نعم أخي الكريم أعلم الظروف التي قتل فيها الحجاج سيدنا سعيد بن جبير... وأعلم الظروف التي استلم فيها العراق...
الغريب في حديثك أخي محمد أنت والأخت سعاد أنكم تركزون على ما يقال عن حسناته...وتقول أن ثمة علماء كثر أثنوا عليه...أين هم ؟ أكثر عالم حاول تفهم قسوة ولاة الأمويين هو ابن كثير ورغم ذلك نجده هو والذهبي وكلاهما شاميان يقولان كما ذكرت لنا أنت مشكوراً (وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبهِ) ومَن من طغاة الأرض ليس له حسنات مغمورة في بحر ذنوبه؟ أليس لبشار الأسد والقذافي ومبارك حسنات مغمورة في بحر ذنوبهم؟ فهل على المرشحين الإسلاميين في مصر أن يركزوا عليها في دعوتهم ضد الطغيان؟
وتتحدثون وكأنني أول إنسان يعتبر الحجاج طاغية!!! هذا القرضاوي المعتدل جداً والمدافع عن التاريخ الأموي في كتابه الأخير (تاريخنا المفترى عليه) يعتبره طاغية وله مؤلف مفرد سابق عنوانه عالم وطاغية!!!فهل القرضاوي شعوبي أو متأثر بالشعوبية؟
بالنسبة لتكفير الحجاج ذكرت لك أن من كفره علماء كبار : منهم عاصم بن أبي النجود 120هـ الذي نقرأ القرآن على قراءته (رواية حفص عن عاصم....) عاصر طغيان الحجاج وكذلك الشعبي 110هـ وابن جبير 94هـ وإبراهيم النخعي 96هـ ومجاهد وغيرهم وقد نقل ابن حجر ذلك موافقاً...فلماذا الاعتراض على نقلي هذا التكفير؟ أين المشكلة في ذلك؟ هل مشايخ اليوم أكثر علماً بالحجاج من معاصريه من سادة التابعين الذين نقلوا لنا القرآن والسنة والتاريخ؟!
أما عن ما يقال عن فتوحاته حتى الصين فهذا يحتاج لتوضيح...وآمل أن يتسع وقت الزملاء لذلك:
1-وصلت فتوحات المسلمين في زمن الراشدين حتى أفغانستان وأرمينيا ... وفيما كان الحجاج منشغل (بفتح) مكة لمدة عام كان مسلمة بن عبد الملك يتولى التوغل في أعماق الهند...
2-عندما تولى الحجاج العراقين (الكوفة والبصرة) وقعت قلاقل في المناطق الإسلامية المفتوحة في الهند فأصدر الحجاج أوامره بإعادة الاستقرار لتلك المناطق...
3-كان الحجاج يتعمد إرسال أهل الكوفة لمعارك وهمية أحياناً في أعماق الهند حتى تخلو الكوفة من شبابها حيث كانت مصدر المعارضة الأول في الدولة...
4-لم يكن الحجاج رجل (فتح) بالمعنى الديني الدعوي ...مثلاً عندما استلم علي بن أبي طالب الراية لفتح خيبر أوصاه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يتحرك للفتح (لئن يهد الله بك امرءً خير لك من حمر النعم) رغم أن خيبر حصن يهودي واليهود كانوا غالباً ميؤوس من إسلامهم...فيما نجد الحجاج استمر في فرض الجزية على مَن كان يسلم من أهل الذمة!!! فهل هذه شخصية فاتح أم شخصية رجل دولة يجبي ضرائب وجزية وخراج ليستمتع بها أسياد القصور في ذلك الزمان؟ لهذا كان يحبه الحكام الظلمة ويثبتوه في حكمه لكن العظيم عمر بن عبد العزيز حفيد الفاروق عمر طالما نادى بفصله عندما كان والياً على المدينة زمن الخليفة الوليد، حيث كانت المدينة ملاذاً للمشردين من بطش الحجاج في العراق فما كان من الوليد إلا أن عزل عمر وكان ابن جبير لاجئاً في المدينة بكل أمان لكن بعد عزل عمر وصلته يد الحجاج فقتله صبراً...هذه هي الظروف التي قتل فيها سيد التابعين ابن جبير يا أخي الكريم...