنعمة عامة في الدنيا
والدين وعلى الإنسان أن يحدث بهذه النعمة. (النعمة بفتح النون وردت في القرآن
بمعنى العقوبات والسوء كما في قوله (ونعمة كانوا فيها فاكهين) (الكافرين أولي
النعمة